الهديل

ماذا تريد أمنا الحنون فرنسا من لبنان؟

 

 

كتب عوني الكعكي:

منذ عام 2019، ومنذ أزمة البنوك دخلت فرنسا على خط لبنان سياسياً وأمنياً واقتصادياً ناسية أو متناسية انها تعني لكل اللبنانيين الأم الحنون. وهذا اللقب لقبت به منذ بداية 1923، أي منذ وضع لبنان تحت الانتداب الفرنسي.. ولا أحد ينكر ان اللبنانيين استفادوا من المدارس والجامعات والارساليات العلمية وبالأخص من الجامعات الفرنسية وخصوصاً الطبية منها، كما تملك فرنسا في لبنان بالاضافة الى قصر الصنوبر مساحة كبيرة في منطقة المتحف أقيم عليها الجامعات بالاضافة الى مستشفى “اوتيل ديو” الذي يعتبر من أهم المستشفيات في لبنان.

كل هذا حقيقة… ولكن اللافت مواقفها الأخيرة من لبنان خصوصاً من البنوك اللبنانية التي كانت تعتبر شريكاً حقيقياً لبعض البنوك الفرنسية مثل سوسيتيه جنرال وفرنسبنك وغيرهما.

القطاع المصرفي اللبناني كان يتمتع بمزايا فريدة من نوعها خصوصاً في ما يتعلق بالسرية المصرفية، التي لم تعد موجودة في كثير من بلاد العالم. وهنا لا بد أن نتذكر المرحوم الزعيم الوطني ريمون إدّه، الذي كان يتمسّك بالسرية المصرفية، بالاضافة الى المرونة في التعامل مع المودعين… وللتاريخ نقول إنّ هذا القطاع كانت تتوفر فيه ودائع بقيمة 4 مليارات دولار عام 1993 يوم تسلم حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة منصبه، والذي استطاع أن يصل الى 200 مليار دولار ودائع أي خلال 27 سنة من عمله، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على ان القطاع المصرفي في عهد رياض سلامة حقق المعجزات.

وللعلم، فإنّ البنوك السعودية تبلغ قيمة الودائع فيها 200 مليار دولار اي مثل لبنان… فتصوّروا لبنان الصغير حجماً توازي الودائع فيه ما يوجد في بنوك المملكة العربية السعودية التي يبلغ دخلها من النفط يومياً مليار دولار، بالاضافة الى الكثير الكثير من المداخيل للدولة من السياحة الدينية، الى الصناعة… لأنّ السعودية اتجهت الى الصناعة والزراعة وإلى التصنيع، وأصبحت دولة متقدمة في كافة المجالات.

بالعودة الى الوفد القضائي الذي جاء الى لبنان ليحقق مع حاكم مصرف لبنان… نريد أن نسأل “مسيو” ماكرون: هل يقبل أن يذهب وفد قضائي لبناني الى باريس ويطلب التحقيق مع حاكم مصرف فرنسا أو أي مسؤول فرنسي؟ بالطبع الجواب كلا.

لذلك، كيف يسمح الرئيس ايمانويل ماكرون وهو الذي يعتبر بلده فرنسا رمزاً للحرية والعدالة، كيف يسمح بذلك؟ هذا أولاً.

أما ثانياً: فكما نعلم فإنّ السلطات الفرنسية تستطيع أن تحصل من البنوك في فرنسا على كل المعلومات التي تريدها، خصوصاً أنّ القانون الفرنسي يسمح بذلك، فلو كان هناك عند الفرنسيين أي شيء ضد الحاكم فإنهم يستطيعون أن يرسلوا الى الدولة اللبنانية ملفاً قضائياً والدولة اللبنانية بدورها تقوم بواجباتها.

فعلاً هذا اعتداء فرنسي على المواطن اللبناني وعلى لبنان.

من ناحية ثانية، الاسبوع الماضي أوقف رهن التحقيق رئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين خلال عودته من كندا الى لبنان، إذ توقف ترانزيت في باريس. والمصيبة انهم حققوا معه وأجبروه على دفع كفالة مليون يورو، وسحب جواز سفره منه، وبعد عدّة أيام تبيّـن ان كل المعلومات الواردة كانت كاذبة وملفقة ومعروف من يقف وراءها.

أخيراً، أطلب من الدولة اللبنانية (التي هي غير موجودة)، أن تنتفض لكرامتها وكرامة شعبها وترفض كل ما يجري.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version