الهديل

خاص الهديل: الحل في لبنان يحسمه سباق التموضع الإقليمي فوق ميدان الصراع الصيني الأميركي في الشرق الأوسط..

خاص الهديل:

 

 

ما يحدث في العالم هذه الفترة غير مسبوق، سواء لجهة نوعية الأخطار التي يحملها من جهة؛ أو لجهة نوعية التغييرات التي يطرحها داخل النظام الدولي والإقليمي من جهة أخرى..

.. فمن ناحية الأخطار المتوقعة، فإن المطروح ليس فقط احتمالات نشوب حروب تقليدية، بل اندلاع حروب نووية، وحتى حرب عالمية ثالثة. 

وهناك شخصيات مطلعة ولها رأيها المسموع في مجال متابعة تطورات العالم، تتحدث عن احتمال نشوب حرب كونية ثالثة مع نهاية هذا العام(!!)، والملاحظ أن المراقبين الذين لا يتوقعون نشوب حرب عالمية ثالثة نظراً لأن أحداً في العالم لا يريد تحمل كلفتها الكارثية؛ فهم يجزمون تقريباً ان بديل الحرب الكونية ستنشب حروب أكثر من تقليدية في غير منطقة من العالم وفي مقدمها منطقة الشرق الأوسط.. وهذا الطيف من المراقبين يتحدث عن السيناريو التالي: 

أولاً- ان كل الصراعات التي تحدث في العالم منذ الفترة القليلة الماضية حتى أمد غير معلوم، هي تعبير عن تفاعلات الصراع الأم في العالم؛ أي الصراع الصيني الأميركي. 

ثانياً- هذا الصراع الكبير كان بدأ منذ عدة اعوام ولكن مظاهره كانت فقط اقتصادية وبحدود محسوبة، أما الآن فإن تعبيراته الحادة خرجت إلى العلن وأصبحت مظاهره تشمل كل الصعد.

ثالثاً- .. واستدراكاً للبند الثاني الوارد أعلاه، يصبح صحيحاً القول أن كل الصراعات التي تحدث اليوم في العالم؛ وأيضاً كل التسويات التي تحدث اليوم في العالم؛ هي تعبيرات عن توجهات لدى الدول المشاركة فيها للتموضع فوق ميدان الصراع الأميركي الصيني؛ وعليه فإن هذه الصراعات ستكون طويلة المدى كونها امتداد لصراع القطبين الكبيرين طويل المدى؛ كما أن التسويات ليس مضموناً أنها ستحل الأزمات، بل ربما ستعقد هذه الأزمات، بالنظر لأن أحد طرفي الصراع الكبيرين (واشنطن وبكين) سيحاول تعطيل أية تسوية يجد أنها تخدم مصالح الطرف التخر..

رابعاً- شكل الاتفاق الإيراني السعودي مرحلة مفصلية داخل النظام الدولي، ساهم في نقل الصراع الصيني الأميركي من مرحلة التفاعل تحت السطح، إلى مرحلة الصدام فوق الأرض.. 

وضمن هذا التحول النوعي الذي رفع درجة حدة الصراع بين الطرفين الصيني والاميركي، فإن المتوقع هو بدء بروز مظاهر الحرب الباردة الجديدة بين العم سام وبين التنين الأصفر؛ فوق ساحات ومناطق العالم المختلفة؛ بمعنى أن التسويات الإقليمية الجارية فوق ميدان الصراع العالمي الجديد، قد لا تأتي بالسلام، بل قد تتحول إلى تحالفات فوق ميدانه؛ وهي أقصى ما تستطيع فعله هو أن تجمد الأزمات والحروب بين أطراف إقليمية التقت مصالحها عند التموضع مع هذا الطرف ضد الآخر في الصراع العالمي الجديد الناشب بين الصين واميركا. 

خامساً- إن أهم سمة سياسية مستجدة في منطقة الشرق الأوسط، يمكن لحظها اليوم، هي أن العالم يجري حالياً قطيعة كاملة مع المرحلة السياسية التي كانت بدأت عام ٢٠١١، وعرفت حينها بالربيع العربي.. 

لقد طوى العالم صفحة هذه المرحلة، وبدأ يصفي كل ملفاتها وذلك لمصلحة التعاطي مع الشرق الأوسط على أساس موجبات التأثيرات الناجمة عن بدء الصراع المباشر الأميركي الصيني.. وهذا ما يفسر لماذا انتقل الصراع في السودان من لحظة انه انتظار للحل الديموقراطي إلى لحظة أنه صراع بين الجنرالات على السلطة وذلك على حساب الحل الديموقراطي الذي كانت طرحته ثورة الربيع العربي في السودان..

..وهذا ما يفسر أيضاً لماذا توقيت عودة العرب إلى سورية الآن، وذلك من بوابة أن استقرار سورية بغض النظر عن شكل الحل لأزمتها، هو المطلوب لأنه يخدم تحصين الأمن الإقليمي بمواجهة مرحلة الحرب الباردة العالمية الجارية حالياً؛ الخ..

..وبالإشارة إلى لبنان، فإن المتوقع هو أن يجد حلاً لأزمته داخل مسارات لعبة تموضع المنطقة فوق ميدان الصراع الصيني الأميركي، وليس على اساس إصلاح الوضع اللبناني بحسب أوراق ربيع لبنان..

والواقع أنه في هذه اللحظة، يسود شيء من الغموض في المنطقة حول ما إذا كانت الخيارات الكبرى المتخذة من قبل دول المنطقة للتقارب ولهندسة تموضعاتها فوق ميدان الصراع الدولي الكبير الجديد، ستكون آمنة وصائبة، بحيث تؤدي إلى نتائج تفيد الإستقرار، ولا تثير الصراعات والنزاعات!!..

Exit mobile version