الهديل

خاص الهديل: توقيت زيارة فرنجية للسفارة السعودية: “ضربة معلم”..

خاص الهديل 

 

 

لم تبقَ دولة تقريباً في العالم إلا وطالبت بإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان. وهذا الاهتمام الأممي بانتخاب فخامة الرئيس اللبناني لا يعبّر عن مدى اهتمام العالم بفخامة الرئيس بل يعبّر عن مدى اهتمام العالم بأن يظل هناك ديموطراطية في لبنان، بغض النظر عما إذا كان لبنان الذي يهتم العالم بالديموقراطية فيه أصبح بلداً منهاراً أو مزدهراً..

إذاً ما تقدم يقول شيئاً مهماً للغاية، وهو أن العالم يتحدث أحياناً عن بعض الملفات العالمية، من باب رفع العتب، ومن باب أنه مضطر بالشكل لاطلاق موقف ولإثبات حضوره أخلاقياً وليس سياسياً تجاه قضايا العالم… ومن هنا فإن ٨٠ بالمئة من تصريحات الدول الكبرى عن قضايا تحدث في لبنان، وبضمنها الاستحقاق الرئاسي، لا تعبّر بالضرورة عن اهتمام فائق أو قلق كبير لدى هذه الدول، بل هي نوع من تصريف أعمال روتيني في وزارات خارجية الدول الكبرى.. والقاعدة الأساسية هنا هو أن الدول الكبرى تعلق على معظم الأحداث في العالم، فقط حتى لا يقال أنها غائبة عن متابعتها. 

والواقع أن الاستحقاق الرئاسي الراهن في لبنان هو بالنسبة لمعظم الدول الكبرى يمثل حدثاً عادياً – أو بكلام أدق – روتينياً يتم التعليق عليه حتى لا يقال أن هذه الدول لا تتابع شؤون تجري في العالم ويوجد تداخلات داخلية وإقليمية بصددها. 

والنقطة الأخرى المهمة في هذا المجال والتي يجب إدراكها؛ تتمثل بأن الحدث اللبناني ينتقل من كونه “حدثاً روتينياً في العالم”، ليصبح “حدثاً عالمياً في لبنان” وله مكانة دولية؛ في حالة واحدة؛ وهي عندما يصبح له تفاعل وتتمة مع قضية أخرى دولية أكبر وأهم ويوجد بشأنها صراع أو مقايضة أممية أو إقليمية… 

حالياً يتم البحث عن مقايضة إقليمية أو صراع دولي للاستحقاق الرئاسي حتى يصبح ممكناً القول أن موعد انتخاب فخامة الرئيس أصبح على نار حامية أو ساخنة.. 

ويوجد حالياً سيناريو مقايضة يجري تداوله منذ إعلان الاتفاق السعودي الإيراني؛ ومفاده أن هذا الاتفاق له نتائج إقليميمة في اليمن والعراق وسورية ولبنان. ولكن هناك خلاف بين رأي يقول أن لبنان ليس ضمن نتائج الاتفاق الإيراني السعودي ورأي آخر يقول العكس.. ومن بين كل الإشارات التي تجري في المنطقة والتي يمكن النظر إليها على أنها نتائج للاتفاق؛ يوجد في لبنان إشارة واحدة يمكن قراءتها على أنها قد تكون إحدى النتائج التي تؤشر إلى أن لبنان مشمول فعلاً بنتائج الاتفاق وذلك من خلال مقايضة متفق عليها ين طهران والرياض بشأن ملف رئاسة الجمهورية. 

والمقصود بهذه الإشارة هي زيارة فرنجية أمس إلى السفير وليد البخاري، وما تلا هذه الزيارة من كلام للبخاري وما كان سبقها أيضاً من كلام له حول موقف السعودية من الاستحقاق الرئاسي.  

إن الزيارة أراد من خلالها فرنجية أن يؤكد لخصومه الموارنة بخاصة أن السعودية لا تضع فيتو عليه.. وأكثر من ذلك أراد فرنجية من زيارة سفارة المملكة الإيحاء بأن هناك بينه وبين السعودية حوار انتخابي وليست صمتاً انتخابياً.

الأمر الثاني الذي أراد فرنجية لفت النظر إليه من خلال زيارته لسفارة المملكة، هو أن خطوته هذه تأتي في سياق أنها أول زيارة لسفارة في لبنان، يقوم بها فرنجية بصفته مرشحاً للرئاسة؛ بل هي الزيارة اليتيمة للسفارات؛ والإيحاء الأهم الذي يريد فرنحية الإشارة إليه في هذا المجال، أنه وهو في حالة مرشح قام بأول زيارة للسفارة السعودية، وعندما سيصبح رئيساً سيقوم بأول زيارة للخارج، للمملكة العربية السعودية. 

وتؤشر زيارة فرنجية لسفارة المملكة في بيروت؛ الى أمر ثالث هام يتعلق بتوقيتها؛ فهي تأتي ليس فقط في ظل نجاح تطبيقات الشهور الثلاثة المحددة كفترة اختبار لمدى إمكانية نجاح اتفاق طهران – الرياض؛ بل تأتي – أي الزيارة – بعد زيارة وزير خارجية إيران اللهيان إلى لبنان وأيضاً بعد زيارة الرئيس الإيراني رئيسي إلى دمشق .. وكأن فرنجية عبر هذا التوقيت يريد القول أن زيارته للسفارة هي إعلان موقف يفيد بأنه يحمل ميل للعروبة لا يطغى عليه التأثير الإيراني!!.

.. ومن هنا كان هناك رأي حول فرنجية يقول أن توقيت زيارته لسفارة المملكة كان ذكياً؛ فهو ساهم في توزيع الضوء الإقليمي فوق الحدث اللبناني، وجعله لا يبدو أن كل درجاته إيرانية؛ بل سلّط الضوء عبر زيارته للبخاري بأن هناك درجات عربية سعودية قوية أيضاً؛ بدليل أن المرشح المدعوم من الثنائي الشيعي حليف إيران، طرق باب السفارة السعودية في لبنان، طالباً موعداً ولقاءاً وتفاهماً..

Exit mobile version