خاص الهديل
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
ليلة أمس ساد الواقع السياسي الإسرائيلي صدمة عارمة جراء إقدام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على إقالة وزير الدفاع غالانيت من منصبه نظراً لاعتراضه على استمراره بمسار “اصلاح القانون القضائي” في إسرائيل؛ وهو الأمر الذي يتم النظر إليه على أنه خطوة من قبل نتنياهو واليمين المتطرف “لتغيير الهوية الديموقراطية لإسرائيل”، و”لجعل القضاء في جيب السلطة التنفيذية”.
وفور شيوع خبر إقالة نتنياهو لوزير دفاعه؛ ركز معلقون سياسيون اسرائيليون ينتمون لاتجاهات سياسية مختلفة، على توصيف لنتنياهو كان ردده في الأعوام الماضية عدد من شخصيات الليكود، ومن بينهم رئيس وزراء إسرائيل الأسبق اولمرت، ومفاده اتهام نتنياهو بأنه رجل مجنون ..
وبروز تهمة الجنون ضد نتنياهو ليلة أمس تقدمت على التهمة الموجهة إليه بالفساد، ومرد ذلك أن أحداً في إسرائيل لم يكن يتوقع أن يغامر نتنياهو بإقالة وزير دفاعه، في وقت تسود فيه داخل الجيش حالة من الاضطراب والتفكك نتيجة اتساع نطاق المعارضة داخل الجيش ضد خطة إصلاح النظام القضائي الذي يستمر نتنياهو بالمضي به قدماً إلى الأمام، رغم المعارضة الشعبية الحاشدة له.
وعلى ذلك فإن الصورة التي ارتسمت لنتنياهو ليلة أمس، هو أنه مجنون إسرائيل الذي يشكل خطراً وجودياً عليها ..
والواقع أن هناك سببين اثنين جعلا نتنياهو ليلة أمس مجنوناً بنظر الإسرائيليين (عدا المتطرفين الذين يطلق عليهم أقصى اليمين) يجب التخلص من شره؛ وليس فقط مجرد مختلس تجدر محاكمته:
السبب الأول والأساسي، هو أن نتنياهو لم يراع القضية التي تشكل خطاً أحمر داخل الكيان الإسرائيلي، وهي الجيش.
..وتجدر الإشارة هنا إلى أن نتنياهو كان سبق واتهم بالفساد، ومع ذلك انتخبه الإسرائيليون مرة جديدة.. وأيضاً كان سبق واتهم بأنه حوّل رئاسة الحكومة إلى نادي عائلي يتحكم به مع ابنه يائير وزوجته سارة، ومع ذلك لم تتراجع شعبيته لا داخل الليكود ولا داخل اليمين.. ولكن أمس حينما قرر نتنياهو تجاهل التحذيرات له بأن الجيش بدأ يتصدع نتيجة إصراره على المضي بما يسميه بالإصلاح القضائي؛ وعندما قرر نتنياهو أيضاً عدم مراعاة تحذيره بأنه يجب عليه الامتناع عن إقالة وزير الدفاع لأن الأخير يعبر عن رأي الجيش داخل الحكومة، قررت إسرائيل ليلة أمس الاطاحة به عبر انقلاب شعبي مدعوم ضمناً من الجيش، ومن كل المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي (ما عدا تيار أقصى اليمين) وأيضاً من كل اللوبيات اليهودية في أميركا والعالم.
إن أحداث ليلة أمس تؤكد النظرية التي طالما قالت أن إسرائيل هي “دولة للجيش، وليست جيشاً للدولة”..
والواقع أنه ليلة أمس هزمت تطبيقات هذه النظرية أقوى شخصية سياسية مرت على إسرائيل منذ ابتداعها، أي بنيامين نتنياهو الذي استحق وفق العرف الإسرائيلي واليهودي، بعد تكرر انتخابه لعدة مرات أن يضع على رأسه تاج ملك إسرائيل، وأن يعتقد ومعه الكثيرون بأن إسرائيل هي مملكة للملك نتنياهو وليس دولة للجيش..
ولاشك أن خطأ نتنياهو القاتل هو أنه وضع معادلة أنه “ملك مملكة إسرائيل” بمواجهة معادلة “دولة لجيش إسرائيل”، فسقط ليلة أمس بالضربة القاضية، أو ربما يسقط بالنقاط كون نتنياهو قد لا يعدم حيلة لإنقاذ نفسه وتقليل خسائره.
السبب الثاني داخل خلفيات انقلاب ليلة أمس على نتنياهو، يتمثل بموقف إدارة بايدن السلبي والمعادي له.. وهناك عدة أسباب لعداء بايدن لنتنياهو: الأول أن الديموقراطيين الاميركان يعتبرون نتنياهو من بقايا حلف ترامب العالمي، وعليه يجب التخلص منه..
.. ويلاحظ أنه في نفس الوقت الذي ووجه فيه الديموقرطيون الحملة القضائية الضخمة ضد ترامب، تم أيضاً توجيه الحملة الشعبية الضخمة ضد نتنياهو، وأيضاً توجيه حملة المحكمة الجنائية العالمية ضد بوتين، كون الأخير في تصنيف بايدن يعتبر أيضاً من بقايا ترامب.. ونجل نتنياهو قال على حسابه الخاص (توتير) ما لم يقله والده منذ البداية بخصوص أن إدارة بايدن هي من تقف وراء الاحتجاجات الشعبية ضد والده وحكومته.