الهديل

خاص الهديل: العرب بعد قمة جدة: انتظار الخطوات العملية التالية!!

خاص الهديل:

العرب بعد قمة جدة: انتظار الخطوات العملية التالية!! 

الأجواء التي وردت إلى بيروت من كواليس قمة جدة تكشف عن المعطيات التالية: 

– قمة جدة تعاطت وفق أولويات مختلفة السقوف، وذلك انطلاقاً من وجود تقويم دقيق لطبيعة التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة والتي ستتعاظم في المرحلتين المنظورة والمتوسطة..

وتم ترتيب هذه السقوف حول طبيعة تراتبية المخاطر وفق السلم التالي: 

– إنعكاس الحرب الأوكرانية على العلاقات الدولية وتوازناتها، وبضمنها علاقات العرب مع واشنطن وموسكو وبكين، وأيضاً انعكاسات هذه الحرب على مجمل الوضع الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط التي يوجد للعرب مصالح وجودية وحيوية فيها.

..ومن هنا، كان حرص مخططو قمة جدة العربية على دعوة الرئيس الاوكراني زيلنسكي للمشاركة كمراقب في أعمال القمة، بمقابل استقبال قمة جدة برقية من الرئيس الروسي بوتين؛ وهاتان الخطوتان أرادتا تسجيل نقطة لصالح القمة العربية تفيد بأن العرب ليسوا طرفاً في الصراع الأوكراني العالمي، لا على المستوى السياسي ولا النفطي أو الاقتصادي أو حتى الإعلامي. 

كما أن خطوة الرياض تقديم نفسها كوسيط في الحرب الأوكرانية، أسهم في إعطاء قمة جدة بعداً دولياً إضافياً؛ وقدم العرب لأول مرة على أنهم ثقل في حل النزاعات الدولية الكبرى، بدل أن يكونوا تابعين لمحاور الصراع والنزاعات.

– لقد ركزت قمة جدة في مداولاتها على تقصّد إظهار أن القضية الفلسطينية لا تزال تشكل الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي وعلى أمن الإقليم ككل، وليس فقط أن لها النقطة المركزية في اهتمام العرب.

الواقع أن ما ورد في إعلان جدة عن مركزية القضية الفلسطينية، لا يؤكد فقط على تمسك العرب بمبادرة السلام العربية، وعلى حل الدولتين، بل يؤكد على الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، كون هذا المسار هو أحد المداخل الاساسية والكبرى “لتصفيير مشاكل كل الإقليم” و”تجسيد استقرار صلب في المنطقة”.

– ان عدم المبادرة العربية لحل الأزمات العربية الداخلية، يحتل بنظر قمة جدة أولوية داخل العوامل التي تسهم بعدم الإستقرار في المنطقة؛ ولكن الجديد في الرؤية العربية بهذا الخصوص، هو أن حل هذه المشاكل سيكون من اليوم وصاعداً مدخله هو التالي: 

أولاً- إصلاح الجامعة العربية بحيث يصبح لقراراتها معنى الفعل العربي الإستراتيجي. والواقع أن هذا الأمر سيشكل معركة هامة تنقل الجامعة العربية من عهد الى عهد جديد…

ثانياً- الانتقال من نمط التدخل العربي لإسقاط حلول بالمظلة على أزمات الدول العربية، إلى نمط جديد يعطي أولوية لأن تجد الدول العربية من داخلها حلولاً لأزماتها؛ على أن يكون للعرب عبر مؤسسة الجامعة العربية، دور مواكبة المساعي الداخلية لهذه الدول لإنتاج حلول لأزماتها؛ وأن يكون للعرب أيضاً عبر الجامعة العربية مواقف من الأطراف الداخلية في أية دولة عربية، تعرقل مساعي إيجاد الحلول لأزماتها؛ وذلك عبر فرض عقوبات عربية عليها بإسم مؤسسة الجامعة العربية..

ومثل هذا الإجراء الذي هو جزء من برنامج إصلاح الجامعة العربية، سيجعل الجامعة العربية قوة فعلية تمثل كل العرب، وليست مجرد معنى رمزياً للواقع العربي المشلول؛ والواقع أن تقوية الجامعة العربية كمؤسسة، سيجعل الدول العربية تتجاوز مشاكل قديمة خطرة كان لها دورها في إفساد العلاقات العربية البينية، كمثال أن بعض الدول العربية صغيرة الحجم كان لديها حساسية من أن يكون هناك لدى دول عربية أكبر منها حجماً، رغبة بالتدخل في شؤونها والهيمنة عليها وعلى قرارها السياسي. ولكن حينما يتجه الواقع العربي لأن يترك لكل دولة عربية الحرية في حل مشاكلها الداخلية، ويكتفي العرب عبر مؤسسة الجامعة العربية، بدعم هذه الحلول الداخلية؛ فإن ذلك سيشعر الدول الصغرى بأن استقلاليتها مضمونة، وسيشعر الدول العربية الكبيرة بأنها غير قلقة على أمنها وعلى الأمن العربي القومي، من تطورات سلبية تجري في دول عربية صغيرة أو أقل حجماً سياسياً منها.

يبقى القول أن إصلاح الجامعة العربية يجب أن يؤمن التوازن في العلاقات بين الدول العربية، وذلك على اكثر من صعيد.. ويجب أن يعطي مثلاً جديداً وعملياً وايجابياً للشعوب العربية قبل الحكام العرب، عن النتائج الهامة التي ستطالهم نتيجة وحدة القرار الرسمي العربي..

Exit mobile version