الهديل

لبنان دولة بدون جمارك ودوائر عقارية وإدارة مرور!

 

 

كتب عوني الكعكي:

لا نبالغ حين نقول: إنّ الدولة مستمرّة من دون المقوّمات الأساسية لوجود دولة.

إذ من يصدّق أنّ الدولة التي تحتاج الى كل ليرة لبنانية تدخل الى صندوقها كي تقوم بالمصاريف المتوجبة عليها، تعيش من دون موارد أساسية للدخل: أعني هنا ثلاث مؤسّسات رئيسية، تعطي مداخيل بالمليارات.

ونبقى في السؤال نفسه لنقول: إنه منذ تاريخ 2022/10/25 أقفلت مصلحة تسجيل السيارات، أي ما يسمّى بالعامية “النافعة”، أبوابها والسبب ان القاضية غادة عون التي تعتبر نفسها أشرف وأنبل وأطهر وأجرأ قاضية في العالم، وأنّ ضميرها لا يرضى لها أن تسمح لموظفين يتقاضون رشى فتتركهم يخربون الدولة وسمعتها وصدقيتها.

أنا هنا لا أدافع عن أيّ مُرْتشٍ، ولا يمكن أن أقبل أن يكون في بلادي مرتشون.. ولكن فلندخل في صلب الموضوع ونتوقف عند الأمور التالية:

أولاً: وليس دفاعاً عن أيّ مُرْتشٍ نقول يجب محاسبته ومعاقبته، ولكن منذ 2202/10/25 وحتى اليوم، أوقف أكبر عدد من الموظفين في مصلحة تسجيل السيارات في الدكوانة وفي الاوزاعي وفي جونية، وإلى اليوم لا يزال هؤلاء الموظفون موقوفين بدون أي محاكمة، فهل هذا يجوز؟!.

ثانياً: في كل بلاد العالم من المعروف ان هناك ما يُسَمّى “بخشيش” أو هدية تقدّم للموظف عندما يقوم بعمل ما، حتى لو كان هذا العمل وظيفة. فلا مانع من إعطائه إكرامية، فهناك مثل يقول “المركب الذي لا يوجد فيه شيء لله يغرق”.

ثالثاً: هناك سؤال بديهي وهو: هل يتقاضى أي موظف أو مسؤول في الدولة اللبنانية كلها الراتب الذي يستطيع أن يعيش به، ويعلّم أولاده ويطبّب عائلته، من أعلى الرتب الى أصغرها، مع احترامي وتقديري للجميع… لا يستطيع أن يعيش؟ لذلك رأينا العماد جوزيف عون قائد الجيش يبحث عن مساعدات ليؤمن بها الدعم للرواتب والطبابة وغيرها، وكذلك يفعل اللواء عماد عثمان في التفتيش عن مساعدات ليَسُدّ العجز والتقصير في الموازنة المقدمة له من الدولة.

وأيضاً نرى اللواء عباس ابراهيم مدير عام الأمن العام، الذي هو أيضاً يستغل صداقاته للحصول على مساعدات لعناصر الامن العام.

كلُّ هذا يحدث اليوم بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وقد حدث مثل هذا قبل الآن عامي 1988 و1989 أيام الجنرال ميشال عون الذي عُيّـن رئيس حكومة عسكرية، وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو الذي يدعم الجيش وقوى الامن الداخلي من ماله الخاص ولم يكن يومذاك في السلطة.

بالعودة الى هذا الموضوع الحسّاس وهو ان الموظف لا يحصل من الدولة على المال الذي يكفيه ليعيل عائلته ويعلّم أولاده ويطبّبهم، فماذا يفعل؟

طبعاً، لا يستطيع اليوم أن يدفع ثمن صفيحة بنزين لسيارته، هذا إذا كان يملك سيارة.

يا جماعة الخير، يا حضرة المسؤولين.. لا بد أن نعيد النظر بهذا الموضوع الأساسي في موازنة الدولة، خصوصاً وللعلم، ان مدخول الدولة، من دائرة تسجيل السيارات في الدكوانة 3 مليارات ليرة لبنانية يومياً، لذلك نتمنى على الحاكمين ما يلي:

أولاً: البَتّ في موضوع المحاكمات والوصول بأسرع وقت الى أحكام.

ثانياً: التراجع عن قرار عدم السماح لأي موظف أحيل الى القضاء بالعودة الى مركزه، لأنّ هذا مخالف لأبسط الحقوق الانسانية.

ثالثاً: ما دامت المحاكمات لا تزال تأخذ الوقت الطويل، وبما انه يوجد في الدولة فائض كبير من الموظفين فيجب الاستعانة بهم بدل الموظفين المحالين على القضاء ليصار الى عدم توقف العمل في مؤسّسة أساسية تدر أموالاً الى خزينة الدولة.

أخيراً، لنا عودة الى هذا الملف بالنسبة الى الجمارك، وإلى الدوائر العقارية التي هي متوقفة عن العمل أيضاً، وللعلم أيضاً فإنّ مدخول الدوائر العقارية السنة الماضية وصل الى 1750 مليار ليرة لبنانية.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version