الهديل

ملتقى بيروت أقام ندوة حول: المتغيّرات في الإقليم وانعكاسها على الوضع اللبناني الوزير فارس بويز: على لبنان تلقّف ايجابيات تنفيذ الاتفاق السعودي – الإيراني

 

أقام ملتقى بيروت ندوة حول: المتغيّرات في الإقليم وانعكاسها على الوضع اللبناني، تحدّث فيها وزير خارجية لبنان سابقاً معالي الأستاذ فارس بويز، وحضرها نواب وحشد من الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

استهل الندوة رئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان بالترحيب بالحضور وبشجب عملية خطف المواطن السعودي السيد مشاري المطيري من وسط بيروت من قِبل عصابة مجرمة بهدف فدية مالية، الأمر الذي يؤشّر إلى انكشاف فادح في أمن بيروت ولبنان، ويؤثّر سلباً على موسم الصيف الذي نبني عليه آمالاً كبيرة، وعلى العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية التي تستضيف عشرات الآلاف من اللبنانيين، وعلى تحركات وجهود سفيرها في بيروت الأستاذ وليد بخاري.

وشكر مخابرات الجيش اللبناني على تحرير المخطوف، وإعادته سالماً إلى عائلته، وطالب الدولة بإنزال أشدّ العقوبات بحق الخاطفين المجرمين.

كما طالب النواب الكرام بتحمّل مسؤولياتهم وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، كي يعود إلى لبنان استقراره السياسي والأمني والاقتصادي والمالي.

وعن موضوع الندوة قال: يمرّ الإقليم، وبخاصة المنطقة العربية، بتبدّلات وتحوّلات على مستويات عدة، بدأت بتوقيع دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل “اتفاق سلام” في 13/8/2020 بواسطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تقيم بموجبه الدولتان علاقات ديبلوماسية كاملة، وقام بعد ذلك بسنتين وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد بزيارة رسمية إلى إسرائيل في 15/9/2022، ثمّ توالت الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الرسميين والهيئات الاقتصادية في البلدين.

والحدث الثاني كان توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في 27/10/2022 بوساطة أميركية أيضاً، ما أتاح لإسرائيل البدء بإنتاج الغاز من منطقة كان متنازع عليها، فيما يأمل لبنان بدء التنقيب في الأشهر المقبلة. وتمً الاتفاق بموافقة “حزب الله” وبدعمه، بالتالي بموافقة إيران. وقد ورد اسم إسرائيل عشرات المرات في الاتفاق، ما يعتبر بمثابة تطبيع مع إسرائيل، الأمر الذي يدحض خطابات قادة الحزب عن رفضهم التطبيع مع الكيان الصهيوني!

والحدث الثالث وهو الأهم، كان الاتفاق السعودي-الإيراني بوساطة صينية تولى جزءاً منها الرئيس الصيني شي جين بينغ ويُعرف بـ”اتفاق بكين”، وجاء في بيان مشترك لوزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بكين في 6/4/2023، أنّ البلدين سيعيدان فتح الممثليات الديبلوماسية خلال شهرين، وسيتمّ استئناف الرحلات الجوية والزيارات الثنائية. ويُعتبر لقاء الوزيرين تطبيقاً لما اتفق عليه وفدا البلدين في بكين في 10/3/2023 لاستئناف العلاقات الثنائية بعد سنوات من القطيعة. أما المضمون الكامل للاتفاق فقد بقي طيّ الكتمان وبعيداً عن الإعلام.

والحدث الأخير كان استعادة سوريا لعضويتها الكاملة في جامعة الدول العربية، والعودة إلى ممارسة دورها في العمل العربي، ومشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع القمة العربية العادية في جدة. وكانت سبقت هذه العودة إعادة الإمارات لفتح سفارتها في دمشق في 27/12/2018 بعد قطيعة دامت ست سنوات، ولقاء وزير الخارجية السعودي بن فرحان الأسد في دمشق في 18/4/2023 بعد قطيعة دامت اثنتي عشرة سنة. وكان لولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان دور رئيس في عودة سوريا إلى محيطها العربي، لقاء التزام الأسد القيام بأمور تصبّ في صالح الشعب السوري. فهل يفي الأسد بالتزاماته، أم يتهرّب منها كما هي عادته؟

ويبقى السؤال: ماهو انعكاس المتغيّرات في الإقليم على الوضع اللبناني، هذا ما سيطلعنا عليه السياسي القدير الذي تولى حقيبة وزارة الخارجية خمس مرات، وترأس الوفد اللبناني المشارك بأعمال مؤتمر السلام لحلّ أزمة الشرق الأوسط الذي عقد في مدريد في العام 1991 وألقى كلمة لبنان التي اعتبرت أول إطلالة للبنان بعد الحرب الأهلية، وحدّدت مفاصل الموقف اللبناني من عملية السلام معالي الأستاذ فارس بويز.

ثمّ بدأ الوزير بويز مداخلته وأهمّ ما جاء فيها: إنّ المنطقة على أبواب منعطف كبير لا بل زلزال جيوسياسي، نتيجة الاتفاق السعودي – الإيراني برعاية الصين التي تدخل لأول مرة على حلبة السياسة الدولية، ما يعطي الاتفاق أهمية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. كما سيؤدي إلى إضعاف قيمة الدولار الأميركي خصوصاً إذا اتجهت المملكة العربية السعودية وإيران وغيرهما إلى التحوّل من الدولار إلى اليوان أو إلى عملاتها في تعاملها التجاري مع الصين، الأمر الذي أزعج الولايات المتحدة وأفقدها أداة الضغط الأقوى التي تملكها، ودفعها إلى التهديد بفرض حصاروعقوبات اقتصادية على هذه الدول.

وقال: يعني هذا الاتفاق العميق أنّ إيران وتحت وطأة العقوبات الدولية والضغوط الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية التي تهدّد الدولة وكيانها، دخلت الاتفاق حماية لنظامها القائم. كما وأنّ للمملكة العربية السعودية مصلحة في الاتفاق إذ يُنقذها من المأزق الذي وقعت فيه في اليمن.

واردف بويز قائلاً إنّ الاتفاق يعمل وبالعمق على تفكيك بؤر التصادم فيما بين الدولتين، في اليمن والعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان .. وبالأخصّ في لبنان الذي يمرّ في مأزق استحقاق الرئاسة الأولى. وكما أوضح سفير المملكة العربية السعودية في لبنان الأستاذ وليد بخاري بأنه ليس لدى المملكة مرشح، ولا تريد التدخّل بالشأن اللبناني الداخلي. كما وليس عندها في الوقت ذاته فيتو على أحد، بل وضعت معايير لشخص الرئيس خارج الاصطفافات السياسية، وعكس ذلك فإنها لن تساعد لبنان على النهوض من المأزق الذي هو فيه، وعلى اللبنانيين أن يتحملّوا نتيجة اختيارهم.

ويرى بأنّ الاتفاق السعودي – الإيراني، إذا نفّذ وسينفّذ، سيشكّل فرصة لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الصراع الإقليمي الذي كان قائماً قبل الاتفاق إلى الحلبة الداخلية، وستشهد الساحة اللبنانية استقراراً وازدهاراً كانعكاس مباشر له.

وأورد جملة من المواقف السياسية من صفحات السياسيين اللبنانيين، تُظهر مدى خضوع بعضهم لضغوطات دولية وإقليمية، طالما أنها تخدم مصالحهم.

واعتبر أنّ النظام اللبناني نظام فريد في العالم، فانتخاب رئيس الجمهورية من قِبل مجلس النواب هو بمثابة اختيار وليس انتخاباً، ويتمّ بناءً على انعكاسات وتدخلات إقليمية ودولية. واعتبر أيضاً أنه لا يحقّ لمرشح الرئاسة الأولى أن يعلن عن مشروع سياسي واقتصادي رئاسي لأنه لا يستطيع أن يلزم به رئيس مجلس الوزراء، كما وليست لديه الصلاحيات الدستورية لفرض تنفيذه.

Exit mobile version