الهديل

خاص الهديل: هل تحصل “الحادثة الدولية” بين الجيشين الأميركي والروسي في سماء سورية؟؟

خاص الهديل:

 

 

يرصد مراقبون التوتر الشديد الذي يسود العلاقة بين التواجد العسكري الروسي في سورية من جهة، والتواجد العسكري الأميركي في سورية من جهة أخرى..

وبات يوجد قناعة أو استنتاج لدى طيف واسع من المراقبين يفيد بأن القوات الروسية في سورية تحاول “جر الأميركيين إلى معارك جوية في سماء سورية”. 

وقبل أيام نقلت قناة ١٣ العبرية عن الجيش الأميركي اتهامه للقوات الروسية بأنها خرقت خلال الشهرين الماضيين ٦٠ مرة “اتفاق عدم الصراع في سورية” المبرم بين واشنطن وموسكو.. 

وتمثلت هذه الخروقات بتعمد الطائرات الحربية الروسية الإقتراب من الطائرات الحربية الأميركية مسافة ٢٠٠ متراً. 

ويوجد لدى القيادة العسكرية الأميركية تقديراً للموقف يفيد بأن موسكو تسعى لخلق ما يسمى ب “حادثة دولية” في سورية، أي افتعال وضع عسكري يؤدي إلى حصول اشتباك جوي بين الطائرات الأميركية والروسية في سورية، ما يقود إلى إعلان حالة من الاستنفار الدبلوماسي الدولي لمواجهة تداعيات هذه “الحادثة الدولية” الخطرة للغاية..

والواقع أن موسكو تمارس في سورية منذ عدة أعوام سياسة عدم الصدام مع الجوار السوري، سواء الاسرائيلي أو التركي أو العراقي واللبناني؛ وهذا ما أدى إلى تجنب موسكو أن تمارس ضد قواتها في سورية حروب استنزاف.. كما أن قيادة حميميم الروسية صاغت قواعد اشتباك آمنة مع القوى العسكرية الأجنبية المتواجدة على الأرض السورية؛ وبمقدمة هؤلاء قوات التحالف الدولي الذي تقوده أميركا. ويوجد بين قيادة حميميم الروسية والقيادة الوسطى في الجيش الأميركي اتفاق عدم صراع في سورية، وبموجبه تتحاشى الطائرات الروسية والأميريكية الاصطدام والتواجد في نطاق ضيق.

وإلى ذلك صاغت موسكو قواعد اشتباك في سورية مع إسرائيل؛ يتم بموجبها غض موسكو الطرف عن عمليات القصف الإسرائيلي لسورية شرط أن لا تستهدف المؤسسات السيادية السورية ولا القواعد الروسية في سورية..

..ولكن سياسة إدارة تفاهمات مع كل القوى الموجودة في الميدان السوري أو المتدخلة فيه؛ طرأ عليها الآن من جانب موسكو تعديلات جوهرية، وذلك نتيجة تبعات الحرب الأوكرانية.. وحالياً تتجه موسكو – بحسب ما تقوله المصادر الغربية – إلى استخدام الساحة السورية كورقة ضغط على قوات التحالف الدولي في سورية؛ والمقصود هنا بخاصة الضغط على أميركا في سورية لجعل بايدن يضطر لمراجعة سياسات التصعيد التي ينتهجها ضد بوتين في أوكرانيا..

وبحسب التوقعات ذات الصلة بهذا الخيار الروسي، فإن موسكو تخطط بداية لافتعال اشتباك جوي بين الطائرات الروسية والأميركية العسكرية في سماء سورية، وتريد روسيا من ذلك تسليط الضوء على هذا الاشتباك بوصفه تطوراً عسكرياً عالمياً غاية في الخطورة؛ نظراً لكونه يعتبر “حادثة دولية” أو “اصطدام دولي” من شأنه أن ينقل مسارات التوتر الأميركي الروسي الناتج عن الأزمة الأوكرانية، من حالة التوتر السياسي إلى حالة التوتر العسكري في الشرق الاوسط. 

..وضمن هذا السياق الذي يتوقع أن يحصل “الحادث الدولي” في سماء سورية؛ يجدر الإشارة إلى المعطيات الهامة التالية: 

– خلال الفترة الماضية لعبت موسكو دوراً في فرملة حصول اشتباك بين النظام السوري وإسرائيل نتيجة ضغط بوتين على دمشق كي لا تنجر للرد على الضربات الإسرائيلية في سورية الموجهة ضد حزب الله والقوات المؤيدة لإيران. وكان هدف موسكو من ذلك، هو إبقاء الحريق الإسرائيلي في سوريا محدوداً، وعدم السماح له أن يصبح حرباً إقليمية، وحصره بالتالي في الدائرة الإيرانية في سورية.. 

..أما الان، فإن موسكو ستكون معنية بفرملة الرد السوري على الاعتداءات الإسرائيلية ضد إيران وحلفائها في سوريا، بمقدار ما تلتزم فيه تل أبيب بعدم تزويد أوكرانيا بالسلاح وبعدم أخذ مواقف إلى جانب كييف تمس بالأمن القومي الروسي. 

وحتى الآن فإن نتنياهو يساير المعادلة الروسية في أوكرانيا خوفاً من الرد الروسي عليه انطلاقاً من سورية؛ ولكن أي خلل في غير صالح روسيا، ينفذه نتنياهو في أوكرانيا، سيجعل موسكو لا تتردد في استخدام الساحة السورية للضغط عسكرياً على إسرائيل، ما يعني تحول الساحة السورية إلى ساحة حرب مفتوحة على أبعاد إقليمية، بحيث يصبح ميدانها بمثابة ميدان خلفي لتوازنات الحرب في أوكرانيا. 

– ان التقارير التي تتحدث عن المحاولات الروسية لتحدي “اتفاق عدم الصراع” مع أميركا في سورية، يعني أن موسكو أخذت قراراً، ولو جزئياً أو تكتيكياً، لتوظيف ثقل وجودها في سورية في لعبة الضغط على مواقف واشنطن في أوكرانيا. 

والسؤال هنا هو عن المدى الذي تريد روسيا أن تصل إليه بخصوص استخدامها للساحة السورية للضغط على واشنطن في أوكرانيا(؟؟).. 

واستدراكاً إلى أي مدى يوجد لإيران مصلحة في مسايرة اللعبة الروسية الأوكرانية في سورية؛ علماً أن إيران هي صاحبة شعار إخراج “الاحتلال الاميركي” من سورية(؟؟)، وأخيراً وليس آخراً، هل الرئيس الأسد سيلعب لعبة ربط أزمة بلده بالمعادلة الأوكرانية؛ خاصة في هذه المرحلة التي تبرز فيها لأول مرة منذ عشر سنوات، فرصة مثالية لنظام الأسد كي يعود للنظام العربي الرسمي؟؟

– مجمل المعطيات الواردة أعلاه تظهر أن بوتين يستطيع خلط الأوراق الشرق أوسطية بوجه بايدن، فيما لو قرر فعلاً فتح جبهة استنزاف ضد القوات الأميركية في سورية وذلك بوسائل عسكرية مختلفة.

..وثمة من يتوقع أن يصبح بوتين أمام حقيقة أنه مضطر لاستخدام الورقة السورية لتخفيف الضغط الأميركي عنه في أوكرانيا، خاصة في حال اندفع بايدن أكثر – كما هو متوقع – في مشروعه العسكري الهادف إلى هزيمة موسكو في أوكرانيا عسكرياً؛ وذلك على نحو يكرر نجاح واشنطن في هزيمة الإتحاد السوفياتي عسكرياً في أفغانستان!!..

وتقول معلومات أن أهم هدف سيضعه بوتين نصب عينيه في هذه المرحلة المرئية والمقبلة، هو العمل جاهداً وبكل الوسائل، لمنع تمكين بايدن من التمديد لولاية ثانية في البيت الأبيض؛ نظراً لكون نجاح بايدن في الإنتخابات الرئاسية المقبلة سيعني للكرملين أمرين اثنين: الأول إظهار أن الشعب الأميركي يؤيد السخاء المالي والعسكري والسياسي والإعلامي غير المسبوق الذي تقدمه إدارة بايدن لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.. 

..ويعني ثانياً أن بايدن بات لديه تأييد من الشعب الأميركي ليمضي قدماً وبكل قوة في سياساته التصعيدية ضد بوتين في أوكرانيا والعالم.. 

وضمن هذه الحسابات الخاصة بالمعنى الخطير الذي تنطوي عليه عملية التجديد لبايدن لولاية ثانية، يصبح بوتين معنياً بشن حرب استنزاف استباقية تؤدي نتائجها إلى تقليل فرص فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ وقد يشكل تعريض الجيش الأميركي لحرب استنزاف في سورية، ما يشبه الرسائل الفعالة إلى الشعب الأميركي عن فداحة الخسائر التي تتسبب بها سياسات بايدن الخارجية..

Exit mobile version