الهديل

جعجع في ذكرى تفجير سيدة النجاة: سيأتي وقت يُثبت من هو الفاعل

 

أقامت منطقة كسروان في حزب “القوات اللبنانية”، قداساً في كنيسة سيدة النجاة- زوق مكايل في الذكرى الـ29 لتفجير الكنيسة، تحت عنوان “كانت الخطة لحلنا فبقينا”، وترأس الذبيحة الالهية الأب مارون مدور، في حضور نواب تكتل “الجمهورية القوية” شوقي الدكاش، زياد الحواط ورازي الحاج، رؤساء بلديات زوق مكايل الياس بعينو، حراجل طوني زغيب، فاريا ميشال سلامة، البوار طانيوس العتيق، عينطورة لبيب عقيقي ووطى الجوز جورج صفير، مختارة زوق مكايل جوزيان خليل، الأمين العام لحزب “القوات” إميل مكرزل، رئيس جهاز الشهداء والأسرى والمصابين شربل أبي عقل، وحشد من مسؤولي المناطق في “القوات” ومحازبين وأهالي شهداء التفجير.

 

وألقى الأب مدور عظة قال فيها: “تنذكر ونصلي في هذا الوقت من أجل الذين سبقونا إلى دار الخلود وبنوع خاص الشهداء الأبرار الذين ذهبوا ضحية الغدر في هذا المعبد المقدس”.

 

وكانت كلمة لرئيس حزب “القوات” سمير جعجع عبر الشاشة وصف خلالها الذكرى الـ29 لتفجير كنيسة سيدة النجاة بـ”اليوم المشؤوم في تاريخ لبنان”، مؤكداً أن “القوات اللبنانية ستتوقف عند هذه الذكرى سنويا حتى بعد مرور 290 عاماً، انطلاقا من معناها، ولو أن البعض يسأل ان كان احياؤها بيحرز بعد، باعتبار انها جريمة كبيرة جدا، ومن الجرائم القليلة التي حصلت في هذا الحجم والشكل والنوعية في لبنان وقتل فيها أناس ابرياء، في فترة الصوم، كانوا يصلون في كنيسة، من قبل من كان يتوجب عليه حمايتهم”.

 

وأضاف: “من غير الممكن أن ننسى استشهاد 11 لبنانياً ما زال أهلهم يتألمون الى اليوم هم الباقون في ذاكرتهم وذاكرتنا معا، كما لا يغيب عنا مآسي عشرات الجرحى والدمار الذي شهدته الكنيسة وجوارها. هذا الجانب مؤلم وقاس، ولكن الجانب الاكثر ألما ان السلطة التي من واجبها حماية الناس والسعي الى كشف الحقيقة كانت اول من جهل الفاعل وارسى التهمة على حزب القوات بغية التخلص منه. وبالتالي منذ اللحظة الاولى، سعت الاجهزة الامنية والقضائية، وهذا ما يحزن، الى رمي التهمة على القوات بدلاً من السهر لتأمين سلامة البلد واستقراره”.

 

وتابع: “أتذكر حين كنت في مكتبي وسمعت صوت ذاك الانفجار، لم أعرف موقعه، قبل التواصل مع بعض المراجع التي أبلغتني أنه حصل في كنيسة سيدة النجاة وأن الوسائل الاعلامية بدأت بالنقل المباشر. التعليق الأول أتى من وزير الداخلية في حينها الذي، وقبل البدء بالتحقيقات ومعرفة المعطيات، أعلن أن خلف هذه الجريمة اسرائيل ونفذها عملاؤها في لبنان ومفهوم من هني، من ثم علت أبواق الممانعة، كما تعرفونها، مرددة هذا الكلام”.

 

واستطرد جعجع: “قبل هذه الحادثة بشهرين، طلب الرئيس الراحل الياس الهراوي بعد عودته من الشام، من شخص ما، ايصال رسالة لنا مفادها بأن النظام السوري ناوي عليي ويجب أن أغادر لبنان مع زوجتي. وهذه الواقعة مدونة في مذكرات الرئيس الهراوي”، لافتاً الى أن “النظام الامني اللبناني – السوري، الذي كان آنذاك في عزه، اتبع سياسة اختيار السلطة للفاعل بدلاً من القيام بالتحقيقات اللازمة للوصول الى المجرم الحقيقي، كما يحصل في كل الانظمة المماثلة التي، وللأسف، ما زالت تعشعش في بعض جوانب القضاء والامن اللبناني”.

 

وأكد أن “القرار الظني في هذه الجريمة كان الأسوأ والأتفه في تاريخ القضاء اللبناني، اذ جاءت كل الوقائع مغلوطة لتثبيت التهمة على القوات من خلال استحضار شهود غير موجودين في لبنان أو تلفيق شهادات على لسان آخرين أو إلصاق وقائع حصلت في أيام الحرب في ظروف وأماكن وتواريخ مختلفة”، مضيفاً “وهنا أتذكر واقعة، حين بدأت محاكمات تفجير الكنيسة، حاولت السلطة والنظام الامني اللبناني – السوري الضغط على اهالي الشهداء الـ11 لتقديم ادعاءات شخصية ضدي، الا أن الجميع رفض القيام بذلك، على خلفية أن حدس الناس لا يخطئ، رغم كل الوجع والألم والضغوط التي مارسها ذاك النظام عليهم، كما أن جميع اللبنانيين ادركوا حينها ان القوات لا علاقة لها بتفجير الكنيسة ووجهوا اصابع الاتهام نحو الفاعل الحقيقي. مع العلم، أن هذا الاخير سخر، في الوقت عينه، معظم الوسائل الاعلامية نحو هذا الاتجاه. انطلاقا من هنا، نؤكد انه ما بصح الا الصحيح، ولو ان الصحيح لم يصحَّ بعد، وسيأتي وقته ليثبت بالأرقام والدلائل من هو الفاعل ومن كلفت السلطة لتنفيذ هذه الجريمة”.

 

واذ شدّد على أن “الأسوا من كل هذا التلفيق أنه نفذ من قبل السلطة القائمة يومها للتخلص من القوات التي كانت تتحضر في تلك المرحلة للقيام بالدور الذي تلعبه في الوقت الحاضر”، أشار جعجع الى أن “الجميع يعي اننا شاركنا في اتفاق الطائف ومباحثاته لوضعه قيد التنفيذ”.

 

وأضاف: “منذ البداية، تجلت نية نظام الاسد وحلفائه اللبنانيين و”الزقيفه” الآخرين بعدم تطبيق اتفاق الطائف، سعياً منهم لايصالنا الى هذه الوضعية. اذ بعد محاولاتنا الحثيثة لأشهر، كما نعمل اليوم مع السلطة الحالية، تبين لنا أن الاستمرار على هذا النحو هو بمثابة المشاركة في الجريمة المرتكبة بحق لبنان، كما ظهر تباعا. من هنا قررنا الخروج الى صفوف المعارضة، رغم اننا بلغنا ان المعارضة غير ممكنة، فبدأنا باجراء الاتصالات ونظمنا اجتماعا سريا بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبيني في حزيران 1992 بعد أن رأينا ان ما يحصل ليس تطبيقا لاتفاق الطائف”.

 

وأردف: “قررنا التحضير للعب الدور الذي عدنا ولعبناه اليوم، اي ان نكون رأس حربة في المعارضة الجدية الراغبة بقيام الدولة وتوقيف كل من يريد تغيير هوية لبنان ويفرض نظاما امنيا عسكريا استبداديا قامعا للحريات، الا انهم استلقونا وأوقفونا قبل استكمال التحضيرات، متخذين قرار حل حزب القوات ووضعنا في الاعتقال او تهجيرنا، ولكن ما حصل كان موقتا، ففي النهاية هم من تهجروا ونحن عدنا وبقينا وسنبقى. استهدفوا القوات لانها كانت تستعد للعب الدور الذي تلعبه في هذه المرحلة. من العام 2005 الى اليوم لم نر يوم خير في لبنان، اذ نفذوا جريمة بحجم جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهداء الـ17، فكان انفجار هزَّ بيروت في وقت منعوا اي تحقيق جديا الى درجة فركشوا التحقيق الدولي حتى خرج بنتيجة دلت على الفاعل ولكن لم تكن على قدر النتيجة المرجوة”.

 

جعجع الذي رأى أن البعض يحاول المقارنة بين تفجير كنيسة سيدة النجاة وتفجير مرفأ بيروت، أكد “ارتباطهما من ناحية الوجع المشترك وسقوط ضحايا من المدنيين، كما ان الفاعل واحد في مكان ما، باعتبار انه ينتمي الى الجبهة العريضة المسماة الممانعة”، لكن أشار الى أن “الفرق الاساسي بينهما ان جريمة تفجير سيدة النجاة نفذت عن سابق تصور وتصميم بغية اتهام القوات بها اما جريمة مرفأ بيروت فمن المستبعد أن تكون كذلك”.

 

كما شدّد على أننا “بانتظار التحقيقات لتثبت هذه النظرية او تسقطها ولكشف حقيقة انفجار مدمر اودى بحياة المئات والاف الجرحى، فضلاً عن الاضرار المادية”، موضحاً أن “في ما يتعلق بجريمة تفجير الكنيسة أجريت التحقيقات لتلبيسها لفريق آخر، بينما في جريمة تفجير المرفأ يمنعون التحقيق في شتى الطرق، اذ عيِّن المحقق العدلي الاول وأجبر على الاستقالة ليعين بعدها محقق آخر أصر على المتابعة ولم يتراجع رغم كل الضغوط، فاتبعوا عندها سياسة العرقلة من خلال ضرب القضاء”.

 

ولفت الى أن “المعنيين والمسببين لهذه العرقلة هم أبناء المحور نفسه، محور الممانعة، فهذا أسلوبهم وهم منذ نشأتهم لا يريدون لا حقيقة ولا عدالة ولا شفافية بل يفضلون الغموض والظلام لأن “اللعيبة تبعن” خلف كل هذه الجرائم بشكل أو بآخر”.

 

واذ تقدّم بالتعازي من أهالي الشهداء ورفع الصلاة عن راحة أنفسهم، ختم جعجع: “الله يعطينا العمر والجهد والقوة كي لا تبقى حقيقة تفجير الكنيسة ضائعة الى الآبد وسنثابر لكشف حقيقة من فجر مرفأ بيروت حتى لا تلقى المصير نفسه”.

 

وألقى منسق منطقة كسروان في القوات شربل خليل كلمة جاء فيها: “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها، أولاد الظلام ظنوا أنهم بتفجيرهم لكنيسة سيدة النجاة في 27 شباط 1994، سيتمكنون من هدم الكنيسة، غافلين عن أنها بشر لا حجر. أرادوا من تفجير الكنيسة، إنهاء القوات اللبنانية لأنها رفضت أن تتحول كبقية القوى السياسية إلى أداة بيد المحتل. أرادوا إسقاط إلتزام القوات بمشروع بناء الدولة وبقضية الإنسان الحر في لبنان. لكننا كنا وبقينا قوات، قوات هذه الكنيسة التي لا تكنز كنوزا في الارض بل في السماء، فركلنا الكراسي، ورفضنا الخضوع، وامتنعنا عن الهروب، واخترنا الوجود الحر رافضين مبادلته بأي ثمن، فكان اعتقال الجسد مقابل حرية الفكر والروح والايمان. فجروا الكنيسة لإنهاء القوات وإسقاط آخر القلاع المدافعة عن الدستور ومشروع الدولة والحرية في أرضنا المقدسة، فباتت العدالة معها، منصة للتسويف وتركيب الملفات ومنطلقا للملاحقات والاضطهادات ودروب الجلجلة التي لاحقت القواتيين وكل الأحرار، ولم تستثن حتى الكنيسة من حملات أولاد الظلام والعملاء”.

 

وأضاف: “عدالة غائبة، ومفجر كنيسة سيدة النجاة حرا طليقا، عدالة غائبة، وقاتل الشهيد رمزي عيراني يتبختر دون حسيب، عدالة غائبة، وقاتل شهداء ثورة الأرز يعاند يكابر فوق أوجاع اللبنانيين ليأتي برئيس دمية على رأس السلطة مرة جديدة، عدالة غائبة، المرتكبون المتورطون المتواطئون المهملون العالمون بجريمة 4 آب، يتقاسمون من تحت الطاولة وفوقها عار الانقضاض على الحقيقة والمحاسبة والملاحقة. لا نرتجي العدالة من حكم الأشرار، لأننا نتكل على من لا تقوى عليه أعتى أسلحة الأرض، ولا نخاف على الكنيسة ولا على ناسها، لأن من سار درب الجلجلة لأجلنا قام وأقامنا معه من كل خوف أو موت أو نهاية، نتكل على خالق السماوات والأرض ومن خلاله على أنفسنا، نحن الذين لم نجلس يوما نادبين على الأطلال بانتظار معونة من هنا وهناك، ومن يظن أنه أقوى من العدالة السماوية أو أنه قادر على إخضاعنا، ندعوه من هنا، من كسروان العاصية أن يقرأ تاريخنا جيدا، تاريخ أرضنا وناسنا وكنيستنا؛ وليعلم أن الكلمة التي تقودنا هي تلك التي قد تزول الارض والسماء ولا يزول حرف منها”.

 

وختم خليل: “الى أهالي الشهداء، نستمد من إيمانكم كل العزيمة والثبات، وسنبقى معكم نردد حتى تحقيق العدالة: لا تخافوهم، لأن ليس مكتوما لن يستعلن، ولا خفيا لن يعرف، المجد والخلود لشهداء كنيسة سيدة النجاة والثبات والايمان لكنيستنا الشامخة والخلاص لمجتمعنا ووطننا الحبيب”.

 

بعدها، توجّه الحضور وفي مقدمهم النائب الدكاش الى اللوحة التذكارية عند مدخل الكنيسة التي تحمل أسماء الشهداء، حيث وضعت أكاليل من الزهر وتليت الصلوات عن أرواح الشهداء.

 

 

Exit mobile version