الهديل

خاص الهديل: إسرائيل توجه أول رسالة بالنار لسورية بعد عودتها للجامعة العربية

خاص الهديل:

حملت الغارة الإسرائيلية على دمشق أمس دلالات خاصة، نظراً للتوقيت الذي حصلت فيه..

..فمن ناحية أولى؛ فإن هذه الغارة تعتبر الأولى التي تشنها إسرائيل على دمشق بعد عودة سورية إلى الجامعة العربية، وبعد إعلان القمة العربية في مكة عن توجه العرب لاحتضان سورية وتطبيع العلاقات العربية معها.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن كلاً من تل أبيب وواشنطن كانتا أعلنتا عدم ارتياحهما لقرار الجامعة العربية بإعادة سورية إلى صفوفها.. 

وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن تل أبيب أرسلت الأسبوع الماضي رسائل إلى جهات ودول معنية بالوضع السوري الجديد، أبلغتهم فيها بأن تل أبيب لن توقف هجماتها على سورية بعد عودتها إلى الجامعة العربية.. وأنه بالنسبة لتل أبيب، فإن قرار العرب بإعادة سورية للجامعة العربية، لن يؤدي إلى تغيير سلوك إسرائيل العسكري في سورية القائم على استمرار قصفها لمواقع وأهداف يعتبرها الجيش الإسرائيلي تشكل خطراً على “أمن إسرائيل(!!)”.

ومن ناحية ثانية فإن الغارة الإسرائيلية أمس، على دمشق جاءت قبل ساعات من بدء المناورة العسكرية الإسرائيلية المخصصة لمقاربة وقوع حرب متعددة الجبهات تقع على الجبهة الشمالية؛ وتشارك فيها إلى حانب حزب الله كل من سورية والعراق وغزة واليمن؛ وربما تتطور إلى حرب إقليمية أوسع تشارك فيها إيران..  

إن مجمل ما تقدم يقول التالي: 

أولاً- إن إسرائيل تقصّدت أن تقع غارتها أمس بين توقيتين اثنين؛ الأول بعد أيام قليلة من عودة سورية للجامعة العربية؛ والثاني قبل ساعات من بدء مناورة عسكرية إسرائيلية مخصصة لمحاكاة وقوع حرب على الجبهة الشمالية التي تضم لبنان وسورية والعراق. 

وتريد إسرائيل من هذا التوقيت القول للعرب أن عودتهم إلى سورية، مع عدم أخذ إجراء عربي بانسحاب القوات الحليفة لإيران من سورية، يهدد بإشعال حرب على الجبهة الشمالية مماثلة للحرب التي بدأت إسرائيل بعد ساعات من غارتها على دمشق، بإجراء مناورة لمحاكاتها تستمر نحو أسبوعين.. 

والواقع أن إسرائيل حددت أهداف مناورتها وهي شن حرب من قسمين: الأولى توجيه ضربة قوية وساحقة في لبنان وضد حزب الله؛ والثانية: تلي هذه الضربة للبنان هجمات في دائرة المواجهة الثانية وهي سورية وفي الدائرة الثالثة وهي إيران..

..وعليه، فإن قيام إسرائيل بتنفيذ غارة على دمشق قبل ساعات قليلة من بدء هذه المناورة، إنما يعتبر بمثابة إعلان من تل أبيب بأن هجومها على دمشق هو افتتاح للمناورة بتنفيذ “جزء حي” من الهجمات ضد الدائرة الثانية – أي ضد سورية – بحسب أجندة عمل المناورة.. 

وهذا يعني ضمناً أن إسرائيل تريد الإيحاء بأن الدائرة الثالثة داخل المناورة التي بدأت أمس، والتي تعني تنفيذ هجمات على إيران بعد ضرب لبنان، هي أمر متوقع الحدوث، بدليل أن الهجمات الإسرائيلية على الدائرة الثانية وفق أجندة المناورة، حصلت فعلاً وبالذخيرة الحية..

وتجدر الإشارة أن هذا الإيحاء العسكري الإسرائيلي تجاه إيران، يتم في وقت يتحدث فيه الإعلام العبري عن احتمال تجدد التفاوض بين طهران وواشنطن حول الملف النووي خلال الأسابيع القادمة.. 

الأمر الثاني الذي تريد إسرائيل قوله من غارة أمس على دمشق، هو أن أية معادلة إقليمية أو عربية أو دولية جديدة تجاه الوضع السوري، لا تأخذ بالحسبان مصالح تل أبيب في مستقبل سورية لن تؤدي إلى تحقيق الاستقرار في سورية ولن تنهي الحرب داخلها وعليها.

Exit mobile version