خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
ليس متوقعاً أن تنتهي “حالة اللاأمن” التي تضرب إسرائيل بشكل عام منذ بداية هذا العام، وبشكل خاص منذ بداية شهر رمضان الجاري.
وأمس أحصت وسائل إعلام عبرية وقوع ١٨ عملية فدائية منذ بداية هذا العام؛ عشر عمليات منها تمت بإطلاق نار؛ وأربع عمليات دهس؛ وأربع عمليات طعن.
وتبين أمس أنه لدى الشرطة الإسرائيلية حوالي ٣٥٠ تنبيهاً باحتمال حصول عمليات فدائية في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة خلال الساعات والايام القادمة.
وخلال الساعات ال ٤٨ الأخيرة، حصلت عمليتان فدائيتان بفارق ساعات بين الاولى التي جرت في غور الأردن؛ والثانية التي وقعت في تل أبيب.
..وتكمن أهمية العملية الأولى في كونها حملت مفاجئة لصناع القرار الأمني الإسرائيلي الذين يعتبرون أن منطقة غور الاردن مشمولة بنظرية “الاحتمالية الضعيفة” بعلم الأمن التي تعني ان نطاقها يحفل باعتبارات سياسية وأمنية وعسكرية تجعلها الأكثر حماية؛ وهذا ما يفسر لماذا ظهرت الصدمة جراء العملية على كبار القادة العسكريين الاسرائيليين الذين اعترفوا بأنها خطرة للغاية، وبأنها تنطوي على تبعات بعيدة المدى، ما جعل بعض القادة العسكريين يطالب مستوطني منطقة غور الاردن بحمل سلاحهم الشخصي معهم خلال تنقلاتهم.
والواقع أن هذا الطلب الأخير يعني أمراً واحداً، وهو اعتراف الجيش الإسرائيلي بأنه لم يعد قادراً على حماية مستوطني غور الأردن، وأن معادلة الأمن في هذه المنطقة أصبحت شخصية (أي أمن فردي) ولم تعد “أمن عام” يخضع إلى “معادلة الأمن الرسمي الذي تحققه الدولة لمواطنيها”..
وفي كيان له مواصفات إسرائيل، فإن تحول الأمن في منطقة غور الأردن المحتلة الى “أمن شخصي” وليس”أمن عام” يعني أيضاً أن مستوطني غور الأردن باتوا أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما:
الأول هو نزوحهم عن هذه المنطقة؛ أي تفكيك مستوطناتهم نتيجة أن الجيش أصبح يستطيع فقط تأمين أمن النطاق الجغرافي لمنطقة الغور، ولكنه لم يعد قادراً على تأمين الأمن الشخصي لمستوطني الغور.
الخيار الثاني هو أن يبادر مستوطنو غور الأردن إلى إنشاء ميليشيات عسكرية ما يعني تحول منطقة الغور إلى فيدرالية عسكرية؛ وهذا تطور يهدد فيما لو تم تعميمه على مناطق إسرائيل، بتسريع الانزلاق إلى حرب أهلية نظراً لظروف العداء الشرش السائدة والمتعاظمة بين اليهود المتطرفين الدينيين وبين اليهود العلمانيين.
..أما العملية الفدائية الثانية فتكمن خطورتها في أنها حصلت في العمق الإسرائيلي؛ وأن منفذها – وهذا هو الأهم – هو من “حملة الهوية الزرقاء” التي تمنح لمن تسميهم تل أبيب “بعرب إسرائيل”، أي الشريحة الفلسطينية التي ظنت إسرائيل أنها أصبحت من مواطني الدولة العبرية؛ وأنها خرجت من دائرة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني!!.. وتكمن خطورة اندماج حاملي الهويات الزرقاء بحملة تنفيذ العمليات الفدائية، في أنها تنقل الحرب الى داخل أحياء المدن والقرى والبلدات في عمق إسرائيل.. والواقع أن هذا التطور الذي أضافته عملية تل أبيب أمس؛ هي التي دفعت بنيامين نتنياهو الى الطلب من الجيش أن يستدعي الاحتياط، ونفس الأمر طلبه من أجهزة الشرطة.
هناك سؤالان استراتيجيان يطرحان نفسيهما بإلحاح في هذه اللحظة:
السؤال الأول هو إلى متى تتحمل إسرائيل إبقاء كل جيشها، وبخاصة كل احتياطي جيشها الذي هو عماد قوته من ناحية، والذي هو من ناحية ثانية – وهذا هو الأهم – يشكل قوة العمل والإنتاج الاقتصادي الإسرائيلي، في حالة استنفار شاملة(؟؟)؛ سيما وأن الحرب التي تواجهها حالياً إسرائيل ليست بين جيشين أو بين مجموعات تتواجد خارج حدودها، بل هي حرب مستمرة نظراً لكونها تجري بينها وبين قنابل موقوتة وخفية موجودة بين ظهراني مستوطنيها؟؟..
والسؤال الثاني هو هل تغامر تل أبيب بالسماح بتحويل المجتمع الإسرائيلي إلى “مجتمع معسكر”، وذلك تحت الحاجة لتأمين حماية أفراده، وعلى الرغم من وجود مخاطر أن يؤدي حمل السلاح من قبل الإسرائيليين إلى استخدامه في الصراعات البينية اليهودية الحادة، وليس فقط ضد الفلسطينيين؟؟.