خاص الهديل:
خلال الأيام الأخيرة حاول حزب الله عبر أهم شخصيتين قياديتين داخله، وهما السيد هاشم صفي الدين والشيخ نعيم قاسم الايحاء بأن على القوى السياسية في الداخل وأيضاً على الممسكين بالملف اللبناني في الخارج، أن يعلموا أنه ليس لدى حارة حريك لا “خطة باء” ولا “خطة جيم” بخصوص انتخاب فخامة الرئيس العتيد؛ بل ما يوجد عند الحزب هو “خطة ألف” التي ترشح سليمان فرنجية؛ مع إضافة تعديل عليها، وهو أنه ليس فقط لا يوجد للحزب مرشح غير “أبو طوني”، بل أيضاً لا يوجد لدى الحزب بديل عن أبو طوني غير الفراغ..
..وأمس زاد السيد هاشم صفي الدين الذي يوصف بأنه رئيس الحكومة داخل حزب الله، والرجل الثاني في حزب الله، إلى معادلة فرنجية أو الفراغ، مصطلح جديد على خطاب الحزب الرئاسي وهو أن لبنان مع استمرار عدم انتخاب فرنجية ينتقل من مرحلة الأزمة إلى مرحلة الفوضى، لتصبح المعادلة بنسختها الأخيرة كما يعرضها حزب الله – وكما طيرها أمس صفي الدين إلى باريس وواشنطن والرياض والى كل من يعنيه الأمر – هي إما انتخاب فرنجية أو الفوضى الشاملة وليس فقط الفراغ..
المراقبون والمتابعون لموقف الحزب هذا من استحقاق رئاسة الجمهورية، منقسمون بين فريقين اثنين: الأول يعتبر أن حارة حريك تمارس عملية تهويل والضغط بهدف التفاوض على “خطة ب” و”خطة جيم”.. والثاني يصدق بأن حزب الله فعلياً ليس لديه غير خطة انتخاب فرنجية؛ ولا عرض آخر لديه.
وفي التفاصيل الخاصة بالفريق الأول؛ فإن هذا الفريق يطرح معطيات موقف الحزب كما تمظهر خلال الأيام الأخيرة (فرنجية أو الفوضى) وفق الصورة التالية:
إن كلام التصعيد الرئاسي الذي صدر خلال الأيام الأخيرة عن الشيخين نعيم قاسم وصفي الدين يأتي في سياق رد حزب الله على ما تعتبره حارة حريك أنه بروز موجة تصعيد خارجي وداخلي ضد ترشيح حارة حريك لسليمان فرنجية؛ وتمثل هذا التصعيد الخارجي بخاصة ببيان الخارجية الفرنسية التي تقصدت فيه أن تخرب نتائج زيارة فرنجية لبكركي من ناحية، وأن تنفي من ناحية ثانية مضمون تلميحاته الواضحة من بكركي التي قال فيها أن باريس تؤيده، وأن السعودية لا تضع فيتو عليه..
..وأغلب الظن أن حزب الله وجد أن بيان الخارجية الفرنسية، جاء نتيجة ضغوط خارجية أميركية وربما عربية أيضاً، مورست على باريس كي تخرج وتقول عبر وزارة خارجيتها أنها لا تدعم ترشيح فرنجية؛ علماً أن ماكرون عبر سفيرته في لبنان، قالت لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قبل أيام أن باريس ترى ضرورة انتخاب رئيس جمهورية، وهي ترى تحقق ذلك بانتخاب فرنجية.
واضح أن حزب الله لم يهضم عملية أن تقول الاليزية موقفاً مؤيداً لترشيح فرنجية، ثم بعد ذلك تنفي الخارجية الفرنسية هذا الموقف؛ وربما الأمر الذي جعل بيان خارجية باريس، يشبه انقلاباً فرنسياً على موقف ماكرون المؤيد لفرنجية، هو أن توقيته جاء ليخرب حسابات فرنجية الذي كان بنى على موقف باريس الإيجابي من ترشحه، “مشروع” زيارته لبكركي، كي يعلن من هناك الخطوة التمهيدية ما قبل إعلان ترشحه رسمياً..
لقد رأى حزب الله – بحسب متابعين – في موقف باريس هذا، ما يشبه الانقلاب الغربي على موقف باريس الذي درجت عليه لناحية تأييدها لترشح فرنجية.. والأهم من ذلك، فإن الحزب وضع هذا الانقلاب الفرنسي ضمن سياق أنه يعبر عن بروز بداية مسار تصعيدي أميركي ضد كل “محور الشرق” في لبنان، وذلك انطلاقاً من حسابات أبعد من تفاصيل الساحة اللبنانية، بل تدخل في صميم معادلة أن المنطقة بدأت تدخل تفاعلات وتطبيقات مرحلة الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.
والواقع أن التحليل الاستراتيجي هذا لإبعاد خلفيات “تفصيل خطوة تراجع باريس” عن دعم فرنجية، هو الذي دفع حارة حريك عبر لسان الشيخين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين، الى البدء بعملية ملاقاة مسار التصعيد الغربي – الأميركي فوق الساحة اللبنانية ضد الحزب انطلاقاً هذه المرة من أنه جزء من محور الشرق؛ بتصعيد من قبله (أي من الحزب) يعبر عن استعداد محور الشرق من جانبه في لبنان للبدء بالمواجهة، عبر التموضع في الخندق الكوني الصيني الروسي الإيراني ضد القطب الأميركي.