الهديل

تبريد بحسابات إقليمية والسلطة من انكشاف إلى آخر

كتبت النهار:

على الأرضية الهشّة والانكشاف الذي يطبع موقف السلطة اللبنانية الرسمية حيال التطورات التي شهدتها المنطقة الحدودية الجنوبية مع إسرائيل قبل أيام، بدا واضحاً أنّ عودة الهدوء واحتواء تداعيات القصف الصاروخي الذي سخّر أرض الجنوب ومرّر لإسرائيل الذريعة في ردودها لم تكن بفعل الموقف الرسمي اللبناني بقدر ما كان نتيجة حسابات استراتيجية رتّبها التدهور الواسع مروراً بالجنوب وغزة وغور الأردن وقلب تل أبيب.


ووسط تساولات قلقة حيال ارتفاع وتيرة التوتّر الذي اشعلته احداث المسجد الأقصى، بدا واضحاً أنّ الساعات التي أعقبت التوتر الذي شهدته الحدود اللبنانية الإسرائيلية قد سحب فتيله على قاعدة تبريد الساحة اللبنانية وتحييدها أقلّه الآن وما لم تطرأ مفاجآت خطيرة جديدة. وهذا التبريد والتحييد بدا على خلفية استبعاد تورّط “حزب الله” في استهداف الجليل في مقابل استبعاد تعامل إسرائيل مع القصف الصاروخي الأخير من الجنوب بأنّه برعاية أو بتورط من “حزب الله” وحصر التبعة بحركة “حماس”.
هذه المعادلة ارتسم بعض من ايحاءاتها في ما نقله اعلام إسرائيلي أمس عن مسؤول دفاعي إسرائيلي من أنّ رسائل نقلها “حزب الله” عبر وسطاء دوليين عديدين مفادها أنّه لم يكن جزءاً من الهجوم، ولم يكن على علم به مسبقاً وإن تقييمات المخابرات العسكرية الإسرائيلية تميل إلى قبول ادّعاء “حزب الله” على أنه واقعي.

وفي المقابل، بدا لبنان الرسمي في تحريكه ديبلوماسية الشكاوى ضد إسرائيل كأنّه أراد أيضاً إحداث توازن في موقفه وإقناع الأسرة الدولية بأنّه يقف فعلاً ضد استعمال أرضه في أي تعريض للاستقرار للانهيار علماً أنّ هذا الموقف لا يبدو مقنعاً بعدما انكشف العجز الرسمي عن منع الاستباحة التي طبعت القصف الصاروخي من القليلة وما واكب ذلك من ارتدادات بالغة السلبية على صورة الدولة والسلطة بإزاء اخطر انتهاك للقرار 1701 حصل في قلب منطقة جنوب الليطاني.

وكان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عقد اجتماعاً امس مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب وقررا توجيه رسالة شكوى إلى الأمين العام للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، عبر بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة.

وفي نص الشكوى الذي وُزِّع، “حذّر لبنان من خطورة التطورات الاخيرة التي شهدتها المنطقة لا سيما القرى الواقعة في الجنوب اللبناني، وأكّد حرصه عل العمل لسحب فتيل الفتنة والدعوة إلى تهدئة النفوس محمّلا اسرائيل مسؤولية تداعيات اي تصعيد من شأنه أن يفجّر الأوضاع على الحدود اللبنانية الجنوبية. وفيما أكد لبنان تمسكه بسياسة ضبط النفس انطلاقا من وعيه لأهمية الاستقرار والهدوء ومن حرصه الثابت على الوفاء بالتزاماته الدولية، الا انه دان الاعتداءات التي نفذتها اسرائيل فجر الجمعة الواقع فيه / 2023على مناطق في جنوب لبنان، والتي عرّضت حياة المدنيين وسلامة الأراضي اللبنانية للخطر، وقد اعتبرها عملاً عدوانياً فيه: انتهاك صارخ لسيادة لبنان، تهديد للاستقرار الذي كان ينعم به الجنوب الللبناني، خرق فاضح لقرار مجلس الامن الدولي 1701 وتهديد للسلم والأمن الدوليين.

كما جدّد لبنان رفضه استعمال أراضيه كمنصة لزعزعة الاستقرار القائم مع إحتفاظه بحقه المشروع بالدفاع عن النفس، وأعاد التأكيد على أنّ إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الامم المتحدة وقوات “اليونيفيل” هي السبيل الأمثل لحل المشاكل والحفاظ على الهدوء والاستقرار، مبدياً استعداده للتعاون الدائم مع قوات حفظ السلام على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وحرصه على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان”.

وسط ذلك توالت المواقف الدولية المنددة باطلاق الصواريخ من لبنان. فقد أعربت الولايات المتحدة عن دعمها إسرائيل، من دون أن تؤيد صراحةً الغارات التي شنّتها الدولة العبريّة على الجنوب اللبناني ردّاً منها على تلك الصواريخ. وقال متحدّث باسم الخارجيّة الأميركيّة “نحضّ على وقف التصعيد من كل الجوانب، ونعترف بأنّ إسرائيل تستطيع ممارسة حقّها الطبيعي في الدفاع عن النفس”.وأضاف: “استخدام لبنان نقطة انطلاق لهجمات صاروخيّة ضدّ إسرائيل يُعرّض لبنان للخطر ويزيد احتمال” توسّع النزاع.

بدوره، دان الإتحاد الأوروبي الهجمات في إسرائيل وإطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه الدولة العبرية، ودعا إلى “ضبط النفس”. وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية للإتحاد بعد هجمات الجمعة في تل أبيب، إنّ “الإتحاد الأوروبي يعرب عن إدانته الكاملة لأعمال العنف هذه”. كما دان إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ولبنان، مؤكداً أنّنا “نحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد وتعزيز الهدوء في فترة الأعياد الدينية الجارية. وبحسب بوريل، فإنّ “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. وفي ذات الوقت، يجب أن يكون أي رد متناسبًا”.

في غضون ذلك، تناول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في رسالة الفصح التي وجهها امس لقاء الصلاة للنواب المسيحيين وعدد المسؤوليات الملقاة على عاتق المسؤولين لا سيما: انتخاب رئيس للجمهورية، ينعم بالثقة الداخلية والخارجية، وإلّا ظل مجلسهم معطلاً عن التشريع والمحاسبة والمساءلة، وهم يشغلون منصباً فارغاً من محتواه، وظلّت الدولة من دون حكومة كاملة الصلاحيات، والوزارات والإدارات العامة مبعثرة، والقضاء متوقفا وخاضعا للنفوذ السياسي، وكارثة تفجير مرفأ بيروت وضحاياها وخساراتها طي النسيان، والسلاح غير الشرعي في حالة إنفلات يجر لبنان وشعبه إلى تلقي ضربات الحروب التي لم يقررها ولم يردها، كما جرى بالأمس على حدود الجنوب، على الرغم من قرارات مجلس الأمن وأهمها القرار 1701.” وسأل: “إلى متى تبقى أرض لبنان مباحة لكل حامل سلاح؟ وإلى متى يتحمل لبنان وشعبه نتائج السياسات الخارجية التي تخنقه يوما بعد يوم. 80 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، والعيش في الحرمان والعوز حتى الانتحار، النقص في الأدوية للمرضى وعجزهم عن الإستشفاء وموتهم في بيوتهم، انقطاع التيار الكهربائي وخدمة الإنترنت وتعطيل العمل والدروس ولا سيما في المدارس الرسمية، وجود 2،300،000 نازح سوري يستنزفون مقدرات الدولة ويعكرون الأمن الإجتماعي ويسابقون اللبنانيين على لقمة عيشهم، ويذهبون إلى سوريا ويرجعون من معابر شرعية وغير شرعية بشكل متواصل ومنظور، والأسرة الدولية تحميهم على حساب لبنان لأسباب سياسية ظاهرة وخفية. ومن الواجب الملح العمل من قبل النواب والمسؤولين مع الأسرة الدولية على إرجاعهم إلى وطنهم ومساعدتهم هناك.

– الشلل الاقتصادي وتدني الأجور وهجرة أهم قوانا الحية والفاعلة من مختلف القطاعات.

– شبه غياب عن الولاء للبنان والوطن بشعبه وأرضه وحضارته وحضوره في العالم وفي التاريخ.

– مشكلة الحالة العشائرية الضامنة التي تحكم الزعامات المتوارثة بالحياة السياسية. ما يوجب تغيير الذهنيات، وتحرير المواطن من جميع الولاءات إلا الولاء للوطن، فيتساوى عندها المواطنون أمام القانون.

– انتشار الفساد وتهافت أركان السلطة على تحقيق المكتسبات الشخصية والفئوية، وتحاصص المغانم، حتى بلغ الإنهيار ذروته بالإستيلاء على جنى أعمار المواطنين”.

وختم الراعي: “أقمتم، أيها المسؤولون في الوزارات بواجباتكم التي تبرر سبب وجودكم في الحكم، أم لا، فإن الكنيسة ستتمسك أكثر فأكثر بواجبها الضميري في خدمة هؤلاء الذين سماهم الرب يسوع “إخوته الصغار” من أجل تأمين حقوقهم وحماية كرامتهم. والحيف عليكم”.
Exit mobile version