في أوائل الشهر الجاري، باشرت إدارة مصرف الإسكان باستكمال الخطوات الإجرائيّة المطلوبة لإطلاق حزمة القروض الإسكانيّة بالتّنسيق مع الوزارات والمؤسّسات المعنيّة. وهي أموال قرض الصندوق العربي والبالغ 50 مليون دينار كويتي لتنفيذ اتفاقية القرض الموقَّعة بين الدولة اللبنانية ممثَّلة بمجلس الإنماء والإعمار والصندوق العربي بتاريخ في 25 نيسان 2019، والتي تأخر تنفيذها بسبب أوضاع البلد الراهنة وانتشار جائحة كورونا.
وفي حزيران من العام الماضي، تمت التحضيرات لإطلاق القروض بالليرة، وهي قروض موزَّعة على ثلاثة أنواع: قرض سكني بقيمة مليار ليرة لمدة 30 سنة، قرض الترميم بقيمة 400 مليون ليرة لمدة خمس سنوات، وقرض الطاقة الشمسية بـ200 مليون ليرة لمدة سنتين.
مع نهاية العام المنصرم، نحو 250 ألف لبناني زار الموقع الإلكتروني الخاص بمصرف الإسكان، وتسلّم المصرف نحو 10 آلاف استمارة، وأعطى موافقة مبدئية على ألف طلب، لكن لم يتمكّن أصحابها من تأمين كامل الأوراق المطلوبة لاستكمال المعاملات بسبب إضراب موظفي القطاع العام، سيما القطاع العقاري. وحتى شهر آذار، زار الموقع الإلكتروني الخاص بمصرف الإسكان منذ الإعلان عن هذه القروض 782 ألف لبناني، وبلغ عدد المسجلين 8700، أمّا مقدمو الطلبات فبلغ عددهم 6700 لبناني.
ما استجدّ على هذا القرض؟
تثبَّت قرض الصندوق العربي بقيمة 50 مليون دينار كويتي، أي ما يعادل 160 مليون دولار أميركي لمصرف الإسكان. الأموال ستُدفع على ثلاث مراحل، ما يسمح بإعطاء قروض بالدولار بمعدل 50 ألف دولار لكل قرض. وتكون قيمة القرض لكل مقترض بين 40 ألف دولار لذوي الدخل المحدود و50 ألف دولار لذوي الدخل المتوسط.
رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب وفي حديثه لـ”النهار”، يؤكّد أنّ قرار إدارة الصّندوق العربي لا يثبت القرض التّمويلي فحسب، بل يترجم معنويّاً ومادّيّاً الدّعم العربي المستمر للبنان، والانفتاح عليه.
ويشرح أنّ بموجب الاتفاقية التي جرت بين الصندوق العربي ومجلس الإنماء والإعمار، كان من المفترض أن يتم تحويل الـ 50 مليون دينار إلى مصرف لبنان وبدوره يحوّل هذا المبلغ إلى الليرة اللبنانية لمصرف الإسكان. وفيما بقيت قيمة القرض على حالها، لكن “عملة القرض هي التي تغيّرت وأصبح على مصرف لبنان تسديدها بالدولار بدلاً من الليرة، لمصرف الإسكان”، لا سيما بعد أحدث تعميم أصدره المركزي، والذي ستتمكّن المصارف بموجبه من فتح مقاصة بالدولار لدى مصرف لبنان، ويمكن للبنك بذلك التسديد لمصرف الإسكان لدى حسابه في مصرف لبنان، بعملة القرض أي بالدولار، ومصرف الإسكان بدوره يسحب هذه الأموال من مصرف لبنان بالدولار أيضاً.
وعن الإطار التنظيمي والتنفيذي لهذه الاتفاقية لا سيما بعد زيارة حبيب لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استكمالاً للمسار الإداري لتنفيذ القرض المذكور، فإنّ تسييله، وفق حبيب، بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء، و”سيدرَج ملف قرض الإسكان على جدول أعمال مجلس الوزراء في الجلسة المقبلة”.
وفيما القروض الخارجية متوقِّفة تجاه لبنان، سجّل قرض الإسكان الذي تم الاتفاق عليه مع الصندوق العربي “خرقاً” لهذا الجمود بحسب ما يصف حبيب، لأنّ مصرف الإسكان أظهر أداءً والتزاماً تجاه الصندوق، من خلال عمل مصرف الإسكان على تسديد القروض القديمة المستحقَّة لدى الصندوق، شهرياً، بالأصول والفوائد، بينما الدولة اللبنانية لم تكن تسدد فوائد القروض للمشاريع. لذلك، كان من الصعب أن تجدّد الصناديق العربية إعطاء القروض الجديدة للبنان، وفق حبيب. والجدير بالذكر أنّه كان من المحتمَل إلغاء قرض صندوق العربي لمرور أكثر من سنتين عليه دون استخدامه.
منى تدخل هذه الاتفاقية حيّز التنفيذ؟
وعن دخول هذا القرض حيّز التنفيذ، يقدّر حبيب أن تستغرق الآلية الإدارية لهذا المشروع حوالي 3 أشهر كي يتمكّن المواطنون من البدء بالاستفادة منه.
لم يتمّ بعد وضع الشروط التفصيلية للاستحصال على هذا القرض، بانتظار الحصول على الموافقة النهائية عليه من قِبل مجلس إدارة مصرف الإسكان. لكن من أهم الشروط التي ستُطلَب، وفق حبيب، ألّا تتجاوز الشقة مساحة 150 متر مربع، وأن يتقدّم على هذا القرض حصراً ذوو الدخل المحدود والمتوسط.
كذلك، لا يمكن الحديث عن سقوف معينة لناحيه الرواتب لقبول القرض، إنّما يكون القبول بناء على مدخول العائلة كاملاً، من مقيمين ومغتربين فيها. ويضيف حبيب أنّ أهمّ ما في هذا الإطار، تأمين ثلث مدخول العائلة لتسديد مستحقات القرض شهرياً.
ويشير حبيب إلى أنّه ثمّة أمور لوجستية يجب اتخذها بعد كالحصول على موافقات من الجهات المعنية، من مجلس إدارة مصرف الإسكان، ومصرف لبنان، ومجلس الإنماء والاعمار، والحكومة اللبنانية بما فيها وزارتي المالية والشؤون الاجتماعية.
هل تنعكس هذه القروض على سوق العقارات؟
“تحرّك هذه القروض نسبياً سوق العقارات لكنّها لا تشكّل نهضة اقتصادية طبعاً إنّما هو أمل للمواطنين لشراء ال#شقق لكن العبرة تبقى بالتنفيذ”، بحسب نقيب المقاولين مارون الحلو.
وبرأيه، قيمة الـ 50 ألف دولار فريش اليوم للقرض “ليست بقليلة”، فإذا كان الراغب بالحصول على هذا القرض يمتلك مبلغاً مالياً معيًناً حوالي 20 ألف دولار مثلاً، ويحصل على قرض الـ 50 ألف دولار، يمكنه الوقوع على شقة بالضواحي والمناطق الأبعد قليلاً عن العاصمة، بمساحة 100 أو 125 متراً بـ 60 أو 70 ألف دولار.
لكن هل سوق الشقق الصغيرة لا ينشط دون هذا القرض؟ يجيب الحلو أّن سوق هذا الحجم من الشقق خاضع للعرض والطلب، كما غيره من أسواق الشقق، مع حالات استثنائية يكون أصحاب الشقق فيها مضطرون إلى البيع. وهناك طلبات محدودة على الشراء مقابل عدد كبير من الكساد.