الهديل

خاص الهديل: من واشنطن إلى حارة حريك: “أولوية منع الفوضى.. وإلا”..

خاص الهديل:

https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers

هدد أمس السيد حسن نصر الله واشنطن من أنه سيتم الرد بإشعال إسرائيل بالفوضى، فيما لو تم دفع لبنان إلى الفوضى.. ويتهم نصر الله بكلامه هذا أميركا بأنها هي التي تمنع الحل في لبنان، وتؤدي تدخلاتها إلى خدمة مشروع أخذ بلد الأرز إلى فوضى عارمة لتطبيق نظرية بومبيو ومن ثم بربرا ليف القائلة “بتكسير لبنان فوق رأس حزب الله”… 

ولكن بمقابل وجهة نظر نصر الله هذه، فإن الوفد النيابي اللبناني الذي زار الولايات المتحدة الاميركية، وأيضاً فإن المسؤولين اللبنانيين الذين التقوا بمسؤولين غربين وبضمنهم أميركيين، خلصوا إلى نتيجة مغايرة عن تلك التي خلص إليها نصر الله، ومفادها أن المجتمع الدولي وبضمنه واشنطن، تهدد الطبقة السياسية وأحزابها، بأنها فيما لو بقيت تمتنع عن الإصلاحات وظلت على أناتيتها وعدم تحمل مسؤولية إنقاذ بلدها، فإن العالم لن يساعد لبنان وسيقطع علاقاته معه. 

والواقع أن لبنان عالق بين منطقين إثنين، الأول محلي ويقوده حزب الله ويرى أن على أميركا أن تتحمل مسؤولياتها وتتخلى عن عدائيتها للبنان، وتبادر لمنع الفوضى في لبنان، والثاني دولي ويقول أن على مسؤولي لبنان السياسيين وطبقته السياسية، أن تتحمل مسؤولياتها وتتخلى عن أنانيتها وفسادها وأن تبادر لإنقاذ بلدها الذاهب نتيجة لا مسؤوليتها، إلى الفوضى.  

وبالمحصلة فإنه إذا جاز اعتبار أن كلام نصر الله أمس هو نوع من التهديد الذي يخفي وراءه فتح حوار علني مع واشنطن حول أولوية منع الفوضى، فإن ما يمكن استنتاجه بالمقابل من المعلومات التي حملها الوفد النيابي الذي زار أميركا، هو أن واشنطن ليست في وارد فتح حوار لا علني ولا تحت الطاولة مع لبنان أو مع أي طرف في لبنان، رغم أن نظرية إدارة بايدن كما نظرية نصر الله تتحدثان عن أولوية حفظ الاستقرار، ويعتبران أنه يجب منع الفوضى، وإلا…

ومرة أخرى إذا جاز الاعتبار، يمكن القول أنه إذا كان حزب الله الذي يستطيع أن يشعل الفوضى في لبنان وفي المنطقة يقول أنه لن يبادر إلى فعل ذلك طالما أن أميركا لم تقدم على إيذاء بيئته الاجتماعية بالفوضى والجوع؛ وإذا كانت إدارة بايدن التي تستطيع باتصال ليلي أن تشعل الفوضى في لبنان، تقول ممنوع الفوضى في بلد الأرز؛ وعدا ذلك لا يهمها؛ فإن هذا يعني بالعمق أن الفوضى بمعناها الشامل مستبعدة، ولكن الفوضى بمعناها اليومي قائمة وستستمر وسيظل المواطن يدفع ثمنها بشكل صامت..

وعلى الضفة الأخرى الأكثر واقعية، فإنه بعيداً عن التوجه لرفع مستوى السجال عن المسؤولية بالتسبب بالفوضى العارمة، من مستوى محلي بين ١٤ و٨ آذار، إلى مستوى عالمي – كما فعل نصر الله أمس- ليصبح أحد طرفيه حارة حريك وطرفه الآخر البيت الأبيض، فإن لبنان وفق نظرية المتابعين لأوضاعه، بدأ يذهب لفوضى هي من صنع تراكم أزماته الضاغطة الناتجة عن دينامية الفشل الداخلي، وليست الناتجة لا عن قرار داخلي ولا إقليمي ولا دولي.. وهذه الفوضى المقصودة هنا، والتي يتم التحذير منها، ستولد بفعل تراكم الضغط الاجتماعي والمعيشي والسياسي، الخ.. 

..ويقول منسوب قياس طاقة تحمل المواطنين للأوضاع التي يعيشونها، أن الإنفجار الإجتماعي كان يجب أن يحصل بالأمس، وأن تأخر حصوله هو النتيجة غير الطبيعية؛ وعليه فإن توقع حصوله بين لحظة وأخرى هو الانتظار الطبيعي لمسار تطور الأمور في لبنان الذي بات يشبه الأرض الاجتماعية المثقلة بفوالق الزلازل المعيشية المتصدعة. 

وعليه فإن السؤال المطروح داخل لبنان وخارجه حالياً هو متى يحصل الانفجار الاجتماعي، ومتى يخرج صبر الناس من عقال الضبط؟؟

هل تحدث لحظة الانفجار نتيجة حصول حدث أمني كبير، كاستهداف شخصية يؤدي اغتيالها إلى ردود فعل عنيفة في الشارع؛ أو جراء حصول حدث اقتصادي/معيشي كبير كتوقف الدولة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام، أو نتيجة حدث سياسي كبير، الخ.. 

والسؤال الاستدراكي هو هل تكفي رغبة واشنطن المنقولة إلى لبنان بمنع هز الاستقرار من جهة، وتهديد نصر الله المرفوع لواشنطن بهز استقرار إسرائيل، فيما لو أشعلت الفوضى في لبنان من جهة ثانية، بمنع اجتياح تسونامي الفوضى للبنان الذي تقول كل المؤشرات الواقعية أنه أصبح بلد الفوالق الاجتماعية المتصدعة نتيجة الفقر المتعاظم والآخذ بالإزدياد..

Exit mobile version