الهديل

خاص الهديل: قمة جدة العربية: قمة الأمير محمد بن سلمان..

خاص الهديل

قمة جدة العربية: قمة الأمير محمد بن سلمان..

 

هناك إجماع تقريباً على أن قمة جدة العربية، لها عنوان واقعي وحيد؛ وهي أنها “قمة الأمير محمد بين سلمان”..

ففي هذه القمة نجح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أن يقدم نفسه دولياً وعربياً وإقليمياً بوصفه مشروعاً إصلاحياً كبيراً داخل بلده الذي هو واحد من أهم بلدان المنطقة العربية؛ وداخل موقع السعودية الإقليمي المؤثر، والدولي المهم والإسلامي العالمي الرائد.

ولا شك أن الأمير محمد بن سلمان منذ وصول والده للملك، أصبح محل اهتمام من المحافل الإعلامية والسياسية في كل أنحاء العالم؛ ولكن يمكن القول اليوم بوضوح أن الأمير محمد بن سلمان بعد قمة جدة العربية؛ لم يعد هو ذاته الأمير محمد بن سلمان قبل قمة جدة العربية؛ وذلك من عدة زوايا هامة وحتى إستراتيجية في دلالاتها:

الدلالة الأولى التي اتسمت بها شخصية محمد بن سلمان بعد القمة العربية تمثلت في أنه مشروع قائد عربي تغييري وإصلاحي بعد أن كان قبل القمة يتم تسليط الضوء عليه على أنه قائد سعودي إصلاحي داخل المملكة العربية السعودية.

 

لقد رفعت قمة جدة التي حملت بصمة محمد بن سلمان مجموعة عناوين إصلاحية على مستوى تغيير نمطية إدارة العلاقات العربية البينية وعلى مستوى ضرورة إصلاح مؤسسة الجامعة العربية. ويؤدي محمد بن سلمان دور العامود الفقري لمجمل هذه الأهداف سواء من حيث دوره في طرحها أو من حيث قدراته على تنفيذها. 

الدلالة الثانية التي برزت في شخصية محمد بن سلمان بعد قمة جدة تمثلت بتقديمه إيضاحات لمجموعة التباسات طالت أفكاره وشخصيته على المستوى العربي والدولي خلال الفترة الماضية. 

 

ولعل أبرز هذه الإيضاحات هي التي بينت خلال قمة جدة العربية أن الأمير محمد بن سلمان لا يقود مشروع سعودي منغلق بوجه محيطه العربي والإقليمي؛ بل الصحيح أنه يقود مشروع سعودي وعربي مختلف في الرؤى والأفكار التي يحملها عن تلك السائدة منذ تأسيس الجامعة العربية والقمم العربية حتى ما قبل عقد قمة جدة. 

 

والواقع أنه خلال مؤتمر جدة أعلن محمد بن سلمان ما يمكن تسميته بـ”الثورة العربية الإيجابية الجديدة” التي انطلقت من عملية الإصلاح التي بدأها في السعودية، والتي بدأت تشهد الكثير من التحولات الإصلاحية التاريخية؛ وبموجبها (أي الثورة العربية الإيجابية) فإن المطلوب من الدول العربية أن تلاقي الإصلاحات الجارية في التفكير السياسي السعودي بإصلاحات على مستوى أدائها وتفكيرها داخل بلدانها، وذلك بخصوص كيفية إدارة العلاقات البينية العربية وبخصوص كيفية إدارة توازنات الموقع الجيوسياسي العربي في المعادلات العالمية.

 

قصارى القول أن رسالة الأمير محمد بن سلمان من خلال قمة جدة كانت التالية: لقد بدأت رحلة انتقال المنطقة العربية من مكانها الراكد السياسي والاقتصادي والثقافي السابق؛ أما مسألة إلى أي مكان جديد ستنتقل، فهذه مهمة كل الدول العربية وكل زعمائها، وليس المملكة العربية السعودية والأمير محمد بن سلمان فقط..

 

والسؤال الآن هو هل وصل المعنى الدقيق لهذه الرسالة إلى العرب؛ أم أن العرب سيقولون لمحمد بن سلمان اذهب أنت ونموذجك الاصلاحي السعودي وغيّر واقعنا، ونحن ها هنا قاعدون..!! 

 

الدلالة الثالثة التي برزت بوضوح أكثر في شخصية محمد بن سلمان بعد قمة جدة العربية؛ هي أن السعودية التي تمثل ثقلاً عربياً وإسلامياً وإقليمياً لم تعد تريد لدروها أن يستمر وفق النمطية السابقة.. وهذا أمر أصبح واضحاً بعد القمة العربية في جدة، وأصبح واضحاً بعد تكشف كيف يفكر أمير السعودية الشاب وملك مستقبلها. وعليه فإن المنطق يقول أنه مع اتضاح تغير السعودية من حال إلى حال على مستوى رؤيتها لموقعها ولكيفية تحصين دورها، فإنه سيكون لزاماً على الدول العربية التي عاشت عقوداً طويلة معتمدة على ثقل السعودية السياسي والمالي والديني، أن تغير من تفكيرها في إدارة بلدها حتى تضمن استمرار دعم السعودي لها، وذلك بما يناسب الفهم السعودي الجديد لطريقة الدعم وشروطه وغاياته وحاجة الأمن القومي العربي له..  

مرة أخرى فإن السؤال الهام بعد قمة جدة هو: السعودية تغيرت.. فهل العرب مستعدون لأن يتغيروا؟؟

..وبمعنى أدق: هل بعض العرب مستعدون لأن يتغيروا، ذلك أن دولاً عربية عدة شهدت تغيرات بنيوية وإصلاحية خلال العقد الأخير؟؟

Exit mobile version