رعى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ممثلا برئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف، الإحتفال التكريمي للنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بدعوة من صالون أبو رضا الثقافي في بلدة الوردانية، وحضره النواب: بلال عبد الله، محمد خواجة، غازي زعيتر، قبلان قبلان وفريد البستاني، ممثل نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ الدكتور محمد حجازي، راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار، ممثل مفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو، الشيخ محمد هاني الجوزو، المديرالعام لهيئة التبليغ الديني في المجلس الشيعي الأعلى القاضي الشيخ عبد شرارة، المونسنيور الأب جوزيف القزي، امام بلدة الوردانية الشيخ يوسف عباس ومشايخ، النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، عضوا المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى الشيخ رئيف عبد الله ومحمد بهيج منصور، اللواء علي الحاج، المدير العام للمؤسسة العامة للمنشآت الرياضية والشبابية والكشفية في وزارة الشباب والرياضة محمد سعيد عويدات، أمين سر نقابة المحامين في بيروت المحامي سعد الدين الخطيب، الرئيس الفخري لصالون أبو رضا الثقافي القاضي حسن الحاج، وحشد من القضاة والمحامين، نائب رئيس المكتب السياسي في حركة “أمل” الشيخ حسن المصري، وكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في اقليم الخروب ميلار السيد، المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في جبل لبنان الشيخ أحمد سعيد فواز وعضو المكتب السياسي عمر سراج، منسق تيار المستقبل في محافظة جبل لبنان الجنوبي وليد سرحال، مسؤول “حزب الله” في الجبل بلال داغر، رئيس اللقاء الوطني في اقليم الخروب الصحافي سمير منصور، مدير مجمع اقليم الخروب للرعاية والتنمية – دار الأيتام الإسلامية محمد حمية، رئيس رابطة مخاتير الشوف مختار المعنية جوزف القزي، المسؤول التنظيمي لاقليم جبل لبنان والشمال سعيد ناصر الدين ممثلا حركة امل، وحشد من الشخصيات العسكرية والأمنية، رؤساء بلديات ومخاتير، مدراء مدارس، ممثلون عن الجمعيات والاندية، وعائلة المحتفى به.
الحاج
وكان إستهل الإحتفال بالنشيد الوطني، ثم تقديم وترحيب من المحامي رشاد يوسف شمس الدين، بعدها ألقى معاون رئاسة المجلس الشيعي الاعلى علي الحاج كلمة بإسم صالون ابو رضا، فرحب بالحضور، وبالقاضي عويدات في بلدة الوردانية، “بلدة العيش المشترك، في دارة المرحوم أبو رضا، ابن هذه المنطقة”، مبديا اعتزازه بالعلاقة التي تجمعه مع القاضي عويدات، ومؤكدا ان “عبركم نرى مستقبل بلدنا مشرقا”.
وأشار الى ان “الوالد الراحل ابو رضا ترك وصية تشبه تاريخه، وتستكمل اليوم بمحبة الناس بعضهم لبعض، من كل الطوائف والمذاهب، ومن كل الشرائح الاجتماعية والثقافية والتربوية والنخبوية والمنابع السياسية”، لافتا الى ان “الحاج ابو رضا، لم يؤمن بتعدد البيوتات، بل سعى وأراد لنكون جميعا بيتا واحدا وعائلة واحدة، بل وثقافة واحدة. نعم انه العيش المشترك في وطن يجب أن يكون، وان يبقى واحدا موحدا لكل أبنائه”.
وقال: “نجتمع اليوم برعاية مفتي الجمهورية، مفتي المحبة والإعتدال والوفاق، بحضور مشايخ اجلاء من الطوائف الاسلامية، وحضور مطران العيش المشترك مارون العمار وكهنة ومشايخ، حيث نجتمع لصورة الانسان الواحد في لغة السماء ولغة الأرض”، مستذكرا وصية الامام موسى الصدر والمفتي الشهيد حسن خالد من خلال عبارة: “احفظوا بلدكم لبنان”، وأثنى الحاج على دور القاضي عويدات”، لافتا الى انه “يستكمل مسيرة والدة الراحل القاضي منيف عويدات بالعطاء والخدمات وبالقضاء النزيه والعادل”.
عويدات
ثم تحدث القاضي عويدات، فقال:”شرف كبير لي أن أكون بينكم مكرما في القلوب، في هذه الدار الجامعة، منتدى التلاقي والحوار، دارة الراحل العم أبو رضا، فرحمة الله على الراحل الكبير، جليس الكبار، الذين حلموا ببناء وطن الإنسان والرسالة لبنان، في زمن باتت فيه صراعات الحضارات والأثنيات والعرقيات، تنثر بالثبور وبعظائم الأمور”.
وأضاف: “بالأمس القريب، إحتفلنا بذكرى التحرير، الذي أتى تجسيدا لما نشأنا عليه، من عزة وكراكة، وإباء، إيمانا منا بأن الحق يعلو ولا يعلو عليه. أما اليوم وفي ظل الظروف المأساوية الراهنة، حيث إنبرى بعض الطارئين على الحياة العامة ومنظومة الجهل، الذين يلهثون وراء المناصب والكراسي والمصابون بمحنة العقل في السياسة والإقتصاد والإدارة، الممتهنون لعب دور الضحية، والمضحون بكل غال ونفيس من أجل مصالحهم النرجسية والهادفون الى الفتن والإفتراء وهدر الدماء، إنبرى هؤلاء لإصطياد النفوس الطيبة الخيرة كعادتهم، محاولين أن ينالوا من مصداقيتنا، مرتكزين على غوغائية وشعبوية مدمرة، كاذبين مفترين، مغتالين، حاقدين وزارعي الفتن”.
وتابع عويدات:”أفواههم قبور مفتوحة، عيونهم متعالية، ألسنتهم كاذبة، أياديهم ساكبة دما بريئا، قلوبهم تنشئ أفكارا رديئة، أرجلهم سريعة الجريان الى فعل السوء، هم شهود زور وزارعو خصومات بين الإخوة والأبناء، غير معتبرين ان كل من عليها فان”، فإلى هؤلاء نقول:” تمسكنا بالترفع وبالحكمة وبالحق وبالعنفوان ونخسر الميزان، فنحن المصلحون، ولا نريد أن نكون جبارين في الأرض”.
وقال: بالأمس القريب عمدوا الى محاولة إزالة الوحدة القائمة على التنوع في كل لبنان، وحاولوا القضاء على نموذج الحياة في الاقليم. إنني أشدد على عبارة الوحدة في التنوع، وليس على عبارة العيش المشترك. الوحدة هي قيمة إنسانية جامعة وقائمة على التنوع، وهي مثال يحتذى به، وقيمة تستحق الإستماتة من أجلها”.
واضاف: “في تلك الحقبة من التاريخ المشؤوم، قمنا وأسلافنا بالدفاع عن هذه الوحدة في التنوع، غير آبهين بجبروت الطغاة، باذلين الغالي والنفيس لأجل الوطن، أما اليوم، وفي معرض قيامنا بمهامنا القضائية، واجهتنا عدة حركات ترمي الى تقويض وإزالة أركان الدولة، ومن ضمنها فاجعة إنفجار المرفأ الذي دمر عاصمتنا بيروت، وقد سخرنا طاقتنا الخاصة، واضعين الآليات والمعايير القانونية والعلمية التي تؤدي الى كشف الحقائق وملابسات الإنفجار دون أن نوفر أي جهد للحصول على معلومة او مساعدة من جهات داخلية ودولية، معتمدين على الشفافية في قراراتنا، مدفوعين بحسنا الوطني المسؤول، وبمضميرنا الحي، وبقناعتنا المبنية على قيمنا الأخلاقية، وبجرأتنا في اتخاذ المواقف مهما كانت صعبة، وكل ذلك موثق ومحفوظ للتاريخ. البعض لا يتورع عن إستغلال أي شيء في سبيل تحقيق مصالحه الشخصية دون سواها، فقد عمد الى استغلال هذا الإنفجار مستثمرا في السياسة، ومطلقا علينا حملة إفتراءات وتهديدات، لتحقيق مآربه الشخصية على حساب الوطن وحقوق الضحايا الأبرياء، الذين أصيبوا في أرواحهم وأرزاقهم وممتلكاتهم. إلا أن هذا البعض غاب عنه أن من وقف بوجه الطغاة عندما عزت الرجل، لا ترهبه حركات صبيانية مبنية على باطل، فهدفنا العدالة الآتية لا محال، ولو بعد حين. فليتغنوا بالإغتيال المعنوي وسنعمم العيش الموحد، فنحن صدر الوطن وسادة العزة ودرب الوفاء والإخلاص”.
وقال: “لقد حذرنا مرارا وتكرارا من تسييس وتطييف هذه القضية حفاظا على الحقيقة، ولكن عبثا حاولنا، فلا حياة لمن تنادي، على كل حال، من كانت سكناه القلوب، لا يخشى القابل من الأيام. فأنا وعائلتي ومن انتمى الينا، القربان والترياق لمن شاء وتمنى، ولكننا حميا وغساقا لمن تجبر وطغى واستعلى”.
راعي الإحتفال
كلمة المفتي دريان ألقاها ممثله القاضي عساف الذي نقل تحيات المفتي دريان، مؤكدا أن “العمل القضائي ليس بالأمر السهل، كما يتوهم البعض، بل فيه صعاب جسام ولا يدرك هذه الصعاب إلا من عمل ويعمل ضمن هذه المنظومة من العمل القضائي”.
أضاف: “القضاء يفصل الخصومات ويعطي كل ذي حق حقه، وهو اساس العدل وميزانه، الذي يفرق به بين الحق والباطل وبين العدل والظلم وبين الظالم والمظلوم، فيتساوى أمامه الخصوم، ولا فرق أمام القضاء العادل بين غني وفقير ولا بين شريف ووضيع، ولا بين ابيض واسود ولا بين عربي واعجمي ولا بين حاكم ومحكوم فالكل سواسية أمام العدالة”.
وتابع: “ولكي يقوم القضاء العادل بين الناس، ينبغي على من يتولى القضاء أن يتصف بالعدالة ولديه المقدرة على نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم، فعند انعدام العدل تسود الفوضى ويصبح الحكم في البلاد كحكم الغاب، القوي يأكل الضعيف، والظالم يغلب المظلوم، أما إذا ساد العدل ينتصر المظلوم على الظالم، ويأخذ الضعيف حقه من القوي، وتتساوى العباد أمام القانون، لا فرق أمام القانون بين رئيس ومرؤوس، ولا بين حاكم ومحكوم، ولا بين قوي وضعيف، فالجميع سواسية أمام العدالة. لا مجال للظلم أن يأخذ مجراه أمام العدل، ولا أن يسلك طريق الحكم بين الناس طالما أن العدل هو الحاكم، فالعدل اساس الملك وهو الذي يجعل الناس تعيش في راحة واطمئنان وسلام وامان، لا خوف من أخذ الحق ولا خوف من بطش الظالمين وكيد الخائنين”.
وأردف: “إن سعادة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كما يعرفه الكثير، رجل قضاء من الطراز الأول، دمث الأخلاق، عصامي، ذو نظرة قضائية ثاقبة، يتمتع بخلق رفيع، ومكانة اجتماعية وقضائية سامية، تخرج من بيت أولى المسائل القضائية اهتماما عظيما حتى أضحى علما من أعلام القضاء في لبنان، همه الشاغل تطبيق القانون وكف يد من يخالفه، متمثلا يقول رسول الله “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”، مؤكدا ان “دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، تدعو دائما إلى قضاء عادل، بعيدا عن السياسة والتسييس، فالسياسة اذا تدخلت في القضاء افسدته، والقضاء اذا تدخل في السياسة قضى على الفساد فيها”.
وختم: “أن ما نشهده اليوم من انهيار اقتصادي واجتماعي، هو نتيجة خلافاتنا وتشرذمنا في غالبية الامور، الأمر الذي جعلنا ندفع اثمان ذلك غاليا على كل الأصعدة الحياتية والاجتماعية والسياسية، لذا ستبقى دار الفتوى حريصة على جمع الكلمة ووحدة الشمل ومحافظة على ثوابتها ومواقفها التي تدعو إلى المواطنة والعيش المشترك، وما يجمع اللبنانيين ويوحدهم. ونحن في هذا المكان من جبل لبنان لا بد أن نذكر رجل المواقف الوطنية الذي كان همه دائما جمع الكلمة ووحدة لبنان أعني به سماحة مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو. ولا بد لنا أن نستذكر في هذا المكان الحاج محمد رضا الحاج ونستذكر مواقفه الوطنية وانجازاته الاجتماعية والخيرية وعمله الدؤوب في تنمية الوقف في بلدته الوردانية، التي أضحت أعماله تدل على مدى نبله ومدى خبرته في الحياة الاجتماعية والسياسية”.
وشكر للقائمين على صالون ابو رضا الثقافي لفتتهم في تكريم القاضي عويدات، “إذ بتكريمه يكرم كل قاض نزيه متفان في عمله”، معتبرا ان “هذا التكريم، هو رد جميل على ما قدمه للقضاء من جهد وتفان وعمل في إحقاق الحق ورفع الظلم وتصويب الأمور القضائية لتعود إلى طريقها القويم، باذلا كل جهده دون تمييز ولا تسييس ودون مواربة ولا محاباة”.
الدروع
بعدها تم تسليم عساف درعا عربون وفاء وتقدير للمفتي دريان. كما تم تسليم القاضي عويدات درعا آخر من صالون ابو رضا الثقافي.