خاص الهديل
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
خلال الأيام القليلة الماضية عاشت إسرائيل تسونامي إشاعات بخصوص ما حدث على مفرق مجدو شمال فلسطين المحتلة.. لقد امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي في إسرائيل بمئات الشائعات التي قالت إن حزب الله أرسل متسللاً مع عبوة ناسفة كبيرة إلى داخل مناطق احتلال العام ٤٨ بهدف تفجيرها وقتل عشرات المستوطنين.
ثم تعاظمت هذه الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن حملة وصفت بأنها تسونامي شائعات مقلقة..
في داخل إسرائيل انقسم محللو الرأي والأحداث إلى قسمين؛ القسم الأول اعتبر أن إسرائيل واجهت يوم الأثنين الماضي حدثاً امنياً غاية في الخطورة، قد تؤدي تداعياته إلى حرب بين إسرائيل وحزب الله. فيما القسم الثاني اعتبر أن ما حدث هو بالفعل تطور أمني خطر وله أبعاد أمنية جديدة، ولكن نتنياهو تقصد فرض حظر على كشف تفاصيله، وهدفه من ذلك إبطاء كشف حقيقة حادثة يوم الاثنين عند مفرق مجدو، حتى يبقي المجتمع الإسرائيلي في حالة قلق ونقاش لأطول فترة ممكنة حول حقيقة ما حدث.. وكل غاية نتنياهو هو اختراع قضية رأي عام جديدة تلهي الإسرائيليين والعالم عن التركيز على الاحتجاجات الشعبية الجارية ضد نتنياهو وحكومته منذ أسابيع والتي وصلت إلى لحظة تهدد بزعزعة ليس فقط حكومة أقصى اليمين بل بكل ركائز نظام الدولة الإسرائيلية.
لقد ركزت الرواية الإسرائيلية على أن المتسلل هو لبناني وعبر من نفق عبر الحدود اللبنانية إلى عمق فلسطين المحتلة، وأنه كان يحمل معه عبوة متطورة، ومكث نحو ثلاثة أيام في فلسطين المحتلة قبل أن يتم اكتشافه وقتله..
والواقع أن كل جملة مما تقدم أعلاه يشكل من منظار المستوى الأمني الإسرائيلي خطراً امنياً كبيراً جديداً..
لماذا؟
..لأنه كون المتسلل هو لبناني، وكونه دخل من نفق من لبنان إلى عمق فلسطين المحتلة، فهذا يعني عملياً وواقعياً أن حزب الله دخل مرحلة نجح فيها بإنشاء عملية دمج ميدان لبنان لوجستياً مع ميدان فلسطين المحتلة.. وكون الشاباك اكتشف المتسلل وهو عائد من عمق فلسطين بدل أن يكتشفه لحظة دخوله من النفق الموجود في الأراضي اللبنانية، فهذا يعني أن المستوى الأمني الإسرائيلي لا يسيطر على حركة دخول وخروج عناصر حزب الله من/وإلى فلسطين المحتلة، وهذا يعني أيضاً أن واقعة مفرق مجدو رغم أنها أسفرت عن مقتل المتسلل اللبناني إلا أنها بالجوهر تمثل اختراقاً أمنياً لإسرائيل وليس إنجازاً أمنياً للشاباك وللجيش الإسرائيلي ..
والواقع أنه حتى هذه اللحظة لم تنته تداعيات واقعة مفرق مجدو؛ حيث هناك ثمة أسئلة تثار في إسرائيل تتعدى مناورة نتنياهو لتوظيف ما حدث في إطفاء الأضواء المسلطة على الاحتجاجات الجارية ضده..
وأول هذه الأسئلة هو عما إذا كان لبنان بدأ يشكل قاعدة لوجستية خلفية لحالة المقاومة المتصفة بأنها ذات سلوكيات جديدة في الضفة الغربية والقدس؟؟..
وبخصوص هذه الجزئية فإن إسرائيل تعتبر أن أكبر خطر قد تواجهه، هو أن يخلق واقع تتضافر فيه الجهود العسكرية بين الساحات التي تقع في محيطها الجيوسياسي، وذلك سواء كانت هذه القوى المتظافرة هي جيوش أو تنظيمات مسلحة..
..وعليه فإن التوقع الراهن هو أن تكثف إسرائيل من تحقيقاتها لمعرفة خلفيات ما تسميه حادث يوم الأثنين الغامض، وتحديداً لمعرفة بدقة الأمور التالية: من هي الجهة التي ينتمي إليها المتسلل هل هي حزب الله أم حماس أم الجهاد الاسلامي أم جماعة عرين الأسود؟؟
الأمر الثاني: هل المتسلل هو الأول الذي يأتي من لبنان، أم أنه هو المتسلل الأول الذي تكتشفه إسرائيل؟؟
الأمر الثالث: هل العبوة المتطورة التي كان حملها معه المسلح المتسلل من لبنان إلى داخل الأراضي الفلسطينية، هي الأولى من نوعها التي تدخل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أم أنها هي العبوة الأولى التي تكتشفها إسرائيل داخل الأراضي المحتلة؟؟ وإذا كانت الحالة الثانية هي الصحيحة فهل يعني هذا انه فيما إسرائيل كانت منشغلة بتنفيذ مئات الهجمات سنوياً على سورية لمنع نقل السلاح الإيراني عبر سورية إلى لبنان، فإن هناك جهات في لبنان ربما كانت حزب الله أو غيره، كانت بسهولة، تستغل تركيز تل أبيب على نشاط نقل الأسلحة من سورية إلى لبنان لتقوم بتنفيذ خطة نقل خبرات عسكرية عبر لبنان إلى عمق فلسطين المحتلة !!..