خاص الهديل:
حدد، أول أمس، بيان للخارجية الأميركية رؤية واشنطن للحل في لبنان، حيث جاء فيه “أن الحل لبناني داخلي”..
وقبل أيام أوضح وزير خارجية إيران خلال زيارته للبنان، رؤية طهران للحل في لبنان، وقال اللهيان “ان إيران تؤيد ما يتوافق عليه اللبنانيون”؛ أي أنها أيضاً ترى أن الحل في لبنان داخلي…
ولكن بين “الحل اللبناني الداخلي” الذي تحدث عنه وزير خارجية ايران، وبين “الحل اللبناني الداخلي” الذي تحدث عنه بيان الخارجية الأميركية، يوجد نقطتي اختلاف جوهريتين؛ فالخارحية الأميركية نعت إمكانية الحل مع الإتيان برئيس جمهورية من قماشة الطبقة السياسية والأحزاب اللبنانية الحاكمة والمسيطرة؛ بينما اللهيان وجد أن الحل الداخلي الذي يقصده هو الذي يتفق عليه اللبنانيون، وهو يقصد لبنانيو الأحزاب اللبنانية الحاكمة والمسيطرة.
منطقياً يمكن القول من خلال رصد التتابع الزمني لكل من كلام اللهيان وكلام الخارجية الأميركية، أن بيان الأخيرة جاء كرد أميركي على ما قاله اللهيان في لبنان عن رؤيته للحل اللبناني؛ أضف أن كلام رئيسي أمس من دمشق جاء ليضيف على كلام اللهيان عن الحل الذي يتوافق عليه اللبنانيون، عبارة جديدة قوامها أن إيران تثق بالسيد حسن نصر الله؛ بمعنى أن رئيس إيران ومعه رئيس الدولة التي تستضيفه (الأسد)، يثقان بأن الحل اللبناني ليس فقط داخلياً، بل يثقان أيضاً بأن نصر الله هو مرجعية دول محور الممانعة في لبنان..
..ولا شك أن تقصد الرئيس رئيسي أن يعرب عن “ثقة بلاده بنصر الله من دمشق”، وفي لحظة تتسم بأنه يجري فيها “مباحثات قمة” مع الرئيس الأسد؛ إنما يعني أن الرئيس الإيراني والى جانبه الرئيس السوري، يريدان إرسال رسالة مشتركة لمن يهمهم الأمر في لبنان وفي خارج لبنان؛ مضمونها أمران إثنان: الأول أنه لا إيران ولا سورية بوارد الضغط على نصر الله بخصوص إسم رئيس الجمهورية أو بخصوص أي حل للبنان.. والثاني أن الرئيسين الإيراني والسوري يقفان وراء مواقف نصر الله في الشأن اللبناني؛ وبالمحصلة فإن طهران ودمشق تقولان أولاً أن الحل في لبنان داخلي، وتقولان ثانياً أنه إذا أرادت جهات خارجية “أقلمة” أو “تدويل” الحل الرئاسي في لبنان، فإنه سيكون عليها التفاوض بهذا الشأن مع “حارة حريك”، وليس مع دمشق ولا مع طهران..
وتقولان (أي دمشق وطهران) ثالثاً أنه سواء في زمن ما قبل إعادة العلاقات الإيرانية السعودية من جهة، وإعادة العلاقات السعودية – السورية من جهة ثانية؛ أو في زمن ما بعدة عودة هذه العلاقات، فإن موقف إيران وسورية لا يزال هو ذاته بخصوص أن دول محور الممانعة يثقان بما يقرره نصر الله؛ وهما يتركان كل الشأن اللبناني له، وباختصار أنه لا مكان للرهان على ضغوط من دول المحور على مرجعية المحور نصر الله في لبنان..
والسؤال الإضافي الذي يطرح نفسه هو عن معنى توقيت هذه التصريحات الإيرانية التي قالها اللهيان في بيروت على مقربة من نصر الله، والتي قالها رئيسي في دمشق على مقربة من الأسد؟؟
..إنها تعني أولاً أن التغيرات في المنطقة لن تؤدي إلى حدوث تغييرات في لبنان؛ لا على مستوى الموقف الإيراني ولا على مستوى الموقف السوري؛ وذلك تحديداً بخصوص استمرار تكليف حزب الله بإدارة الملف اللبناني، بعد أن ترك السوري إدارة هذا الملف منذ العام ٢٠٠٥..
.. وتعني أيضاً أن سقف موقف دمشق المنسق مع إيران، بخصوص لبنان، هو موقف حارة حريك في الضاحية الجنوبية.. وأنه لا دمشق تريد، ولا طهران ترغب، بأن تعود الإدارة السياسية في لبنان الى مرحلة التفويض الإقليمي لسورية، كما كان الوضع قبل العام ٢٠٠٥..