خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
منذ الشهر الماضي وهناك “تعليمية سياسية” في لبنان يحفظها معظم المسؤولين السياسيين، مفادها انه يجب انتظار ما ستحمله التطورات إلى لبنان خلال نهاية شهر نيسان وبداية شهر أيار…
.. واللبنانيون الذين سئموا الانتظار، لم يصدقوا هذا التقدير؛ واعتبروا ان لبنان ينتظر ما لا ينتظر، وأنه لن يحدث شيئاً إيجابياً مع قدوم شهر أيار؛ لأن الخارج ما عاد مهتماً بالأزمة اللبنانية؛ ولأن الداخل بات أشبه برجل مشلول لا يقوى على القيام بأي حراك.
وكانت أول جهة ضربت شهر أيار كموعد لحل مسألة الشغور الرئاسي وحصول انتخاب فخامة الرئيس العتيد، هي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي سرب وئام وهاب عنه عقب لقائه به مطالع هذا العام، قوله أن انتخاب رئيس الجمهورية سيحدث في أيار المقبل ..
والذين ضبطوا ساعاتهم السياسية على توقيت انتظار شهر ايار، لاحظوا أن دولاب المفاجأت الإقليمية بدأ يتحرك أكثر فأكثر كلما اقترب مؤشر ساعة الأحداث من شهر أيار؛ واعتبروا هذه الحيويات الاقليمية والدولية بمثابة مؤشرات عن صحة الموعد الذي ضربه نصر الله أمام وهاب بخصوص أنه مع مجيء أيار ستكون ظروف انتخاب فخامة الرئيس العتيد قد نضجت دولياً وإقليمياً ومحلياً.
وكانت أبرز حيويات وتطورات الطريق إلى ايار مفاجأة ابرام الاتفاق السعودي الإيراني في الصين التي حصلت في نهايات شهر آذار، والتي أشارت إلى أن المنطقة وبضمنها لبنان، تسير فوق طريق التسويات السريعة..
وضمن هذا السياق الجديد كانت حصلت هدنة اليمن في شباط الماضي، وتم في وقت واحد تقريباً توقيع الاتفاق البحري اللبناني الاسرائيلي؛ فيما جرى في العراق تحييد ورقة مقتدى الصدر لمصلحة انتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس للحكومة في بلاد الرافدين…
وكل هذه التطورات التي زاد عليها خلال الأسابيع الأخيرة، سياق متصل ومتواز من الانفتاح الإماراتي والمصري والسعودي والتونسي على دمشق، إنما تقول ان انتخاب رئيس جمهورية في أيار هو أمر ممكن، قياساً بما يجري في المنطقة من تطورات سريعة وتحولات إيجابية وتسويات تجمع الصيف والشتاء على سطح واحد.
.. وعليه فإنه لم يعد مستبعداً أن ينام لبنان على “وسادة الحل الخالي”، ويستيقظ في أحد صباحات شهر أيار على “حلم اليقظة الدولي والاقليمي” المسهل لانتخاب فخامة الرئيس العتيد.
والأسباب التي تدعو إلى توقع هذا الأمر عديدة؛ ولعل أبرزها أن التسويات تجري في المنطقة ضمن ثلاث سمات:
الأولى هي سمة النمطية السريعة، أي أن الحلول للمشاكل التي طالما اعتبرت شائكة وجدت حلولها على نحو مفاجئ من منظار الوقت الذي استغرقته، والمكان الذي أنجزت فيه، والجهة التي رعته .. ويعتبر الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين نموذجاً في هذا المجال لجهة دلالاته على تطبيقات السمة الأولى التي تجري وفقها التسويات والحلول في هذه المرحلة..
والسمة الثانية هي سرية المعالجات العميقة الهادئة ولكنها الفاعلة والحازمة في قرار تصفيير مشاكل المنطقة؛ بدليل الإتجاهات الراهنة لإنهاء الأزمة السورية عبر رزمة مفاوضات إقليمية تشمل إيران وروسيا وتركيا هدفها التوفيق بين أنقرة ودمشق، وعربية عبر رزمة عمليات انفتاح تجري بشكل متواز على دمشق وتشمل الإمارات والسعودية ومصر وتونس، الخ..
والسمة الثالثة هي شمولية الحلول وفق تراتبية حلها بالتدرج من الاصعب إلى الاسهل.. أي أن الاتفاق السعودي الإيراني، بغض النظر عن توصيف أولوياته؛ إلا أنه يعتبر اتفاقاً استراتيجياً لاستقرار المنطقة، وليس فقط لدعم استقرار البلدين المعنيين به. وانطلاقاً من هذه الحقيقة فإن هذا الاتفاق رس خارطة طريق لإنهاء المشاكل في المنطقة، كونه أشاع مناخاً يسمح بانهاء ارتباط مشاكل المنطقة، ليحل مكانه مناخ نقل عدوى التسويات والانفراجات من أزمة إلى أخرى في المنطقة، ولبنان ليس خارج مناخ إصابته بعدوى التسويات الحميدة.
يبقى القول أن موعد شهر أيار هو موعد “وصول إتضاح خارطة التسويات الاقليمية في المنطقة إلى ذروتها”؛ وحينها سيجري انتخاب فخامة الرئيس العتيد، ليس انطلاقاً من أن انتخابه سيؤمن حل أزمة لبنان، بل سيؤمن المدخل الإجباري لإنهاء الغموض المسيطر على حل أزمة بلد الأرز، وبدء إتضاح طبيعة وخارطة التسوية اللبنانية الداخلية، وذلك ضمن نطاق التسويات الأكبر الجارية في المنطقة.
وثمة من الدبلوماسيين من يقول أنه في حال لم يشهد الشغور الرئاسي في لبنان حلاً بغضون شهر أيار؛ فإن هذا يعني ان لبنان سبقه قطار الحلول في المنطقة؛ وهو ذاهب لتحلل مؤسسات دولته، والى وضع داخلي ميؤوس منه!!..