مكتبة قطر الوطنية تدشن كتاب “الإرث ـ كأس العالم FIFA قطر 2022”
yasmin ahmad
تحت رعاية مكتبة قطر الوطنية جرى مؤخراً حفل تدشين كتاب “الإرث.. كأس العالم فيفا قطر 2022” لمحرره الدكتور ثاني بن علي بن سعود آل ثاني، في 135 صفحة باللغة العربية وضم بين دفتيه ترجمة بالإنجليزية في 97 صفحة.
وقال الدكتور آل ثاني في كلمته للحضور: “نحن في الحقيقة لا نحتفل بتدشين كتاب، لكننا نحتفل بنجاح دولة قطر في تنظيم أول نسخة عربية من بطولة كأس العالم، حيث تركت لنا البطولة إرثا من الفخر ومن الإنجازات في كل مناحي الحياة”.
وفي كلمته خلال حفل التدشين، قال رئيس مكتبة قطر الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري إن الكتاب من وجهة نظره مبادرة ثقافية محمودة تثري المكتبة العربية، وتوثق هذا الحدث الاستثنائي الفريد الذي عاشته قطر والأمة العربية.
وأضاف “كان نقطة تحول في تحسين نظرة العالم لنا واحترامه لنا كأمة منجزة وقادرة على مواجهة التحديات، وقدمنا فيه أنفسنا وثقافتنا وحضارتنا وقيمنا الاجتماعية، وأثبتنا فيه رقينا من خلال تأكيد مبدأ الاحترام المتبادل”.
وتابع “إن استضافة هذه البطولة والنجاح في تنظيمها سيظل إرثا مشرفا ملهما لأبنائنا وأحفادنا للاعتزاز بماضيهم والتخطيط لبناء مستقبلهم لكي يجعلوا من حاضرهم واقعا أجمل وماضيا ملهما بدوره لأبنائهم وأحفادهم”.
وأردفرئيس مكتبة قطر “من النتائج الرّئيسيّة للمونديال استعادة الدور الأساسي الذي تلعبه الثقافة في تقديم الصّورة المثلى لدولة قطر، التي أعادت الثقافة إلى قلب الاهتمامات الدّوليّة، باعتبارها محددا مهمّا لطبيعة العلاقات الدوليّة، فقد كانت الحملة التي تعرّضت لها قُبيل انطلاق كأس العالم ثقافيّة بالدرجة الأولى، وكان التعاطي معها ثقافيّا”.
وقال الكواري أيضا “هناك من كان يجرُّ نحو صدام الحضارات، وبينما كانت المباريات تدار على أرضيّة الملاعب العجيبة والسّاحرة، كانت مباراة كبرى تُدار على أرضيّة الثقافة العالميّة بين دعاة الصّدام ودُعاة الحوار والتعارف”.
وأشار إلى أن قطر احتضنت على امتداد شهر كامل جمهورا من مختلف دول العالم، ومن ثقافات ولغات ومعتقدات وأعراق متنوّعة “وكان التحدّي الأكبر يتلخّص في وضع قيمنا وثقافتنا على محكّ التواصل مع هذا التنوّع الإنساني، وقد كسب المجتمع القطري رهان التواصل الحضاري بجدارةٍ أدّت إلى إحداث صدمة الغرب. وبدت بعض الخطابات الغربيّة أقرب إلى العنصريّة منها إلى الشّعارات البرّاقة التي تدّعي احترام الخصوصيّات الثقافيّة للشّعوب، ولا شكّ فإنّ اختبار هذه الشّعارات في المونديال كان واضحًا أمام العالم”.
وتابع الكواري “قدّمت دولة قطر من خلال المونديال درسًا في مفهوم التبادل الثقافي، ألا وهو احترام الخصوصيّات الثقافيّة وليس الإذعان لفرض تعبيرات ثقافيّة تتعارض مع سلّم القيم العربيّة الإسلاميّة، مثلما كانت حفاوة القطريين بالجماهير في كلّ مكان ترجمة صادقة لكرم الضّيافة، وفرصة لتقديم صورةٍ حقيقيّة عن طبيعة القيم الاجتماعيّة التي عاش بها الأجداد وتوارثناها جيلاً بعد جيلٍ، ممّا عكسَ وحدة المجتمع القطري ثقافيّا واجتماعيّا في التّعاطي مع مختلف ظواهر المونديال”.
وقد اعتبر الكتاب نوعا من التوكيد على أهمية نشر ثقافة التوثيق، وأضاف رئيس مكتبة قطر “نحن بحاجة إلى التوثيق وبناء أرشيف واسع أيضًا، لأنّ الذاكرة التاريخيّة تتطلّب وجود هذا الأرشيف، فمن خلاله يستطيع الفرد كما المؤسسات تحويل الذّاكرة إلى قوّة فاعلة في الحاضر”.
وتابع الدكتور الكواري “لقد كنت ألاحظ في كلّ أسفاري مدى انتشار ثقافة التوثيق في دول العالم، وخاصّة منها الدّول الغربيّة، هناك حيثُ يدرّبون الأطفال منذ صغرهم على توثيق تواريخهم الشّخصيّة من خلال ألبومات الصّور وكتابة المذكرات عن رحلاتهم، وتسجيل أبسط الأشياء اليوميّة، وقس على ذلك ما تفعله المؤسسات من أرشفة تاريخها”.
وقال “عمليّة التوثيق تُسعفنا أفرادا ومجتمعات من فقدان الذاكرة، وتجعل ماضينا القريب بعد أن يُصنّف في التراث مادّة تنتمي إلينا بشتّى المعايير، ويصبح الأرشيف التاريخي بما يغتني به من وثائق شاهدًا على كلّ الجوانب الاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة وحتى السياسيّة والإداريّة، فيساهم في حفظ الذاكرة وبناء الوعي التاريخي لكلّ فئات المجتمع بما يعزّز ذاكرتهم الوطنيّة، لذلك فإنّ التوثيق هو جزء من عمل وطني لا تقلّ قيمته عن بناء وسائل التقدّم في المجتمع، فلا يُمكن للشّعوب أن تعيش دون ذاكرة”.