الهديل

خاص الهديل: سيناريوهان اثنان اقليميان لمستقبل لبنان : ” انتظار اكتمال الانهيار” او ” الانتداب الإقليمي” !!.

خاص الهديل :

سيناريوهان إثنان إقليميان لمستقبل لبنان: “انتظار اكتمال الانهيار” أو “الانتداب الإقليمي”!!

 

من المفارقات الخطرة أنه في الوقت الذي لا يوجد للبنان فيه رئيس جمهورية، ولا حكومة أصيلة، ولا مجلس نواب قادر ومنسجم؛ فإن المنطقة تشهد مرحلة تأسيسية على مستوى إعادة بناء نظامها الإقليمي الجديد.. والسؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذا الوضع، هو من يفاوض عن لبنان على دوره في النظام الإقليمي الجديد الذي هو اليوم قيد الانشاء، وحيث أن كل دولة من دول المنطقة – عدا لبنان الغائب – تحاول مواكبة هذا التطور الجاري في الإقليم كي تحجز لها مكانة ودوراً في النظام الإقليمي الجديد.. 

وأخطر ما يواجهه لبنان داخل هذا الواقع، هو وجود نظرية سائدة في الخارج، تفيد بأن المنطقة يمكن لها أن تذهب لبناء إستقرارها ونظامها الجديد من دون لبنان؛ أو بمعنى آخر أن المنطقة ليست مضطرة لأن تنتظر اتمام تسوية أزمة لبنان لاتمام إنجاز تسوياتها.

وهذه النظرية يفيد ملخصها العملي “أن لبنان سيكون مكانه في النظام الإقليمي الجديد هو قارعة الطريق” الذي تشقه بلدان النظام الإقليمي الجديد الذي بدأ يتبلور على أساس أن دوله تبنى لنفسها أدواراً طموحة لتلاقي العقد القادم بتطلعات جديدة كمثال رؤية ٢٠٣٠ في السعودية (المدينة العالمية المستقبلية – نيوم) ورؤية القرن الجديد الإماراتية (الاستيطان في المريخ) ورؤية قطر كعاصمة للرياضة العالمية؛ ورؤية حكومة محمد شياع السوداني العراقية الهادفة لملاقاة التسويات الكبرى في المنطقة، ورؤية كل من مصر والجزائر التي تتطلع لبناء اقتصاديات ناشئة ومتنوعة المصادر..

وواضح أن حال لبنان وسط تبلور رؤى دول المنطقة الذاهبة للتكيف مع النظام الإقليمي الجديد، هو التالي: إما أن يمسك لبنان بزمام المبادرة، ويعترف بداية بأن مشاكله داخلية، ويعمد إلى إصلاحها؛ وإما أن تبقى احزابه السياسية مصرة على الهروب من دفع الثمن السياسي الداخلي، والتذرع بالقول ان ما حدث في لبنان كان مؤامرة خارجية، ويجب انتظار حل خارجي لها لن يأتي بحسب ما يعلنها الجميع في الخارج..

والواقع أن ملخص الرسالة السعودية السياسية إلى لبنان، والتي لا تريد بيروت قراءتها، هي المطالبة بتصحيح الخلل اللبناني الداخلي كونه هو المسؤول عن إنتاج أزمات اقتصادية ومعيشية وقطيعة بين لبنان والعرب؛ كما أن زيارة وزير خارجية إيران إلى لبنان يقول فحواها العملي وليس الكلامي، أنه لا حل خارجي لأزمة بلد الأرز، سواء بخصوص الاستحقاق الرئاسي أو الوفاق الداخلي. 

وبات يلاحظ بوضوح أنه في ظل أن لبنان يعيش مواصفات الدولة الفاشلة، وفي ظل الاعتياد الخارجي على غيابه عن خارطة الفعل العربي والدولي، فإن المعادلة الإقليمية والدولية المعتمدة حالياً بخصوصه تقع في اتباع واحد من سيناريوهين اثنين تجاه مستقبله، لا ثالث لهما: 

السيناريو الأول ترك طبخة انهيار لبنان تنضج على “نار خفيفة”، حتى يمكن تلمس كيفية إعادة ترتيب الحطام اللبناني بعد اكتمال فرطه.. 

وفي هذا الوقت الذي تستغرقه عملية انهيار لبنان، تذهب دول المنطقة في مسار التسوية الكبرى من دون أن تلتفت الى ما يحدث في لبنان، أي أن المنطقة ستذهب لاتمام كامل قوام تسويتها الكبرى من دون انتظار أن يتعافى لبنان، كون القناعة الخطرة السائدة حالياً في الخارج تقول التالي: 

– ان لبنان بوضعه الداخلي الحالي لا يمكن أن يحكم، وأن أزمة لبنان بظرفها الخانق، لا يتوفر حلاً لها، لا داخلي ولا خارجي.

– ان التسوية الكبرى في المنطقة ممكن إنجازها من دون لبنان، ومن دون انتظار تسوية أزمة لبنان أو تحديد دور للبنان فيها..

ولعل هذا الاستنتاج الدولي والإقليمي الأخير، هو أخطر ما يواجه مستقبل لبنان.. ويجدر هنا التمعن بالسبب الذي دفع الخارج للاعتقاد بأن مستقبل المنطقة لم يعد يحتاج للدور اللبناني فيه؟؟

..وانطلاقاً من طرح هذا السؤال، يصبح مفهوماً الآن ما هو المعنى الخارجي لأن يصبح لبنان من دون مرفأ نتيجة الانفجار الكبير الذي حصل في مرفأ بيروت؛ وما هو المعنى الخارجي لأن يكون لبنان من دون مساءلة لا داخلية ولا خارجية لأسباب سرقة العصر التي حصلت لشعبه؛ ولأن يكون لبنان من دون سيادة، ومن دون دولة فاعلة، ومن دون حكومة، ومن دون رئيس جمهورية، وبعد قليل من دون عملة وطنية!!.. 

أما السيناريو الثاني الذي يجري التهامس به خارجياً، فهو أن يتم خلال فترة صياغة النظام الإقليمي الجديد، وضع لبنان تحت انتداب إقليمي – وحتى إقليمي – دولي، كما كان حاله من العام ١٩٩٠ ولغاية العام ٢٠٢٥..

والواضح أن الخيارين المطروحين لمستقبل لبنان القريب والمتوسط، يؤشران إلى أمر واحد أكيد، وهو تبدد ثقة الخارج بأية إمكانية لإصلاح موقع لبنان إقليمياً، وذلك بسبب اليأس الخارجي والداخلي من إمكانية اصلاح وضعه الداخلي..

Exit mobile version