اتخذ رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” #وليد جنبلاط قرار الاستقالة من رئاسة الحزب، في خطوة لا تنفصل عن السياسة التي بدأها في العام 2017، حين سلّم نجله #تيمور جنبلاط الزعامة الدرزية الجنبلاطية، واستمر بها في العام 2018 مع تنحّيه عن العمل النيابي وترشيح نجله للانتخابات ورئاسة “اللقاء الديموقراطي”، وأكمل بالنهج نفسه مع منحه المزيد من المساحة لاتخاذ قرارات سياسية مرتبطة بالملف الرئاسي وغيره.
مصادر مقرّبة ومتابعة للشأن الحزبي تعود إلى تصريحات وليد جنبلاط الأخيرة التي ركّز خلالها على أن القيادة المستقبلية ستكون لتيمور جنبلاط، وترى في قرار الاستقالة إشارة إلى أن جنبلاط الأب يُريد أن يوكل المزيد من المهام لنجله تيمور، بعدما كان قد تقاسم الأدوار معه في السنوات الأخيرة، فأولاه العمل النيابي واستمر بنفسه في العمل الحزبي، وتشاركا العمل السياسي، وتُشير الخطوة أيضاً إلى أن جنبلاط “يريد أن يرتاح”.
وفي حديث لـ”النهار”، تعود المصادر إلى المسار المعتمد منذ العام 2017 والتسليم التدريجي لتيمور جنبلاط، لتقول إن هذا السيناريو قد وصل إلى “بداية خواتيمه”.
وفي حال قرّر الأخير الترشّح لرئاسة الحزب وفاز بالمنصب، يكون قد تسلّم معظم المهام السياسية التنظيمية التي كان يقوم بها والده. وتضع المصادر هذا التجديد في إطار فتح باب التغيير في الحزب بدءاً من رئاسته وصولاً إلى مجلس قيادته.
وفي الشق التنظيمي، تُشير المصادر إلى أن “الخطوة جاءت في سياقها الديموقراطي الطبيعي، فولاية رئيس الحزب ومجلس القيادة انتهت منذ فترة، لكن تم تأجيل مؤتمر الجمعية العامة المولجة عملية الانتخاب، واليوم قرّر جنبلاط موعد الانتخابات في 25 حزيران المقبل، على أن تُعلن أمانة السر في الحزب موعد استقبال الترشيحات الجديدة، ولا تغيير سيطرأ لجهة الفئات الأخرى في الحزب”.
وتتابع المصادر حديثها في الإطار التنظيمي لتقول إن “وليد جنبلاط قادر على الترشّح لولاية جديدة ولا شيء يمنعه من ذلك وفق النظام الداخلي، لكن هذا الأمر مستبعد حتى اللحظة، وباستطاعة أي شخص الترشّح إلى رئاسة الحزب، وهذا ما كان قد أشار إليه جنبلاط في تصريحات سابقة له، وحتى ترشيح تيمور جنبلاط ليس مضموناً بانتظار فتح باب الترشيحات والبناء على الشيء مقتضاه”.
مصادر أخرى تتحدّث عن قرار الإستقالة والانتخابات المرتقبة، وتقول إن “رئاسة الحزب شبه محسومة لتيمور جنبلاط في حال قرّر الأخير الترشّح، لأنّه يستمد شعبية واسعة في صفوف الحزب من والده والإرث الجنبلاطي، لا يُمكن لأحد منافسته في ميدانه، وأرقام الإنتخابات تؤكّد تقدّمه، كما أن طريقة تفكيره التغييرية تجذب الشباب الطامح لتطوير العمل الحزبي، وهذا ما كان تيمور جنبلاط قد أعلنه في الفترة الأخيرة”.
وفي حديث لـ”النهار”، تستبعد المصادر ألا يترشّح تيمور جنبلاط لرئاسة الحزب، لأن “التقدمي الاشتراكي” ارتبط بشكل وثيق بالزعامة الجنبلاطية، ولأن القيادة الفعلية لا زالت في المختارة، كما تستبعد أن يُنافس أحد على موقع الرئاسة، خصوصاً من “صقور الحزب” المعروفين، لأن ذلك لن يكون في صالحهم فبيئة “التقدمي” لا ترى في غير آل جنبلاط قيادةً، وتربط المصادر المستجد الحزبي باستكمال مسار التسليم والتسلّم التدريجي بين الأب والابن.
إلى ذلك، لا ترى المصادر في القرار استقالة جنبلاط من العمل السياسي، وتعود إلى العام 2017، لتذكّر بأن الرجل كان قد قرّر الابتعاد عن المشهد السياسي نسبياً، لكن تعقيدات المرحلة وخبرته في إدارة المعارك أعادته إلى الميدان، ولا يُمكنه اليوم التوقف بشكل كامل عن العمل السياسي، لأن دوره ما زال أساسياً، وهو صاحب العلاقة الوثيقة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وبالتالي تعود المصادر إلى التسليم التدريجي.
وتنفي المصادر نفياً قاطعاً وجود خلاف بين الأب والابن، معتبرة إن ما أثير في الفترة الأخيرة هدفه سياسي إعلامي بحت ولا علاقة له بحقيقة الأمر، وتسليم تيمور جنبلاط دفّة قيادة الحزب خير دليل على إيمان وليد جنبلاط بقدرات نجله، التي من شأنها نقل العمل الحزبي والسياسي إلى ميدان بعيد نسبياً عن ميدان عمل “المنظومة” السياسية التقليدي، ولكن مع الوقت وليس بسحر ساحر.
ويُذكر أن وليد جنبلاط ترأس الحزب “التقدمي الاشتراكي” منذ اغتيال والده كمال جنبلاط، لكن فترة انتقالية فصلت بين رئاسة الوالد والابن، تولّاها نائب رئيس الحزب حينها فريد جبران، الذي دعا إلى جمعية عامة بعد مرور فترة قصيرة على عملية الاغتيال، وانتخبت وليد جنبلاط رئيساً، واستمر في أداء مهامه حتى تاريخنا الحالي.