ينعى ملتقى بيروت مؤرّخ بيروت المحروسة الأستاذ الدكتور حسّان حلاق، ويبتهل إلى الله العليّ القديرأن يتقبّله بالقبول الحسن، وأن ينزله منزلاً مباركاً، وأن يغفر له ويرحمه برحمته التي وسعت كلّ شىء.
لقد أعطى الراحل الكبير الدكتور حسّان حلاق جلّ وقته واهتمامه للبحث في تاريخ بيروت، وتراث أهلها، وأصول عائلاتها، فكان بذلك علماً من أعلام الفكر والتنوير فيها ولأجيال من الدارسين والباحثين، تخرّجوا على يديه، وفازوا بتلقّي علوم التاريخ والارتقاء الأكاديمي بإشرافه ورعايته، فضلاً عن غزير مؤلفاته التي تعدّ مراجع علمية معتبرة، فيما خصّ تاريخ بيروت ولبنان والعالم العربي على امتداد العصور والأزمنة. وكان لبيروت “المحروسة” مكانة خاصة في قلبه وعطاءاته العلمية والفكرية، فأرّخ لحقبات من تاريخها السحيق، ووثّق لواقع حياة ناسها، ما ينفعهم للاعتبار من دروس ماضيهم، لحاضر أيامهم ومستقبلها، وأصّل لتاريخ عائلاتها الكريمة ووضع موسوعة لذلك، قد لا تخلو منها مكتبة أيّ باحث أو مركز أبحاث أو دراسات.
ملتقى بيروت وفي يوم وداع هذا العلَم من أعلامها، يطلق النداء، ويعلي الصوت، مطالباً معالي وزير التربية الدكتور عباس الحلبي، بإطلاق اسم الدكتور حسّان حلاق على إحدى ثانويات بيروت الرسمية تخليداً لذكراه، وعرفاناً لجليل ما قدّم من علم وعمل لبيروت وأهلها، كما ويطالب المجلس البلدي لمدينة بيروت بإطلاق اسمه رحمه الله – على أحد شوارع بيروت.
بيروت المحروسة، لقب أطلقه العثمانيّون على مدينة بيروت، ولبيروت العديد من الألقاب والصفات، إلّا أنّ الراحل الدكتور حسّان حلاق وفي كلّ كتاباته ومحاضراته يصرّ على استحضار هذا اللقب كلما ذكر محبوبته بيروت، فيتبعها بـ”المحروسة”، رجاءً لله تعالى ودعاءً لجلالته، أن يحرس بيروت بعينه التي لا تنام، ويكنفها بعنايته التي لا ترام ولا تضام.
رحم الله الأستاذ الدكتور حسّان حلاق، رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جنّاته مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ولا نقول إلّا ما يرضي ربّنا في هذا المصاب الجلل إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
أحرّ التعازي لكلّ محبّي الدكتور حسّان حلاق، ولأهله وذويه من أسرته الكريمة، وكذلك لكلّ زملائه وطلابه وأصدقائه.
بيروت الوفيّة الأبيّة ستحفظ ذكرى أعلامها من أبنائها وبناتها الذين أعطوها ويعطونها من حبّهم وإخلاصهم، ومن وقتهم وجهدهم، لرفعتها ورفعة أهلها الكرام … وستبقين يا بيروت بيروتنا المحروسة.