خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
بانتهاء هذا الشهر سيتضح ما إذا كان هناك “توافق سياسي” على التمديد للواء عباس ابراهيم من خلال موافقة مجلس النواب على مشروع قانون مكرر في جلسة يعقدها الأسبوع المقبل.
والمقصود بالتوافق هنا، هو بالدرجة توافق بين الثنائي الشيعي على التمديد للواء ابراهيم؛ ومن التوافق بين رغبة حزب الله بعقد جلسة تشريع الضرورة التي بخلالها سيتم تمرير قانون التمديد للواء ابراهيم وبين التيار الوطني الحر..
إن نصاب عقد جلسة التمديد لإبراهيم هو ٦٥ نائباً ويتم تمرير التصويت بنصف هؤلاء زائد واحد.
والواقع أن قضية التمديد للواء ابراهيم تطرح إشكالية من نوع آخر، وهي ليس ما إذا كان التمديد آلية غير مرحب بها، بل ما إذا كان عدم التمديد هو قرار حكيم في هذا الظرف العام؛ وفي ظرف موقع ابراهيم الاستثنائي داخل مواجهة واقع أن لبنان في أزمة وورطة ومشكلة.
يستطيع اللواء عباس ابراهيم أن يطالب بالتمديد لنفسه تحت بند ضرورة استمرار حاجة الدولة إليه؛ ويستطيع عباس ابراهيم أن يطالب بالتمديد لنفسه تحت بند حاجة الثنائي الشيعي إليه، وأيضاً تحت بند حاجة الدولة والحكومة لذراع خاص ينزل وراء خطوط المشاكل الحرجة وينفذ جراحة حلها.
وعلى مدار السنوات الماضية الكثيرة، مارس اللواء ابراهيم هذا النوع من المهمات الخاصة في غير مكان من العالم، ما أفاد مصالح الدولة والبلد العليا..
والسؤال – المعيار الذي يجب طرحه الآن لحسم المفاضلة بين هل يجب التجديد للواء ابراهيم من عدم التجديد له، هو التالي: أين مصلحة البلد والدولة والأمن العام بالتجديد لعباس ابراهيم في منصبه؟؟..
والسؤال يصبح أكثر دقة فيما لو طرح بالصيغة التالية: هل انتهت حاجة الدولة والحكومة والبلد لهذا النوع الخاص من المهام التي نجح اللواء ابراهيم في تنفيذها، وراكم خبرة فيها وأضاف للبنان مراديد إيجابية؟؟.. ويحق للبعض أن يطرح سؤالاً اعتراضياً على السؤال الآنف من قبيل القول: أليس بالإمكان إسناد مهام اللواء ابراهيم الخاصة لضابط آخر، وبذلك يتم احترام مبدأ تداول السلطة وفق الدستور؟؟..
وهنا تبرز إجابة عن هذا السؤال، بسؤال آخر وهو: هل الدولة لديها في ظرفها الخاص حاجة خاصة واستثنائية لاستمرار إفادتها من قدرات اللواء ابراهيم الخاصة وعلاقاته الثمينة؟؟ إذا كان الجواب بنعم؛ فإنه يصبح السؤال التالي المطروح هو: هل اللواء ابراهيم لم يعد نتيحة سنه، قادراً على الاستمرار بهذا الدور؛ ولذا اقتضت ظروفه الإستغناء عن مهماته؟؟
..وما يجدر التوقف بشأنه هنا هو قضية عامة؛ ولكن حالة تقاعد اللواء ابراهيم تنطبق عليها؛ ومفادها جدوى تقاعد الموظف وهو في عز خبرته المهنية وعز القدرة الذهنية على العطاء. و يمكن القول أن المثل الراهن حول تقاعد اللواء ابراهيم في وضعه الراهن، يحرض أكثر على طرح موضوع ضرورة تصحيح سن التقاعد من الخدمة العامة، بحيث يتم تحديد “سن للتقاعد” يراعي أن لا يحرم القطاع العام من عطاءات الموظف حينما يكون بعز عطاء خبرته.
..وتقول أحدث التقويمات عن جدوى الوظيفة، أن عمرها هي ثلاث مراحل:
الأولى ويحصل خلالها الموظف على التدرب العملي على مهمته..
والمرحلة الثانية يراكم خلالها الموظف خبرة في مهمته؛ والمرحلة الثالثة يصبح خلالها الموظف قادراً على “تقديم عطاء نوعي من خبرته”..
وما يحصل في لبنان هو أن سقف سن التقاعد المعمول به، يؤدي إلى حرمان القطاع العام من “عطاء خبرة الموظف”، لأن سن التقاعد المعتمد، يحيل الموظف وهو في عز هذه المرحلة إلى التقاعد…
والواقع أن السؤال الذي يعتبره معارضو التمديد لعباس ابراهيم هو الأكثر وجاهة، يقول التالي: في حال تم التمديد للواء إبراهيم، سيخلق ذلك “سابقة” تضر بمبدأ تداول السلطة؟؟
ويحق للمدافعين عن التمديد لإبراهيم الإشارة في معرض الإجابة عن هذا السؤال/الإشكالية، الى أمرين أساسيين: الأول أن “السابقة” في تعريفها اللفظي والعملي، هي الفعل الذي يحصل لأول مرة؛ بينما التمديد لموظفين كبار حصل مرات كثيرة في الدولة، وذلك لأسباب ومبررات أقل أهمية من تلك التي تقدم حالياً في سياق التمديد للواء ابراهيم.
..وعليه – وهنا الأمر الثاني – يصبح التمديد للواء ابراهيم هو نوع من “تمديد الحاجة” الذي يقتضيه “ظرف البلد الخاص” الذي يحتاج “لمهام اللواء ابراهيم الخاصة”.. أما السؤال عن إمكانية وجود ضباط لهم مواهب ابراهيم يمكن استبداله بأحدهم؛ فإن الجواب هو: بالتأكيد يوجد ضباط لهم مواهب وقدرات جيدة؛ ولكن الإشكالية هنا ولا نقول المشكلة، تقع مع الحاجة الراهنة للإفادة من التجربة في مجال راكم فيه اللواء “خبرة ناجحة وموثوقة”.. وأهمية هذه الميزة انها تناسب ظرف البلد الذي هو في سباق مع الوقت للإفادة من النجاحات وليس في رخاء مع الوقت لتجريب النجاحات. وتقع أيضاً في أن البلد يحتاج للإفادة من اكتناز علاقات اللواء ابراهيم في وقت يمر فيه لبنان في أزمة تناقص وتعثر علاقاته الخارجية..
إن ما تقدم لا يعني أن أزمات البلد أو بعضها تحلها قدرات شخص، وليس قدرات المؤسسات في الدولة، بل تعني أن البلد يجب أن يحافظ على نقاط القوة الموجودة في الإدارة العامة. ولو بشكل استثنائي، وذلك في حال ظهر في الظرف الصعب أن ذلك مفيداً ومقنعاً وجدواه ظاهراً للعيان.. وضمن هذا السياق هناك رؤية تؤكد أن بقاء اللواء ابراهيم في منصبه لتقطيع الجزء الصعب من الوضع في الداخل ومن العلاقة مع العالم الخارجي، هو “إجراء حاجة” يمكن إدراجه تحت بند خدمة مصالح في الأمن القومي للبلد؛ وهي مصالح تحتاج لعلاجات تنتمي للمهمات الجراحية الدقيقة؛ وطالما أن الدولة لديها جرّاح لا يزال قادراً على العطاء؛ فلماذا لا تحافظ عليه استثنائياً؛ بحيث يورد قانون التمديد أسباب التمديد بعبارة واضحة: “تم التمديد استثنائياً بسبب نجاح اللواء ابراهيم الاستثنائي”؛ وبذلك تصبح “السابقة” لأول مرة، هي “سابقة” فعلاً، ولكن لصالح مكافآة النجاح اللافت، الذي غالباً ما يكون حالة استثنائية وليس سابقة تتكرر بمعناها غير الإيجابي..