أي عيد يمر علينا…
بقلم الشيخ مظهر الحموي
أي عيد يحتفل به المسلمون في إبتهاج ويتبادلون به التهاني جهارا وعلى شاشات المحطات الفضائية وعبر وسائل الإنترنت وأعداء هذه الأمة يكيدون لكل بلد عربي مسلم بفنون المصائب والويلات والتهديد ، وكلنا رأى ما حدث ويحدث لإخواننا المجاهدين في أكناف بيت المقدس كيف يتعرضون لأبشع أنواع الإنتهاكات والمجازر وعمليات الإقتحامات والقتل والتدمير والإعتقال والرعب والإذلال ومشاهد جنازات الأبطال الشهداء ، وبرادات الجثث، وبكاء الأيتام ، ودمعات الأمهات والأرامل الحارقة ومناظر البؤس في الأزقة والشوارع بين مجنزرات ودبابات وطائرات العدو المتغطرس…
أي عيد وأمتنا تتناوشها المطامع والأهواء من كل حدب وصوب تتسلل الى عقيدتنا وناشئتنا وتهدد قيمنا وأخلاقنا وتراثنا ؟
أي عيد ومعظم أفراد الشعب اللبناني وعائلاتهم لا ترقى الى الحد الأدنى من خط الفقر.
وكيف يتسنى لنا أن نبتهج بالعيد ونضحك ونبتسم ومعظم اللبنانيين أصبحوا من الفقراء والمساكين ومن العائلات المستورة التي لا يعلم بظروفها سوى الله وحده سبحانه وتعالى حيث تتلوى بطونهم من الجوع ولا يجدون ما يأكلون؟!
أي عيد وحيثما تلفتّ تجد من يتربص بنا سوءاً ويريد بنا شراً ولا يهتم سوى بإيذائنا وتقويض دعائمنا وإستقرارنا وتفكيك وحدتنا وشرذمتنا والقضاء على إقتصادنا…
أي عيد ، والأحكام الجائرة الظالمة لا تطال الا شباب أهل السنة والمئات من أسرانا المقهورين في السجون بلا محاكمة : ظلما وإفتئاتا يقضون أتعس أيام عمرهم وشبابهم في الأقبية والسراديب ، هكذا ولا من يهتم بأمرهم أو يعمل على إطلاق سراحهم ، ولو ان أحدا منا تخيل مقدار القهر والذل الذي يتعرض له سجين ساعة واحدة لأدركنا كم هي مهولة وخطيرة هذه المأساة التي تلف أسرانا ومساجيننا .
أي عيد وقد تحول كل نفر من المسلمين الى جماعة وفرقة وحزب وملة وجمعية وتيار وصرنا أشبه بالجزر المتباعدة لا جسر بينها للتواصل ، وليس سوى التعنت والإستعلاء والإدعاء المزعوم من كل واحدة منها بأنها الفرقة الناجية …
أي عيد يطل علينا ونحن نرى هذه المشاهد والمآسي بأمتنا يستباح دينها ويستهزأ به ، ونبينا تروج عنه الشبهات ، وأعراضنا تنتهك ، وأراضينا تداس وكرامتنا تمتهن ؟
وحيثما تنقلت بين أقطار العرب والمسلمين تجد أن هناك من يتربص بنا سوءا ويريد بنا شرا ولا يهتم إلا بإذائنا وتقويض دعائم أمتنا واستقرارنا وتفكيك وحدتنا وشرذمتنا وتوهين عرانا بديننا وشريعتنا قال رسول الله ﷺ «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تدعى الأكلة إلى قصعتها» فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن» فقال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال : «حب الدنيا وكراهية الموت»
لا عيد لنا يا مسلمون إلا بعودة صادقة مخلصة الى الله ، نابعة من قلب صادق ، مليئة بحب بعضنا بعضا ، ونصرة إخواننا في كل مكان ، حتى تتحقق فينا مقاصد رمضان ، في أن يكون محطة تجديد إيمانية للتقوى في حياتنا، وإعادة تأهيل للإرادة التي ربما قد وهنت في ضغوطات الحياة ، ومدرسة لتهذيب النفس والخلق ، وتنقية الوجدان والنفس الإنسانية من الشوائب ..
فبالعودة المخلصة الى الله تعالى بعد شهر من التعبد مقبول بإذن الله ملئ بالطاعات والمكرومات وفعل الخيرات والإهتمام بأمر المسلمين في كل مكان ، عندها نكون أهلا بهذا العيد وتكون أمتنا على قدر هذه المناسبة العظيمة التي يكافأ بها المسلم بعد صيامه..
تقبل الله منا جميعا، وفك اسرانا ، ورفع الظلم عنا ، إنه سميع مجيب….
اخوكم الشيخ مظهر الحموي