الهديل

خاص الهديل: نتنياهو وبايدن وأوباما: أزمات متلاحقة.. وحرب في “حدائق ترامب الخلفية”!!.

خاص الهديل:

 

 https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers

حينما وصل باراك أوباما إلى البيت الأبيض كان على رأس اهتماماته إبرام اتفاق نووي مع إيران، الأمر الذي كان بنيامين نتنياهو، وكان آنذاك رئيساً للحكومة الإسرائيلية، يعارضه بشكل كبير.

كان يترأس نتنياهو حينها حكومة حديدية فيها أقطاب أمنيين وسياسيين، وكان يوجد على رأسه شمعون بيريز أحد أخطر سياسيي إسرائيل. وكان بيريز من أنصار نظرية توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني ولم يكن مع منع إيران من امتلاك سلاح نووي عبر التفاوض معها.

ونقل بيريز آنذاك لنتنياهو وجهة نظره حول فكرة أن تبادر إسرائيل بتوجيه ضربة إستراتيجية لمفاعلات إيران النووية. 

قال بيريز لنتنياهو أن الله اختاره في هذه اللحظة ليكون رئيساً لحكومة إسرائيل كي ينقذ شعب إسرائيل من خطر إيران النووي الوجودي. وقال له أنت اليوم موسى هذا العصر، وكما أنقذ موسى بني إسرائيل وعبر فيهم سيناء أنت اليوم عليك أن تنقذ بني إسرائيل وتعبر فيهم من الخطر الإيراني النووي إلى التخلص من هذا الخطر.

وقال بيريز لنتنياهو أيضاً أن نابليون حينما خرج في غزواته كان وحيداً ولكن عندما بدأ غزوه لحقت به كل أوروبا. وأضاف أن أميركا والعالم لن يشجعوك الآن على ضرب إيران ولكن عندما تخرج لضربها سوف يلحق بك كل العالم. 

حديث بيريز لنتنياهو وصل إلى باراك أوباما الذي كان يحاذر بشدة من قيام إسرائيل من وراء ظهر واشنطن بتوجيه ضربة لإيران؛ الأمر الذي يفسد خطته الرامية إلى ابرام اتفاق نووي معها. 

وعندما زار نتنياهو واشنطن لأول مرة في عهد رئاسة أوباما، قال له نتنياهو: أميركا ليست قدر إسرائيل حتى تمنعها من الدفاع عن وجودها عبر القيام بضرب إيران..

ورد عليه أوباما: صحيح؛ ولكن أيضاً أنت لست النبي موسى كما يحاول اقناعك بيريز!!

لقد فشلت آنذاك زيارة نتنياهو لأميركا، وسادت من ذاك علاقة متوترة بين نتنياهو واوباما الذي كان نائبه حينها الرئيس الأميركي الحالي بايدن..

وفيما كانت أمس الأخبار في اسرائيل تتحدث عن استعداد نتنياهو للسفر الى اميركا ولقاء بايدن، فإن البيت الابيض أعلن أنه لا توجد دعوة أميركية موجهة لنتنياهو.. ووقع هذا التصريح الأميركي وقع الصاعقة على نتنياهو وعلى الليكود، وبشكل عام على كل إسرائيل. 

وشاع في إسرائيل أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية عادت إلى مربع الأزمة العميقة التي اشتعلت بوجه نتنياهو، حينما كان أوباما رئيساً وبايدن نائباً للرئيس. ويقول أصحاب هذا الرأي ان نتنياهو يواجه الآن نفس الموقف الذي واجهه مع أوباما عندما كان رئيساً؛ والمتغير الوحيد اليوم هو أن أوباما يقف في خلف الصورة، فيما بايدن يقف في الواجهة.

إن التوتر الحالي للعلاقة بين نتنياهو وبايدن له عدة أسباب وبتعبير أدق له عدة مستويات: 

المستوى الأول والأساسي يتصل بأن هذا التوتر هو جزء من الصراع الداخلي في أميركا بين بايدن والديموقراطيين من جهة وبين ترامب الجمهوري من جهة ثانية؛ فمن وجهة نظر بايدن فإن نتنياهو هو أحد بقايا ترامب الأميركي في الشرق الأوسط، وعليه فإنه يجب إسقاطه من رأس الحكومة في إسرائيل وإضعاف حضوره بين الاميركيين اليهود في الولايات المتحدة الاميركية. ونتنياهو يعلم هذه الحقيقة؛ ويعلم أنه بمثلما يخوض بايدن حرب إنهاء بوتين المدرج عند الديموقراطيين على لائحة أصدقاء ترامب في العالم، فإنه يخوض بشراشة ولو بأسلوب مختلف حرب إنهاء نتنياهو صديق ترامب في إسرائيل وبين يهود أميركا. وما لم يقله نتنياهو صراحة خلال بدايات الاحتجاجات ضده قاله ابنه يائير الذي كتب على حسابه على التوتير ان السفارة الأميركية في إسرائيل وإدارة بايدن تقفان وراء احتجاجات اسرائيل، وخلال الموجة الأخيرة من الاحتجاجات قال نتنياهو نفسه أن بايدن حاول إسقاطه مرتين ..

المستوى الثاني الكامن وراء توتر العلاقة بين بايدن ونتنياهو يعود لأسباب ليست جديدة، ومفادها ان الديموقراطيين يقولون أنهم مع حل الدولتين وذلك من أجل ضمان مستقبل إسرائيل وليس بالأساس من أجل حق تقرير المصير للفلسطينيين. ويعتبر الديموقراطيون أن رفض يمين اليمين (نتنياهو) وأقصى اليمين (جماعة غفير) لحل الدولتين يهدد إسرائيل إستراتيجياً ديموغرافياً وجيوسياسياً. وبالمحصلة فإن الديموقراطيين يعتبرون أن حربهم لإبعاد نتنياهو وجماعة غفير عن الحكم في إسرائيل هي حرب من أجل مستقبل إسرائيل وضمان وجودها على المدى الاستراتيجي. 

وكان بايدن بعد تشكيل حكومة نتنياهو الأخيرة أبدى قلقه من وجود غفير وأشباهه في الحكومة؛ ووضع شرطاً على نتنياهو للتعامل معه، وهو أن لا يسمح لغفير ورفاقه بأن يقودوا حكومته وأن يبقيهم تحت سيطرته؛ ولكن أحداث “حوارة” الأمنية؛ وتغطية نتنياهو بقوة للمضي بخطة “الإصلاحات القضائية” التي يريدها بحزم جناح “أقصى اليمين”، تم النظر إليهما في البيت الابيض من منظارين اثنين: الأول أنهما أكبر دليل على أن غفير يقود الأمن في “حوارة” ويقود السياسة في الحكومة؛ والثاني على أن نتنياهو ليس فقط متحالفاً مع جماعة “أقصى اليمن”، بل أن مصالحه جعلته واحداً منهم.

Exit mobile version