الهديل

خاص الهديل: هل بدأ الحوار بين الفاتيكان ونصر الله؟!..

خاص الهديل:

إعلان المعارضة عن ترشيح جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، ليس كافياً لحسم السباق الرئاسي لمصلحته؛ ولكن هذا الإعلان كان كافياً لجعل جبران باسيل يتقدم خطوة باتجاه الدفاع بمواجهة حزب الله، عبر تموضعه في خندق ما يعد الترشيح المبدئي لأزعور، وجعلت حزب الله يتقدم أيضاً خطوة بالهجوم على المعارضة عبر إعلانه أن أزعور وأي مرشح غير فرنجية، هو بنظر الحزب “مرشح تحدي” لن يصل لرئاسة الجمهورية. 

الواقع أنه داخل منطق المعارضة التي رشحت أزعور أمس يوجد نقص فاضح، وأيضاً داخل منطق حزب الله الذي اعتبر أزعور مرشح تحدي يوجد نقص فاضح.

.. بالنسبة للمعارضة فإن حظوظ أزعور المؤيد من ٣٢ نائباً ليست أفضل من حظوظ ميشال معوض الذي انسحب لمصلحته، رغم أنه كان مؤيداً أيضاً من أكثر من ٣٢ نائباً. كما أن معوض بميزان الشفافية هو بلا شك أفضل من أزعور الذي رغم أنه ليس هناك ملفات فساد ضده، إلا أنه ليس بعيداً عن منظومة الفساد، كونه كان وزيراً للمالية خلال فترة تشارك أحزاب المنظومة السياسية في حكم البلد.. 

وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه، هو ما الحكمة في جعل معوض ينسحب لأزعور، طالما أن حزب الله اعتبر أزعور مثل معوض، “مرشح تحدي”؛ وطالما أنه لم يتضح بعد ما إذا كان باسيل لا يزال يستخدم إسم ازعور بلعبة مناوراته الانتخابية؛ وطالما أن جنبلاط لم يحسم بعد موقفه من دعم ترشيح أزعور!!. 

أما بالنسبة لحزب الله؛ فإن حارة حريك لا يمكنها اعتبار مرشح المعارضة هو مرشح تحدي لمجرد أن الأطراف الذي أيدته متفقة على معارضة ترشيح فرنجية.. واذا كان أزعور يستفز الثنائي الشيعي ما يجعله بنظرهما “مرشح تحدي”، فإن فرنجية أيضاً يعتبر مرشح تحدي كون الثنائي المسيحي غير المتجانس (القوات والعونيين) يعتبرانه مستفزاً لهما. 

وكل ما تقدم يشي بأمر أساسي وهو أن ترشيح أزعور لم يؤد إلى خلط الأوراق لصالح المعارضة، ولكنه بالمقابل أدى إلى إحراج نظرية حزب الله التي تروج لفرنجية من خلال القول أنه لا يوجد بمقابله مرشحاً متفقاً عليه من قبل جبهة نيابية وازنة. فأمس قالت المعارضة بلسان معوض أن أزعور هو مرشح ٣٢ نائباً قد ينضم لهم ٣٢ آخرين؛ وهو العدد المطلوب بالفوز فيما لو تأمن النصاب..

ولكن بالعمق فإن كل أحداث وتطورات أمس الخاصة بترشيح أزعور، لم تكن هي كل الحدث المسيحي أو جوهر الحدث المسيحي؛ بل أن الجزء الأهم من حدث الأمس المسيحي تبلور في مكان آخر وفي مناسبة أخرى، والمقصود هنا هو اللقاء الذي حصل أمس بين موفد بكركي وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. 

وأهمية وتمايز هذا اللقاء يمكن لحظهما من خلال زوايتين اثنتين: 

الزاوية الأولى تتصل بأن المطران عبد الساتر لم يكن فقط موفد الكاردينال الراعي إلى السيد نصر الله؛ بل كان أيضاً، وبشكل غير مباشر، موفد الفاتيكان إلى نصر الله..

لماذا؟

لأن زيارة عبد الساتر لنصر الله جاءت تنفيذاً لقرار أتى به الراعي من الفاتيكان، ومفاده فتح حوار مع كل القوى اللبنانية لإنتاج تسوية رئاسية، وبالأخص مع حزب الله..

وكان لافتاً في هذا المجال أن أول خطة اتصالات بكركي الموصى بها من الفاتيكان، بدأت أمس بحزب الله. 

الزاوية الثانية هو استقبال نصر الله شخصياً عبد الساتر لخوض حوار معه.. وهذا يعني أن مادة الحوار بين بكركي وحارة حريك عميقة، ولها علاقة بهواجس الفاتيكان المسيحية وليس فقط بوساطة بكركي الرئاسية.

..وعلى هذا يمكن القول أن مشهد زيارة البابا قبل أشهر للمرجعية العراقية السيد على السيستاني، كان له تتمة أمس بلقاء نصر الله مع موفد بكركي المرسل من الكاردينال الراعي العائد للتو من الفاتيكان ومعه توصية بفتح حوار مع السيد حسن نصر الله.. 

قد يكون هناك حاجة لانتظار نتائج لقاء أمس الذي هو بالشكل لقاء بين بكركي ونصر الله، ولكن بالعمق يمكن اعتباره حواراً غير مباشر بين نصر الله والفاتيكان..

Exit mobile version