الهديل

خاص الهديل: ما هي خلفيات إرسال نتنياهو رسالة تهديد لحزب الله؟؟!

خاص الهديل:

https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers

 

 

 

كشف نتنياهو أنه أرسل لحزب الله ولحماس رسالة مفادها أن إسرائيل مستعدة للعمل عسكرياً في كل من لبنان وغزة.. 

والواقع أن هذا التهديد الإسرائيلي للبنان ولغزة ليس جديداً، ولكن توقيته وأسبابه يجعلانه يحمل دلالات إضافية وجديدة: 

من ناحية توقيت تهديد نتنياهو، فإنه يأتي هذه المرة في غمرة اشتعال الوضع الداخلي الإسرائيلي بخلافات جعلت الانقسامات تتجاوز المواضيع السياسية، لتصل لحدود الخلاف بين المكونات الإجتماعية والسياسية الإسرائيلية على هوية الدولة التي يريدها الإسرائيليون. وهذا النوع من الخلافات غير المسبوقة، هو الذي جعل رئيس الشاباك وأيضاً رئيس الحكومة الأسبق أولمرت، وغيرهما، يحذرون من حدوث صدام أهلي إسرائيلي.

..وضمن هذا الواقع الذي تمر به إسرائيل، فإن نتنياهو هذه المرة بدّل أولوياته التي طالما كانت السبب في جعله في الماضي يرسل للبنان ولحزب الله تهديداته؛ فهذه المرة لم يقل نتنياهو في رسالة تهديده أنه يريد قصف الصواريخ الدقيقة التابعة للحزب، أو أنه يريد قصف مصانع الصواريخ الدقيقة الخاصة بالحزب، بل قال بشكل غير مباشر ولكن بوضوح تام، أنه سوف يتصرف عسكرياً ضد لبنان في حال حاول الحزب استغلال الوضع الداخلي الإسرائيلي المشتعل!!.. وتصبح رسالة نتنياهو هذه، مفهومة فيما لو تم إدراك أن توقيتها جاء بعد خطاب نصر الله الذي هدد فيه أميركا بأنه سيضرب “طفلها المدلل” في المنطقة (أي إسرائيل) إذا تمادت إدارة بايدن بمحاولات الضغط الاقتصادي على حزب الله بواسطة تجويع بيئته الإجتماعية والشعب اللبناني. 

والواقع أن الرسالة الأساس التي أراد نتنياهو إطلاقها هي الزعم بأن إسرائيل لم تعد فقط تتحسب من صواريخ حزب الله الدقيقة، بل أيضاً من نوايا حزب الله الذي يخطط لأمرين إثنين: 

الأول استغلال أوضاع إسرائيل الداخلية عبر دعم عمليات المقاومة الفلسطينية داخل مناطق احتلال ال٦٧ و٤٨. والثاني دخول حزب الله وحماس في مهمة الإسهام بحماية مرحلة إقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية. 

..بكلام أوضح فإن نتنياهو معني في هذه اللحظة، بتصدير أزمة إسرائيل إلى الخارج حتى يخلق نوعاً من الوحدة داخل المجتمع الإسرائيلي المنقسم عامودياً، وعملياً هناك عدة مواضيع تحفز المجتمع الإسرائيلي على التوحد، أبرزها التهويل عليه بأن إيران اقتربت من حافة تصنيع القنبلة النووية. وأيضاً فتح موضوع خطر حماس وحزب الله على إسرائيل، وخاصة عندما يكون هذا الخطر – بحسب زعم نتنياهو – مرتبطاً بالخطر الإيراني!!. 

وضمن كل هذه المعطيات؛ فإن نتنياهو يقول حالياً ان إسرائيل سترد عسكرياً في حال فكر حزب الله بأن يستغل الوضع الداخلي المضطرب في إسرائيل، كمثل أن يقوم الحزب بتصعيد عسكري ضدها، رداً على تطور عسكري كبير محتمل، قد تنفذه تل أبيب في الضفة الغربية أو على الجبهة الإسرائيلية الإيرانية..

وما يجدر الإشارة إليه هنا هو أن تل أبيب نفذت فعلاً التطور العسكري الكبير الأول على جبهة الضفة الغربية، وذلك عندما قامت أمس بتنفيذ مجزرة نابلس، وهي حذرت حماس وغزة من الرد على المجزرة. وأيضاً قامت بتحذير لبنان والحزب من القيام بأي ردة فعل، وذلك من خلال إطلاق إسرائيل قنابل مضيئة على مثلث الحدود اللبنانية السورية الفلسطينية المحتلة..

يبقى التطور العسكري الثاني الذي يهدد نتنياهو كل يوم بأنه يقترب منه، وهو ضرب ايران!!. والسؤال المطروح والمستبعد في ذات الوقت هو: هل يريد نتنياهو عبر تهديد حزب الله بأنه سيتلقى رداً عسكرياً إسرائيلياً في حال تدخل لنصرة طهران، الإيحاء لمن يهمه الأمر بأنه يقترب من تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران؟؟

..وفي محاولة أخرى لترتيب مضمون ما قصده نتنياهو في رسالة تهديده الأخيرة لحماس والحزب؛ فقصارى القول أن هذه هي أول مرة تهدد فيها إسرائيل لبنان انطلاقاً من احتسابها لنوايا حزب الله ضدها، وليس احتساباً لما يفعله حزب الله ضدها. فنتنياهو لأول مرة يقول ما معناه ان حزب الله قد دخل مرحلة التفكير بأن يبادر هو إلى التصعيد ضد إسرائيل، وذلك نظراً لأنه بات منخرطاً بدينامية حدوث تطورين مستجدين خطيرين على أمن إسرائيل، هما نقل الاشتباك العسكري الإسرائيلي مع الفلسطينيين إلى داخل فلسطين، والأمر الثاني هو وصول إيران الى عتبة التهديد النووي الفعلي. 

وهنا يريد نتنياهو أيضاً تعميم فكرته الدعائية التالية: ان حصول ايران على إمكانية تصنيع قنبلة نووية، سيلزم تل أبيب بالتفكير بالتصرف مع واشنطن أو بمفردها، لمنع إيران من الوصول إلى هذه اللحظة. وبالتوازي فإن حزب الله ليس خارج خطة إيران ليكون جزءا من حساباتها لتجنيد حلفائها في حمايتها خلال دخولها مرحلة امتلاك امكانية تصنيع القنبلة النووية.

واضح هنا إن نتنياهو يقول للعالم عبر تحذيره لحزب الله، بأن الحزب وأيضاً حماس دخلا مرحلة الانخراط في محور حماية امتلاك طهران إمكانية تصنيع القنبلة النووية، وعلى واشنطن أن تأخذ في اعتبارها أن إيران لا تخوض حرب امتلاكها القنبلة النووية وحدها، بل معها حلفائها المحيطين بإسرائيل؛ حماس في غزة وحزب الله في لبنان والحرس الثوري وحلفائه في سورية..

والواقع ان التصعيد السياسي ضد حزب الله، ووقوف إسرائيل أمس على عتبة الحرب مع غزة، نظراً للمجزرة الإسرائيلية التي حدثت في مدينة نابلس؛ إضافة إلى تنفيذ تل أبيب اعتداء كفرسوسة؛ كلها إشارات تقول أن نتنياهو يحاول جر بايدن الموجود في كييف والمنشغل حتى اذنيه في الحرب الاوكرانية، إلى وجول أزمته داخل إسرائيل وداخل أزمة نابلس والمدن العربية الفلسطينية، وإلى مربع هواجس وصول سباق إيران مع صناعة القنبلة النووية إلى اللحظات الأخيرة… 

فهل ينجح نتنياهو بذلك، أم يتركه بايدن غارقاً في متاهات ازماته الداخلية وجواره الفلسطيني والإقليمي؟؟

Exit mobile version