علمت “النهار” من مصادر سياسية معنية بمتابعة زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لباريس ان اللقاء الذي دام ساعة وخمس دقائق بينه وبين الرئيس ماكرون اتسم بالصراحة حيث عرض الطرفان وجهة نظر كل منهما بالنسبة للشغور الرئاسي واتفقا على مواصلة المشاورات بينهما. فالرئيس الفرنسي شدد امام ضيفه على ان بلاده لا تدعم سليمان فرنجية او اي مرشح اخر بل انها تعتبره “الحل الممكن” بدلا من الفراغ الذي تتخوف منه وانه يعود الى الطبقة السياسية اختيار افضل المرشحين وتشكيل حكومة باسرع وقت ممكن.
ووضع ماكرون البطريرك الراعي في صورة تطورات اجتماعات باريس للمجموعة الخماسية والموقف الفرنسي والجهود المبذولة مع الاصدقاء الدوليين الذين تلاقوا على ان مصلحة لبنان تكمن في الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة. وفي السياق علم ان اجتماعا للمجموعة الخماسية سيعقد في الرياض خلال الايام المقبلة لبحث اخر المستجدات بعد اللقاءات العديدة التي حصلت في باريس وواشنطن والرياض والفاتيكان نظرا للتنسيق التام بين فرنسا والفاتيكان بشان الاستحقاق الرئاسي.
وتوضح هذه المصادر ان باريس تعلم ان فرنجية هو احد المرشحين الموارنة الذين قدموا اوراق اعتمادهم الى “حزب الله” والوحيد الذي نجح بهذا الامتحان . وتلفت باريس الى ان فرنجية هو احد المرشحين المسجلين على لائحة البطريرك اي ان لا اعتراض مبدئيا على ترشيحه. لذلك اعتبرت باريس انه “الحل الممكن”. فباريس تخشى وتتخوف في ظل الوضع الاقليمي الحالي على مستقبل المسيحيين وهي على يقين ان “حزب الله” ليس على عجلة لسد الفراغ الرئاسي ويريد الذهاب الى الفراغ الذي سيؤدي الى مؤتمر تأسيسي يريد الحزب من خلاله تاكيد مكتسباته وهذا الواقع الجديد قد يؤدي الى خسارة المسيحيين العديد من مراكز الفئة الاولى والحساسة في الدولة.
وكشف مصدر فرنسي رفيع لـ”النهار” ان اللقاء كان جيدا وذكر الرئيس ماكرون بتعلقه بلبنان وبالروابط العميقة بين فرنسا ومسيحيي لبنان ودورهم في التوازن الطائفي والمؤسساتي في الدولة اللبنانية. وذكر ان فرنسا تسعى دائما الى حماية وحدة لبنان وسيادته والحد بالقدر الممكن من العواقب الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن التعطيل الحالي والازمة. وذكر بكل ما تقوم به فرنسا لدعم المدارس ومنها المسيحية. بالنسبة للموضوع الرئاسي كان هنالك توافق مشترك بين ماكرون والبطريرك على ضرورة الخروج من التعطيل وانتخاب رئيس بسرعة ما يتطلب حوارا بناء بين جميع الفرقاء يتيح التوصل الى هذا الانتخاب. ومن الاكيد في نظر الرئيس وضيفه ان للمسيحيين دورا في هذا الانتخاب كما باقي الفرقاء. وقد تطرقا الى النقاشات الدائرة حول المرشحين ومن بينهم اسم جهاد ازعور مع أسماء عديدة أخرى تم التطرق اليها. واكد المصدر ان موقف فرنسا هو ان مسوؤلية التوافق تقع على اللبنانيين وفرنسا لا تختار ولا تنتخب الرئيس. وقال المصدر ان على الأحزاب المسيحية اللبنانية ان تتوافق على مرشح مقبول من اغلبية النواب سواء ازعور او غيره فعلى الجميع في لبنان ان يعرفوا ان فرنسا لم ولن تقترح اسم مرشح.
اما البطريرك فعرض وجهة نظره بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية والمساعي التي قام وما زال يقوم بها من اجل التوصل الى مرشح يكون مقبولا من اكثرية اللاعبين على الساحة الداخلية والتي ادت الى ترشيح جهاد ازعور داعيا الرئيس ماكرون الى تامين غطاء دولي واقليمي لمرشح توافقي لا يستفز اي طرف ولا يشكل تحديا لاي طرف. وقدم وصفاته للخروج من الازمة السياسية التي يعاني منها لبنان واعادة الثقة الداخلية والخارجية وتنظيم المؤسسات الدستورية وحماية حياد لبنان.