خاص الهديل:
صراخ الحرب مستمر.. وسيناريو “يوم القيامة” ضد حزب الله يتضمن استعمال قنابل نووية تكتيكية!!.
حتى كتابة هذه السطور، كانت الأجواء السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية في إسرائيل لا زالت منذ بداية الأسبوع تعيش حالة “أجواء إعلان حالة يقظة عالية المستوى”، توقعاً لحدوث تصعيد على الجبهة الشمالية.
المصطلح المستخدم في إسرائيل لما يمكن أن يحدث على الجبهة الشمالية هو “يوم القيامة”؛ أي حرب تسفر عن تدمير كارثي.. وبكل الأحوال يمكن القول أن السيناريو التصعيدي كما تعكسه المستويات الإعلامية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية يحفل بشيئ كبير من تقصد المبالغة في إظهار ما يمكن أن يحدث فيما لو انزلقت إسرائيل أو حزب الله بالدوس على زناد الطلقة الأولى في حرب يوم القيامة..
..وعلى الطرف الآخر من الحدود؛ أي عندنا هنا في لبنان، قام حزب الله بإجراءات واكبت التصعيد السياسي والإعلامي والأمني والعسكري الإسرائيلي المبالغ به، بتصعيد إعلامي وسياسي وعسكري مبالغ به أيضاً؛ حيث أطلق حزب الله على مناورته العسكرية تسمية الفتح المبين ووضع لها هدف خوض حرب إنهاء إسرائيل..
وسواء بخصوص حرب “يوم القيامة” حسب التسمية الصهيونية، أو حرب “الفتح المبين” الرامية لإزالة إسرائيل من الوجود حسب تسمية حزب الله، فإن كلاً من هذين السيناريوهين يشيان بأن الطرفين يستخدمان سلاح التهديد بشن حروب الإبادة والخراب الشامل ضد بعضهما البعض، حتى يبرر كل منهما لنفسه ولبيئته ولأصدقائه وأعدائه على السواء، نيته بالامتناع عن الانزلاق للبدء بخوض الحرب أو البدء بإطلاق الرصاصة الأولى في حرب “يوم القيامة” أو في حرب “الفتح المبين”..
ولكن في حال صحت نظرية أن لا حزب الله يريد شن حرب “الفتح المبين” ولا إسرائيل تريد فتح “حرب يوم القيامة”؛ فما هو بديلهما عن الحروب؛ وهل من نظرية لمستقبل المنطقة معهما خارج الحرب التي لن تحصل، لأن ثمنها على الطرفين لا يبرر شنها.
وسبب طرح هذا السؤال، ليس لأنه يوجد تفكير بخصوصه في حزب الله الذي محسومة لديه فكرة أن عداءه لإسرائيل هو عداء عقائدي وليس سياسياً ظرفياً؛ ولكن هذا السؤال مطروح في إسرائيل الذي يسأل الخبراء فيها عن مستقبل الصراع مع حزب الله؟!..
وهناك بحسب المصادر الإسرائيلية المفتوحة (الإعلامية) عدة أراء إسرائيلية يمكن استنتاجها؛ ولعل أبرزها وأخطرها هو ذاك الذي، يمكن تسميته بالرأي العسكري..
ويرى هذا الرأي أن التقدير الاستراتيجي الذي يجيب عن سؤال ما هو مستقبل الصراع مع حزب الله(؟؟)، يؤكد على أن الحزب لم يعد قوة لبنانية محلية بل أصبح قوة متقدمة من بين مجموعة قوى تنتمي لغرفة عمليات إستراتيجية واحدة منقادة من إيران الذكية في إدارة خصوصية كل قوة من هذه القوى..
..وعليه، فإن أي حرب ستقع مع حزب الله لن تكون اشتباكاً كبيراً كالذي يحصل مع حماس أو مع الجهاد الإسلامي في غزة؛ بل ستكون حرباً مدمرة تحدث على عدة جبهات؛ ابتداء من لبنان مروراً بالجولان وصولاً حتى العراق، وقد تحدث فيها مفاجأت مرعبة من قبيل تدخل اليمن بإطلاق صواريخ بعيدة المدى، أو حتى تدخل إيران!!..
وستشهد هذه الحرب تبادل آلاف الصواريخ والقذائف خلال الساعة الواحدة؛ ما يجعلها فعلاً حرباً تستحق أن يطلق عليها حرب “يوم القيامة”..
والواقع أن أصحاب هذه النظرية العسكرية لمستقبل الصراع مع حزب الله، يقترحون أن تبدأ إسرائيل أية حرب مقبلة مع حزب الله بحملة صاروخية إستراتيجية تؤدي خلال الساعات الأولى من الحرب إلى تحقيق ثلاثة أهداف إستراتيجية أساسية، تساعد بالإسراع في حسم الحرب.. وواضح هنا أن هذه النظرية تدعو إلى حملة إستراتيجية تحقق ثلاثة اهداف وليس هدفين إثنين كما كان الأمر في الماضي:
الهدف الأول هو تحييد أهداف إستراتيجية لحزب الله موجودة مسبقاً في خطة الحرب الإسرائيلية (بنك الأهداف).
وتشمل هذه الأهداف مخابئ للصواريخ الدقيقة؛ ونقاط للسيطرة والتحكم، الخ..
الهدف الثاني أن تبدأ الحملة الصاروخية الإستراتيجية بحملة اغتيالات إستراتيجية تطال الصف الأول في حزب الله؛ وذلك من خلال كتيبة جوية مسيرة متفوقة تكنولوجياً، أنشأتها إسرائيل منذ ثلاث سنوات لهذه الغاية…
وهذه الكتيبة التي تستعمل الطائرات المسيرة والقصف الموجه عن بعد، هي التي نفذت خلال آخر حربين في غزة سلسلة عمليات اغتيال قادة الجهاد الإسلامي. وترفع هذه الكتيبة شعار: “حيثما كان نكون.. ومن كل الأنحاء نأتي”!!..
الهدف الثالث وهو الجديد؛ يتمثل بأن تؤدي الحملة الاستراتيجية الصاروخية الأولى إلى “صدمة معنوية ومادية ونفسية هائلة” لحزب الله؛ وهنا يتم اقتراح أن يتم خلال الساعات الأولى من بدء الحرب؛ وضمن ما يسمى بالحملة الصاروخية الأولى الإستراتيجية، استعمال قنابل نووية تكتيكية ضد أهداف محددة تابعة لحزب الله.
إن فكرة استخدام قنابل نووية تكتيكية ضد حزب الله في بداية أية حرب مقبلة، إنما تسعى تل أبيب من ورائها لتحقيق جملة أهداف إستراتيجية من منظار إسرائيلي؛ أهمها عدم السماح للحزب بإطالة أمد الحرب؛ وأيضاً عدم السماح للحزب وحلفائه، بدك العمق الإسرائيلي بآلاف الصواريخ من جبهات مختلفة.
وقصارى القول هنا أن تل أبيب تريد بدء أية حرب مقبة بوصفها دولة نووية قادرة على استعمال سلاحها النووي لتأمين عمقها المدني الضيق!!.
..فهل يحصل فعلاً سيناريو يوم القيامة؛ أم أن النظرية الثانية المتبعة حالياً في إسرائيل والرامية إلى احتواء خطر حزب الله عبر تطبيق نظرية “خوض معركة ضده بين حروب”، تظل هي الأقرب للمنطق، ودائماً من زاوية الحسابات الإسرائيلية.