الهديل

“مغالطة الوصول” التي عانى منها كثير من المشاهير

في كثير من الأحيان، نعتقد أن الوصول إلى السعادة وراحة البال والرضا عن حياتنا مرتبط بتحقيق هدف معين، مثل الحصول على ترقية في الوظيفة، أو الزواج من شخص معين، أو الحصول على قدر أكبر من الأموال، لكن هل يضمن لنا تحقيق هذه الأهداف السعادة حقاً؟ علماء النفس يجيبون: ليس بالضرورة، وقد نكوّن اعتقادات خاطئة عن السعادة بسبب وقوعنا ضحايا لـ”مغالطة الوصول”، فما هي؟

 

مغالطة الوصول.. عندما تربط سعادتك بتحقيق أهدافك

مغالطة الوصول باختصار هي الافتراض الخاطئ بأنه بمجرد وصولك إلى الهدف، ستشعر بسعادة دائمة.

 

هل سبق لك أن عملت بجد لتحقيق هدف ما، وبمجرد وصولك إلى خط النهاية، اعتراك الاكتئاب والتوتر بدلاً من السعادة؟ إذا مررت بهذه الحالة مسبقاً، فقد وقعت إذاً في فخ مغالطة الوصول.

 

في الواقع تعود جذور هذه المغالطة التي يقع في فخها كثيرون منا إلى مرحلة الطفولة، إذ تعمل الأسرة والمدرسة والمجتمع على إقناعنا بأن مفتاح السعادة في الحياة هو الحصول على وظيفة جيدة، أو كسب كثير من المال أو الزواج، وهكذا ترتبط السعادة في مخيلتنا منذ نعومة أظافرنا بضرورة تحقيق هدف ما أولاً.

 

لكن الأبحاث أظهرت أن هذه الأنواع من الأشياء لا تجلب لنا السعادة بالضرورة، وفي أحسن تقدير لا تجلب لنا السعادة على المدى الطويل، وفقاً لما ورد في موقع very well mind.

تاريخ مفهوم مغالطة الوصول

صاغ مصطلح عالم النفس تل بن شاهار، الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد في السلوك التنظيمي.

 

وبحسب “نيويورك تايمز” يعرّف بن شاحار مغالطة الوصول على أنها وهم يجعلنا نعتقد أن تحقيق هدف معين سيؤدي إلى السعادة. ويذكر أن كثيراً من المشاهير وغيرهم من الأشخاص الناجحين قد عانوا من مغالطة الوصول، وانتهى بهم الأمر إلى المعاناة من الأمراض العقلية وتعاطي المخدرات حتى بعد تحقيق أحلامهم التي اعتقدوا أنها ستجلب لهم السعادة.

 

ويضيف بن شاحار أن الأشخاص الذين يعانون من مغالطة الوصول غالباً ما يعانون من التعاسة في الأصل، فيضعون لأنفسهم هدفاً منشوداً بغية معالجة تعاستهم، لكن بعد نجاحهم في الوصول إلى الهدف يجدون أنهم لم يشعروا بالسعادة المرجوة، فينتهي بهم الأمر بالشعور باليأس والاكتئاب. وعلى عكس ما نتوقعه، في كثير من الأحيان، تؤدي مغالطة الوصول إلى تفاقم التعاسة والمشاكل النفسية.

ما الذي يسبب مغالطة الوصول؟

لم يكن هناك الكثير من الأبحاث حول مغالطة الوصول وأسبابها، ولكن دأب الباحثون على دراسة الأسباب التي تجعل الناس أكثر سعادة ورضا عن حياتهم.

 

وعندما نلقي نظرة علـى العوامل التي تجلب السعادة للناس وفقاً للباحثين، فإن عوامل مثل إقامة علاقات ذات مغزى وتعلم كيفية التركيز على الجانب الإيجابي تتصدر القائمة. ومع ذلك، فإن النجاحات الخارجية مثل الحصول على المال، وتسلق السلم الوظيفي، وتحسين الوضع الاجتماعي لا تؤدي في الواقع إلى زيادة سعادة الناس ورضاهم عن حياتهم، أو على الأقل لا تجلب سعادة طويلة الأمد إذ غالباً ما يبدأ الناس بالسعي نحو أهداف جديدة.

 

ومع ذلك، فقد رسخ المجتمع فينا فكرة أن السعادة مرتبطة إلى حد كبير بتحقيق الأهداف التي يمكن للآخرين أن يلاحظونها بسهولة. وللأسف لا تزال هذه الفكرة منتشرة على نطاق واسع. على سبيل المثال ، وجد بحث عام 2014 من جامعة هارفارد أن أطفال اليوم لا يزالون يتغذون بفكرة أن الإنجاز والنجاح الشخصي هما مفتاح السعادة.

نصائح للتغلب على مغالطة الوصول

تجربة مغالطة الوصول أمر شائع إلى حد ما، وقد يكون من الصعب التأقلم عندما تجد نفسك مكتئباً أو متوتراً بعد الوصول إلى هدف طال انتظاره.

 

فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك على الشعور بمزيد من الرضا عن حياتك بعيداً عن فكرة تحقيق الأهداف:

 

ركّز على العملية

عندما نهدف إلى الوصول إلى هدف معين، فإننا عادة ما نركز بشدة على هذا الهدف والسعادة التي نتوقع أن يمنحنا إياها. لكن يقول الخبراء أن التركيز على العملية أكثر من الهدف النهائي قد يكون مفتاح السعادة.

 

وجدت الأبحاث المنشورة في Harvard Business Review أنه عندما يتعلق الأمر بالعمل، فإن “المكاسب الصغيرة” تجلب السعادة للناس أكثر من أي شيء آخر. عندما يشعر الموظف كما لو أنه حقق شيئاً ما على أساس يومي – حتى لو لم يتضمن الوصول إلى هدف – فمن المرجح أن يشعر بالرضا وأن يمتلك المزيد من الدوافع والمحفزات للاستمرار بالعمل.

 

قدّر قيمة اللحظة الراهنة

عندما تركز على تحقيق السعادة بناءً على الوصول إلى هدف مستقبلي، فأنت تعيش في المستقبل بدلاً من الحاضر. لقد وجدت العديد من الدراسات أنه إذا كنت تريد أن تكون سعيداً حقاً، فعليك أن تتعلم كيف تعيش في الوقت الحاضر.

 

التأمل

وجدت دراسة من عام 2016 أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل يختبرون مستويات أعلى من التعاطف مع الذات والسعادة.

 

يمكن أن يكون بدء ممارسة التأمل أمراً بسيطاً للغاية (تستطيع البدء بـ5 دقائق فقط في اليوم!).

تعلّم من تجارب الآخرين حول السعادة

وجد بحث من جامعة هارفارد على أساس 75 عاماً من مراقبة ما يجعل الناس سعداء أن السعادة الحقيقية والدائمة تنبع من بعض الأشياء الأساسية.

 

أولاً، يمكن للأشخاص الأكثر سعادة أن يتجاهلوا عن كل مضايقات الحياة الصغيرة والتركيز على الأشياء البسيطة التي تجعلهم سعداء.

 

ثانياً، إن وجود علاقات حميمة مع الآخرين يجلب للناس مزيداً من السعادة أكثر من أي نوع آخر من النجاح الخارجي في الحياة. وفقاً للبحث، من المهم أيضاً التخلي عن الأشخاص الذين يجلبون السلبية إلى حياتك.

 

الامتنان

الامتنان أيضاً طريقة رائعة للتركيز أكثر على الأشياء التي تجلب لك السعادة وتجعلها أولوية في الحياة. في الواقع ، وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يركزون على ما يشعرون بالامتنان له هم أقل عرضة للتوتر والاكتئاب.

 

تتمثل إحدى طرق إضافة مزيد من الامتنان إلى يومك في الاحتفاظ بدفتر يوميات الامتنان. يمكن أن يكون هذا بسيطاً مثل كتابة شيء واحد كل يوم تشعر بالامتنان له، مثل الطريقة التي يمسك بها طفلك بيدك في المدرسة.

 

ضع العلاج في اعتبارك

إذا وقعت في فخ مغالطة الوصول، وجعلك ذلك تشعر بالاكتئاب والقلق وواجهت مشكلة بالتخلص من هذه المشاعر، فقد ترغب في التفكير في العلاج.

 

حدد موعداً مع طبيب مختص يساعدك في التخلص من هذه المشاعر السلبية، ويساعدك في السيطرة على حياتك مجدداً.

Exit mobile version