الهديل

خاص الهديل: هذه هي الأسباب التي تجعل تحالف نتنياهو واليمين المتطرف يشن حرباً على لبنان..

خاص الهديل:

https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers

 

تكشف الوقائع المثارة في إسرائيل بشأن عملية مجدو أن قواعد الحرب والاشتباك على الحدود الشمالية بين حزب الله وإسرائيل، دخل أفق ونطاق الحرب النفسية بينهما التي يحقق فيها الطرفان غايات متعددة، ليس كلها على صلة بالحرب العسكرية والاستخباراتية بينهما، بل أيضاً بعضها على صلة بالاستثمار السياسي الداخلي لكليهما.. 

..وضمن هذا المعنى يمكن فهم لماذا نتنياهو تعامل مع الأخبار بخصوص ما بات يعرف “بعملية مجدو” التي ثارت في الإعلام الإسرائيلي وعلى صفحات التواصل الإجتماعي في إسرائيل، بأسلوب تقصد من خلاله أن يرسم علامة قلق واستفهام توحي بأن حزب الله وراء العملية.. وهدف نتنياهو من ذلك هو خدمة موقعه داخل الأزمة الحادة التي يمر بها في إسرائيل؛ وذلك عن طريق القول للشارع الإسرائيلي بأن حزب الله يستغل الأزمة الداخلية الإسرائيلية ويرسل مسلحيه إلى عمق فلسطين المحتلة.. فيما من جانبه حزب الله، اكتفى “بالصمت البناء” – ان جاز التعبير – فهو لم ينف “اتهام” تل أبيب له بأن المسلح المتسلل تابع له، ولم يؤكد ذلك. والواقع أن الحزب كان يحتاج في هذه المرحلة التي ينتقد فيها موقفه من اتفاق كاريش، إلى صورة تظهره انه في حالة اشتباك عسكري مع إسرائيل؛ وعليه فإن اتهام نتنياهو للحزب بأنه وراء “عملية مجدو” أفادته لبنانياً من حيث لا يريد نتنياهو؛ كما أن صمت حزب الله إزاء هذا الاتهام، أفاد نتنياهو إسرائيلياً من حيث لا يريد حزب الله..

وبكل الأحوال فإنه رغم اعتراف “عرين الأسود” لاحقاً بأنهم وراء عملية مجدو، إلا أنه يلاحظ أن نتنياهو لديه مصلحة إسرائيلية داخلية باستمرار توتير الأجواء على الحدود مع لبنان؛ حيث لا تزال هذه الحدود تشهد منذ عدة أيام أنواعاً من التوتير الاستعراضي الذي يقوم به الجانبان مع تخصيص تغطية إعلامية واسعة له. 

وهناك في الواقع سببان إثنان أساسيان يدفعان نتنياهو لإحداث ضجة عسكرية استعراضية على الحدود مع لبنان: 

الهدف الأول هو الإيحاء للمجتمع الإسرائيلي بأن هناك خطراً كبيراً موجوداً على الحدود مع لبنان، ويجب على المجتمع الإسرائيلي وأحزابه أن يتنبهوا له، وأن يعطوه أولوية حينما يتم في هذه المرحلة ترتيب التحديات التي تعترض إسرائيل. وبكلام آخر، يريد نتنياهو القول أن أولوية إسرائيل حالياً يحب أن تكون تحصين الأمن بوجه الخطر القادم من لبنان وليس تحشيد التظاهرات لإسقاط حكومة أقصى اليمين.. 

الهدف الثاني يتعلق أنه بمناسبة الحراك الفرنسي والسعودي تجاه لبنان، وبمناسبة الكشف عن اتفاق بكين الإيراني السعودي، فإن نتنياهو يريد لفت النظر إلى أن إسرائيل لديها مصالح أمنية في بلد الارز، ويجب أخذها بعين الاعتبار فيما لو كان هناك استتباع لاتفاق بكين في لبنان..

..وإلى ذلك، فإن حزب الله بأمس الحاجة في هذه المرحلة إلى إظهار دوره فوق طاولة معادلة المنطقة، بوصفه قوة إقليمية لديها تماس اشتباك مع إسرائيل في لبنان وفي سورية، وأيضاً داخل مناطق فلسطين المحتلة.. ويريد الحزب القول أنه “قوة أكثر من لبنانية محلية”؛ وأنه يجب مراعاة موقعه في أية تسوية يتم إبرامها على مستوى المنطقة حول لبنان..  

وهناك حالياً عدة احتمالات أمام نتنياهو بخصوص الطريقة التي يجب أن يتعامل بها مع لبنان، وإحدى هذه الاحتمالات هو تصدير أزمته الداخلية إلى لبنان، وذلك من خلال شن حرب محدودة ومحسوبة مسبقاً على لبنان، ما يؤدي إلى وقف الاحتجاجات الشعبية الإسرائيلية العارمة ضده، وذلك تحت مبرر أنه “لا صوت يعلو فوق صوت الحرب ضد حزب الله” الذي أصبح – حسب دعاية نتنياهو – يستخدم لبنان للعبور إلى عمق إسرائيل.. وأيضاً فإن الحرب ضد لبنان تؤدي إلى تحقيق هدف ثاني هام لنتنياهو، وهو إرغام الرئيس بايدن الذي لا يريد إنهيار الحد الأدنى من الاستقرار في لبنان، على التدخل والتواصل معه (أي مع نتنياهو) لوقف الحرب على لبنان، ووقف انهيار الإستقرار فيه؛ وهذا التواصل مع بايدن هو أهم ما يريده نتنياهو حالياً، نظراً لكون بايدن يقاطعه احتجاجاً على تحالفه في حكومة واحدة مع قوى أقصى اليمين اليهودي المدانة داخل إسرائيل وفي أميركا بالإرهاب..

ويلاحظ أن نتنياهو يحاول منذ عدة أيام رفع سقف خطابه التصعيدي ضد بايدن؛ وكل هدفه من ذلك هو إرغام بايدن على إعادة التواصل معه ووقف مقاطعته، ولكن الرئيس الأميركي يستمر بإهمال صراخ نتنياهو وعدم الرد على اتهاماته له، التي من بينها أن السفارة الأميركية هي من تشجع الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو في إسرائيل، وبينها أيضاً إعطاء نتنياهو توجيهات بمنع أي مسؤول إسرائيلي حكومي باللقاء مع بايدن طالما أن الأخير يرفض لقاء نتنياهو!!!..

السؤال هل تستمر مقاطعة بايدن لنتنياهو حتى تسقط حكومته أو يضطر لأن يفك تحالفه مع قوى أقصى اليمين؛ أم أن قوى أقصى اليمين ونتنياهو يذهبان معاً إلى حرب في لبنان يكون من بين أهدافها الضغط على بايدن ليفك الحصار عنهم مقابل وقف حربهم على لبنان!!؟؟..

Exit mobile version