كتب عوني الكعكي:
منذ عدّة أيام أقدم معالي وزير العدل على عقد مؤتمر صحافي أقام الدنيا ولم يقعدها، محتجاً بأنّ مدير عام وزارة العدل القاضي النزيه محمد محمود المصري يعرقل تعيين اثنين من المحامين ليحضرا الجلسة التي تعقدها القاضية الفرنسية أود بوروزي بشأن القضية المقامة ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ويأتي تعيين المحاميين للمرافعة عن الحكومة اللبنانية للحفاظ على مال الدولة اللبنانية إذا صدر حكم ضد رياض سلامة.
من حيث الشكل، فعلاً يجب شكر معالي الوزير على غيرته على أموال الدولة اللبنانية والشعب اللبناني. ولكن من حيث المضمون والاصول لا بد من طرح بعض الأسئلة التالية:
أولاً: مَن اقترح أسماء المحاميين اللذين اختارهما وزير العدل؟
ثانياً: هل هناك ملخص لسيرتهما الذاتية؟
ثالثاً: هل هناك علاقات بين المحاميين والمنظمات الصهيونية، خصوصاً انّه من المعروف ان في فرنسا عدداً كبيراً من المنظمات التي لها علاقة بإسرائيل.. ولكن تحت شعارات حقوق الانسان؟
رابعاً: ما هي الآلية القانونية المتوجب اتباعها في التعيين؟
وهنا يتبيّـن انه منذ عدة أيام وتحديداً في عيد «الشعنينة» عند الطوائف المسيحية يوم عطلة ويوم أحد، تسلم مدير عام وزارة العدل كتاباً من وزير العدل يطلب فيه الموافقة على تعيين محاميين اثنين… والفضيحة الكبرى ان الكتاب الذي وصل الى المدير العام يحمل اسمين:
الأول إيمانويل داود
والثاني باسكال بوفيه،
رفض المدير العام الموافقة، وطلب إعطاءه بعض الوقت كي يقوم بإجراء بحث عن المحاميين اللذين ورد اسمهما في كتاب رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل هيلانة اسكندر. هنا جاءت اسكندر وحاولت إقناع المدير العام.. ومن ضمن ما قالته للمدير العام: إنها أجرت محادثات مع المحاميين على الـ Whats Up.
أصرّ المدير العام على رفضه، فكان جواب هيلانة انها أرسلت كتاباً الى القاضية الفرنسية تعلمها بموافقة المحاميين والموافقة على حضورهما الجلسات.
على كل حال، تبيّـن لمدير عام وزارة العدل القاضي محمد محمود المصري من خلال الانترنت ان المحامي ايمانويل داود هو محامي أحد الجمعيات الصهيونية… كذلك فإنّ أحد المحاميين المقترحين يناصر الجمعيات المتعاطفة مع الصهيونية.
وعندما رفض مدير عام الوزارة القاضي محمد محمود المصري، ألغى وزير العدل التفويض الذي يُعْطى عادة وعلى فترة سنتين للمدير العام والمتعلق بالصلاحيات غير الدستورية، وفي المرحلة الثانية أقدم على أبعد من ذلك، إذ قام بخطوة لا سابقة لها على الاطلاق، حيث طلب من ديوان وزارة العدل سحب جميع المراسلات من مكتب المدير العام، ومنعه من التوقيع على أي معاملة قبل عرضها على الوزير شخصياً.
وبالرغم من ذلك، أرسل وزير العدل هنري خوري رسالة الى المدير العام يطالبه بالموافقة والتوقيع على التعيين وأعطاه 48 ساعة فقط للتنفيذ.
المدير العام تمسّك بموقفه الرافض اقتراح اسمي المحاميين اللذين هبطا بـ»البراشوت»، إذ لا أحد يعلم كيف وصلا الى الوزير.. أي لم يُعْرَف بعد من طلب من الوزير إدراج الاسمين المذكورين، وكيف يتبنّى الوزير هذين الاسمين وعلى أي أساس؟
المدير العام القاضي محمد المصري أرسل كتابين الى نقابة المحامين في بيروت وكتاباً آخر الى نقابة المحامين في الشمال أعلمهما بالأمر… كما أرسل كتاباً الى الوزير نفسه يطالبه بإلغاء التعيين وطلب الحصول على عقود جديدة.
أما بالنسبة لاستدعاء مدير عام وزارة العدل محمد المصري الى مجلس الوزراء، فهذا حق لرئيس الوزراء يستطيع أن يطلب من أي مدير عام الحضور الى مجلس الوزراء للاستماع إليه، إذا كانت هناك ضرورة… وهذا ما حصل عندما استدعى رئيس الحكومة مدير عام وزارة الكهرباء كمال حايك، وجاء المدير العام وحضر الجلسة وأجاب على جميع الأسئلة التي وُجّهت إليه.
فيا معالي الوزير: لماذا تعترض؟ وهل هناك طائفية في الموضوع؟ وأخطر ما في الموضوع ان هناك جهات سياسية، كما قال محامي الحاكم الفرنسي، تقف وراء جمعيات غير معروفة لأهداف سياسية… على كل حال سوف يأتي اليوم الذي تنكشف فيه أسرار وفضائح التركيبات والمؤامرات التي تحاك ضد حاكم مصرف لبنان، والتي يترأسها مدير عام وزارة المالية السابق وأحد أصدقاء الوزير الحالي مدعومين من فخامة الرئيس السابق… وهناك أيضاً أحد أصدقائه الذي جاء من أميركا خصيصاً ليكون حاكماً مصرف لبنان.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*