الهديل

كفى… فلبنان ليس صندوق رسائل لإسرائيل

 

 

كتب عوني الكعكي:

منذ عام 1969 والشعب اللبناني يعاني ويتحمّل حين تقوم مجموعة من 4 أو 5 عناصر من المقاومة الفلسطينية بعملية عسكرية في أرض فلسطين المحتلة فيأتي الرد بغارات جوية على جنوب لبنان…

نفهم ان “اتفاقية القاهرة” وقّعها لبنان مُجْبراً بضغط من جميع الدول العربية في القاهرة، خصوصاً وأنّ اخواننا المسيحيين كانوا رافضين لتلك الاتفاقية، وقد بقيت البلاد 8 أشهر بدون حكومة لأنّ المرحوم رشيد كرامي رفض تشكيل حكومة إلاّ بعد أن يوقّع لبنان على “اتفاقية القاهرة”…

باختصار… ما هي “اتفاقية القاهرة”؟ هي ان تسمح السلطات اللبنانية بأن تقوم دولة للمقاومة الفلسطينية ضمن الدولة اللبنانية.. أي ان تكون المقاومة الفلسطينية مسؤولة عن أمن المخيمات، هذا أولاً. اما البند الثاني والأخطر فكان بأن يُسمح للفلسطينيين المقاومين الذين يرغبون في إجراء عمليات فدائية ضد الاحتلال الاسرائيلي وتنفيذها كما يشاؤون.

اليوم، وبعد خروج المقاومة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات عام 1982 بعد احتلال القوات الاسرائيلية لأول عاصمة عربية هي بيروت. إذ دام حصار بيروت 100 يوم.

كان المفروض من الدولة اللبنانية أن تعيد النظر في “اتفاقية القاهرة”.. لكن، على ما يبدو ان الزعماء كانوا لا يزالون بحاجة الى قميص “عثمان” خصوصاً انه اذا ألغيت “اتفاقية القاهرة” جاءنا الاحتلال الاسرائيلي الذي بدوره فتح المجال للبنانيين هذه المرة بأن يتسلحوا ليحرروا أرضهم.

استفادت إيران من حاجة اللبنانيين الى السلاح والمال لتحرير الجنوب فأنشأت “حزب الله” عام 1983 تحت شعار تحرير لبنان… وبالفعل استطاع حزب الله تحرير الجنوب عام 2000 وأجرى احتفالاً بالتحرير، فأقيم احتفال بالمناسبة التي دخلت التاريخ.

كنا نظن أنه كان على الحزب أن يضم سلاحه الى سلاح الدولة اللبنانية وأن يكون جزءاً من سلاح الدولة تستعمله عندما تحتاجه. للأسف لم يحصل شيء من هذا بل العكس، دخل الحزب الى الدولة حاملاً سلاحه، وبدل أن يكون السلاح من أجل الدفاع عن الأرض والشعب اللبناني، أصبح السلاح لفرض الحزب شروطه على الحكم بدءاً بتعيين رئيس للجمهورية.. وهذا ما حصل تحت شعار ان الشعب والنواب يريدون رئيساً مثل اميل لحود… وبالفعل الرئيس اميل لحود لم يكن مهتماً بحكم لبنان بل كان همّه تجميع “البيوت” والفلوس والسماح بالتخطيط وتنفيذ ما يريده حزب الله من أجل بسط سيطرته على الدولة بكل مفاصلها من رئيس الجمهورية الى النواب والوزراء والمدراء العامين.

اليوم يكون قد مضى على “اتفاقية القاهرة” 54 عاماً، وتلك الاتفاقية ما زالت موجودة.

واليوم مضى على تحرير لبنان 23 عاماً وسلاح الحزب وسيطرته ما زالت قائمة.

لو أردنا أن نقيّم الوضع اليوم مقارنة بـ”كيف كان لبنان” ماذا نستطيع القول للشعب اللبناني؟ بمعنى أدق، هل لبنان أصبح أغنى وأجمل وأفضل وأحسن مما كان عليه قبل عام 1969؟ وأين كان لبنان وأين أصبح؟

من المسؤول عن الحال التي وصلنا إليها؟

نظرة سريعة الى الدول التي لم تذهب في طريق الممانعة والمقاومة، نرى انها كانت دولاً غير متقدمة، فلا مدارس فيها ولا جامعات ولا مستشفيات ولا سياحة ولا اقتصاد ولا زراعة ولا صناعة.

بكلمة مختصرة، البلاد العربية النفطية كانت قبل اكتشاف النفط دولاً فقيرة، ولكن مع مجيء هذه الثروة الربانية استطاع حكام تلك الدول تطوير بلادهم. وعلى سبيل المثال، أين المملكة العربية السعودية اليوم؟ أين إمارة دبي وأين العراق؟ وأين إمارة أبوظبي؟

أخيراً لا بد من أن نسأل أهل المقاومة والممانعة: هل يوجد أي فرص عمل للمواطنين؟ وكم هو عدد المواطنين اللبنانيين الذين يعملون في دول الممانعة والمقاومة؟ في المقابل يوجد 500 ألف مواطن لبناني في المملكة العربية السعودية، ورقم تقريبي 500 ألف مواطن في دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر، وهم يحوّلون الى لبنان 7 مليارات دولار أميركي سنوياً.

وهنا نسأل أيضاً: كم هي الأموال التي تحوّل من اللبنانيين الذين يعملون في إيران والعراق واليمن وسوريا الى لبنان؟ طبعاً لا شيء.

وتطلبون من المواطن اللبناني أن لا يجوع ويفقر، وتطالبونه بعدم الانتحار.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version