ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، ومما جاء في خطبته السياسية: “البداية من لبنان الذي يستمر فيه الشغور على الصعيد الرئاسي من دون أن تبدو في الأفق وحتى الآن أية فرصة تنهي حال الشغور هذه في ظل بقاء كل فريق من الأفرقاء السياسيين على موقفه من دون أن يتقدم خطوة نحو الآخرين، رغم وعي كل الأفرقاء السياسيين أن أياً منهم غير قادر على تأمين الأصوات الكافية التي تضمن وصول من يراه أهلاً للوصول إلى سدة الرئاسة”.
وأردف، “في هذه الأثناء قد لا يزال هناك من القوى السياسية من يراهن على الخارج، رغم أنه قد وضع كرة الاستحقاق هذه في عهدة اللبنانيين ودعاهم الى أن يتدبروا أمرهم فيها، ووصل الأمر به إلى التهديد بفرض عقوبات على من يراه يعطل هذا الاستحقاق، وإن كنا لا نرى ذلك مجدياً، وقد أثبت الواقع أنه ليس حلاً، بل قد يزيد الأمور تعقيداً في بلد متنوع الآراء والتوجهات”.
ورأى “اننا أمام كل ما يجري نقول للقوى السياسية، عليكم أن تستفيدوا من هذه الفرصة المتاحة لكم لتؤمنوا استحقاقاً صنع في لبنان ولحساب اللبنانيين، وإذا كان هناك من يرى أن ما يتحدث به الخارج لا يعبر عن الواقع، لمعرفته بأن القوى السياسية عاجزة لوحدها عن الحل، ومعتادة على أن الخارج بيده القرار فأحرجوا هذا الخارج في ذلك وبادروا إلى الحل”.
وِشدّد قبلان على أنّ “هذا لن يكون إلا بأخذ خيار التوافق على البرنامج الذي ينبغي أن يطبع المرحلة اللاحقة وعلى الشخص الكفوء الذي يلتقي عليه اللّبنانيون والقادر على تنفيذه وقيادة هذه المرحلة التي هي من أصعب المراحل التي تمر على لبنان، لأن هذا البلد وكما أكدنا سابقاً، لن يخرج من أزماته ومن التردي الذي وصل إليه بطائفة لوحدها أو مذهب أو موقع سياسي مهما كبر أو علا شأنه، بل بتعاون كل اللبنانيين”.
وتابع، “لهذا نقولها للجميع؛ وفروا على هذا البلد كل هذه المعاناة وهدر الوقت، واستجيبوا لكل دعوات الحوار التي انطلقت سابقاً أو التي يدعى إليها الآن، لكننا نريده حواراً بناءً وجاداً وبعيداً من الشروط والشروط المضادة والفرض ومنطق القوة والغلبة والاستقواء بالخارج”.
وأشار إلى فضل الله أنّ “في هذا الوقت، تستمر معاناة اللبنانيين على الصعيد المعيشي والحياتي بفعل ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، والذي لم تعد تداعياته تقف عند عدم قدرة اللّبنانيين على تأمين احتياجاتهم للطعام والشراب والكهرباء والماء، بل إلى عدم قدرتهم على تأمين الدواء والعلاج، إن هم اضطروا للدخول إلى المستشفى وعجزهم عن تأمين التعليم لأولادهم والنقل لهم في ظل ارتفاع الأقساط.
ولفت إلى “أننا أمام كل ذلك، ندعو الحكومة إلى الرأفة باللبنانيين، فلا تزيد من معاناتهم، من خلال ارتفاع الدولار الجمركي أو الرسوم التي تفرض عليهم، أو فواتير الكهرباء العالية والتي تضاف إلى الفواتير التي يدفعها المواطنون إلى أصحاب المولدات الكهربائية”.
كما دعا فضل الله الحكومة إلى “الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني الذي بات يتهدد اللبنانيين في ظل تنامي السرقات وتفشي الجريمة والمخدرات، وصولاً إلى عصابات الخطف لقاء الحصول على مال، والتي شهدنا أحد فصولها أخيراً في خطف المواطن السعودي لقاء فدية، والتي تجعل الإنسان في هذا البلد غير آمن على نفسه وعلى بيته وممتلكاته، وتجعل الكثيرين من اللّبنانيين وغيرهم يترددون في المجيء إليه لداعي الاصطياف أو لأي داع آخر”.
وقال: “هنا لا بد أن نشدّ على أيدي القوى الأمنية التي تبذل أقصى جهدها لجعل هذا البلد آمناً، لكن ذلك لن يتمّ إلا بتعاون كل القوى السياسية وغير السياسية لأداء دورها وعدم تركها وحيدة في مواجهة عصابات الخطف والجريمة والمخدرات، وهنا نقدر أي تعاون كان وسيكون على هذا الصعيد.”
ودعا الى “الحذر من كل ما يقوم به العدو سواء في مناوراته التي يحاكي بها هجوماً على لبنان، كالمناورة الأخيرة، أو في اعتداءاته واختراقاته عند الحدود مع فلسطين المحتلة كما حصل بالأمس أو قبل أيام”.
وختم فضل الله، “نعرف أن العدو يريد من ذلك أن يوحي بأنه قادر على خوض الحرب، رغم أننا نعرف أنه بات يفكر كثيراً قبل أن يقدم على أي مغامرة مع هذا البلد، ولكن علينا ألا ننام على حرير، وأن نكون جاهزين لأية مغامرة يقدم عليها، تحفظ كل عناصر القوة التي بها هزم سابقاً وبها سيهزم مجدداً، ويبقى الأهم فيها هو الوحدة في مواجهته”.