خاص الهديل:
السباق بين المرشحين لرئاسة الجمهورية جهاد أزعور وسليمان فرنجية، يشبه القصة الشهيرة التي تتحدث عن السباق بين السلحفاة والأرنب؛ حيث أن الأخير نام على طريق السباق، ليقينه بأن السلحفاة البطيئة في حركتها، لن تصل إلى خط نهاية السباق إلا بعد حين، وذلك بمقابل أنه (أي الأرنب) يستطيع حسم السباق لصالحه متى أراد كون لديه قدرة على الركض تفوق قدرة السلحفاة مليون مرة.
…ولكن بحسب هذه الرواية التي يقرأها تلاميذ مدارس وزارة التربية المقفلة هذه الأيام، فإن السلحفاة البطيئة جداً تصل إلى خط نهاية السباق قبل الأرنب السريع جداً، والسبب في ذلك أن الأرنب أخذته “القيلولة”، فيما السلحفاة البطيئة، ولكنها المجتهدة، ثابرت وصبرت واستغلت كسل الأرنب، وكانت النتيجة أنها ربحت السباق معه.
..لأول وهلة، يتبادر للأذهان أن من يمثل دور الأرنب السريع، في السباق الراهن على رئاسة الجمهورية، هو سليمان فرنجية نظراً لكونه يحظى بدعم الثنائي الشيعي، في حين أن عدم توحد المعارضة على إسمه، جعلت جهاد أزعور يشبه السلحفاة في سباقه مع فرنجية.
..ولكن العبرة والمفاجأة والعقدة الموجودة في قصة السلحفاة والأرنب، والتي قد يكون لها مجال للتطبيق على السباق الراهن بين فرنجية السريع جداً بفضل دعم الثنائي الشيعي له، وبين أزعور البطيء جداً بسبب انقسام المعارضة، وعدم توحدها على دعمه، تكمن في إمكانية أن يفوز “السلحفاة أزعور” البطيء جداً، على “الأرنب السريع جداً فرنجية”، والسبب في ذلك يعود إلى أن فرنجية، والذين يؤيدونه، سوفوا الكثير من الوقت خلال اجتيازهم مسافة السباق؛ لظنهم أن منافس أبو طوني، سواء كان أزعور أو غيره، لن ينجح بالنهاية بالوصول لخط نهاية السباق الرئاسي قبل أبو طوني السريع جداً نظراً لكونه مؤيد من كتلة واضحة في دعمه وازنة في ثقلها، وهي الثنائي الشيعي؛ فيما أزعور وكل المرشحين الآخرين، محرومون من ميزة أن لديهم كتلة واضحة ووازنة وصريحة في دعمهم.
إن ما يثير الانتباه في هذا المجال هو عدة تطورات حصلت في خلال الأسبوعين الأخيرين، وجميعها تشي بأن تطبيقات مغزى القصة الموجودة في كيف أن السلحفاة سبقت الأرنب، سوف تتكرر مع سليمان فرنجية.. وهذه المعطيات يمكن تلخيصها بالتالي:
– ان عامل الوقت الذي كان يعتبر بمثابة “جنرال” قوي وذكي وحاسم موجود على رأس جيش فرنجية في معركة رئاسة الجمهورية؛ يبدو أنه (أي جنرال الوقت) بدل تموضعه؛ بحيث أنه انتقل للتموضع مع جيش المرشحين المنافسين له، والذين هناك إشارات إلى إمكانية أن يهبطوا فجأة بالمظلات الإقليمية والدولية وراء خطوط تقدم فرنجية؛ ما يؤدي إلى هزيمة فرصته بنيل الرئاسة من حيث أنه لم يكن يتوقع ذلك!!.
‐ والواقع أن تهديد واشنطن بفرض عقوبات على معرقلي إجراء الإنتخابات، هو تطور ليس في مصلحة فرنجية، الذي لا يزال يحتاج للمضي قدماً في “مناورة الرهان على الوقت” حتى تنضج طبخة اقتناع المسيحيين بأنه الخيار الوحيد للرئاسة، تماماً كما تم دفع المسيحيين للاقتناع في الإنتخابات الرئاسية السابقة، بأن عون هو الخيار الوحيد للرئاسة.
..وعليه فإن تهديد واشنطن بفرض عقوبات على معرقلي انتخاب الرئيس، سيدفع بمعظم القوى السياسية للعمل على تسريع إجراء الإنتخابات؛ وذلك في وقت أن فرنجية لا يزال بحاجة ماسة لتأجيل عقد الإنتخابات الرئاسية بعض الوقت، ريثما تنضج طبخة إيصاله إلى بعبدا.
إن زيارة الكاردينال الراعي إلى الفاتيكان وباريس قد أفادت – لو بالصدفة – محور داعمي فرنجية الراغبين بشراء الوقت لصالح تجميع أوراق إيصال أبو طوني إلى بعبدا؛ حيث أنه بات يمكن لبري أن يقول بوجه تهديد الأميركان بالعقوبات على المعرقلين، أن سبب تأجيله لفتح باب المجلس لعقد دورة انتخاب فخامة الرئيس، ليس العرقلة، بل انتظار الكاردينال الراعي لإنهاء اتصالاته الداخلية التي أعلن بعد عودته من الفاتيكان وباريس أنه سيقوم بها لخلق توافق داخلي على إنهاء الشغور الرئاسي..
والواقع أن حركة الراعي في هذه اللحظة تخدم فرنجية ولو حتى أن الراعي لم يقصد ذلك.. وأكثر من ذلك، فإن حركة الراعي التي تريد شراء وقت إضافي من أجل التوافق الداخلي على إسم فخامة الرئيس؛ أتت لتبني توازناً – ولو غير مقصود – بين المطالبين بمنح التوافق مهلة إضافية من الاتصالات، وهو أمر يخدم إستراتيجية إيصال فرنجية لبعبدا، وبين المطالبين بانتخاب فخامة الرئيس الآن، تحت ضغط التهديد بالعقوبات الأميركية، وهو أمر يخدم إستراتيجية إيصال أزعور أو مثيل له للقصر الجمهوري.
ويمكن القول أن حركة البطريرك هي أقرب من حيث طبيعة أدائها في هذه اللحظة، للمسار الفرنسي، فيما حركة باسيل تقترب من التناغم وليس التقاطع مع موقف واشنطن التي تهدد عن بعيد من تسميهم بمعرقلي الإنتخابات الرئاسية، من دون أن يعني ذلك أنها فعلياً تريد الاقتراب حالياً من الملف الرئاسي اللبناني..
والمعول عليه حالياً من قبل مؤيدي فرنجية، والمنتظرين لرؤية كيف ستميل الدفة، هو أن ينجح الكاردينال الراعي في جمع الطيف الحزبي اللبناني على فكرة النزول للبرلمان، لانتخاب رئيس متفق عليه من الجميع، أو للتنافس على مرشحين غير مستفزين للجميع.
وبالمقابل فإن المعول عليه من قبل “المعارضات” هو أن ينجح الأميركان بواسطة الضغوط والعقوبات، في توحيد المعارضة “ضد من وراء فرنجية”، وليس فقط “ضد فرنجية”!!.