أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عدم توافقه “مع الرأي القائل إنه بعد ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور إلى رئاسة الجمهوريّة سنشهد المزيد والمزيد من التصعيد الذي من الممكن أن يصل إلى ما لا تحمد عقباه”، مستغرباً هذا الكلام.
وأضاف في حديثٍ لـ “هلا لندن تي في” مع الاعلامي علي حمادة: “لا مبرّر للتصعيد، وسمعنا في اليومين الماضيين تصعيداً كلامياً كبيراً، ما هو الا مؤشر إلى أن فريق الممانعة لا يريد خروج الأمور عن سيطرته، وجُلَّ ما حدث هو أن هذا الفريق حين لمس حدوث أمر ما، من خارج توقعاته وسيطرته بدأ بالتصعيد مباشرةً”.
وحول اعتقاده أنهم استطاعوا تسجيل نقطة من الممكن أن تؤدي إلى إسقاط ترشيح فرنجيّة، علّق جعجع: “لا يمكننا قول ذلك، باعتبار أن الهدف ليس إلغاء ترشيحه بحد ذاته وكأن الأمور شخصيّة، وإنما نسعى إلى عدم البقاء في الجمود الرئاسي الراهن، وألا نفسح المجال أمام فريق الممانعة بإيصال مرشّحه، أياً يكن هذا المرشّح، وأن ننجح في التقاطع على”الاسم المقبول حاليا، الذي من الممكن السير معه نحو الأمام”.
وعمّا إذا كان قلقًا إزاء موقف “التيار” المؤيّد لترشيح أزعور على خلفية علامات الإستفهام الموجودة لديه حول التزام باسيل به، وعمّا إذا كانت زيارة الرئيس السابق ميشال عون إلى سوريا من الممكن زعزعة صلابة موقف “التيار”، قال جعجع: “منذ شهرين تقريباً كنا على مقربة من ترشيح أزعور، إلا أنه وبناءً على السوابق التي لنا مع “التيار” لم نكن مقتنعين بجديته في هذه المسألة حتى سماعنا الموقف العلني الذي وفي حال التراجع عنه سيدفع الثمن غاليًا، ولكن هذا لا يعني أننا يجب ألا نبقى متيقظين حتى اللحظة الأخيرة في ظلّ السوابق غير المشجّعة”.
أما بالنسبة لزيارة عون، فأعرب جعجع عن أسفه الشديد، سائلاً: “من الموجود في دمشق اليوم؟ فلو وجدت سلطة فعليّة تمثّل الشعب السوري لكنا تفهمنا هذه الزيارة، ولكنت حذوت حذوه، باعتبار أن سوريا دولة على حدودنا ومن المفترض أن تربطنا بها علاقات، إلا أنّ الواقع هو غياب النظام في سوريا.
واعتبر انه “في حال كانت هذه الزيارة تهدف الى اصلاح العلاقة مع فريق الممانعة فعندها كان يجب ان تأتي ضمن إطار حزبي ضيّق وليس في إطار علاقة بين دولة وأخرى لمصلحة الشعبين”.
أما بالنسبة لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة اعتبار أنّ ترشيح أزعور هو لتجمّع الأضداد، فتمنى جعجع وخصوصاً على “حركة أمل” أن تتحلّى بالحد الأدنى من المنطق في المواقف، فإذا كان هذا التجمّع بنظره “تجمّع أضداد او افرقاء متفاهمين” “شو فرقانة معا”، فنحن في صدد انتخابات رئاسية ومن حقكم تأييد او عدم تأييد هذا المرشح ولكن كيف تم التقاطع عليه وممن، فهذه المسألة ليست من شأن أحد.
وعن رأيه بمعادلة أنّ “معظم الكتل المسيحيّة ضدّ فرنجيّة ما يعني أنّ الكتل الشيعيّة ضد أزعور”، أجاب: “لنضع شخص سليمان فرنجيّة جانباً، ولكنه مرشّح الممانعة على الموقع المسيحي الأول الذي في العرف والمناخ السائد في لبنان منذ نحو الـ50 سنة، من الواجب الإستئناث برأي المسيحيين به، كما عندما يكون موقع رئاسة الحكومة موضع بحث فمن الطبيعي التوقف بالدرجة الاولى عند رأي الطائفة السنية، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على موقع رئاسة مجلس النواب بالنسبة للطائفة الشيعية”.
أما عن امكانية تحوّل هذا التقاطع على إسم أزعور إلى تفاهمات ومفاوضات أوسع، بالنسبة لـ”القوات”، فتمنى جعجع ذلك، ولكن “علينا التنبّه لمسألة مهمّة وهي أن كل ما رأيناه من باسيل طيلة السنوات الماضية معاكس لطريقة تعاطي “القوات” ونهجها ومنهجها ونظرتها لإدارة الأمور في الدولة، ولكن اذا استطاع فعلا باسيل تخطي كل هذه الأمور فلما لا، إلا أنني حتى اللحظة ورغم تقاطعنا على ترشيح أزعور، المس ان طرح باسيل الأساسي لا يزال كما هو كذلك مقاربته للأمور، وبالتالي لا يمكننا التفاهم”.
وعما إذا كان يخشى من أعمال مخلّة للأمن في الفترة الممتدة حتى 14 حزيران، لفت جعجع الى انه “بالعودة الى احداث الماضي فهناك خشيّة من هكذا أعمال، ولكن استبعد ذلك اذا أردنا الأخذ بعين الإعتبار المؤشرات الدوليّة والإقليميّة والمحليّة، الى جانب عامل إضافي لم يكن متواجدا في العادة وهو الجهود المضنية لقوى الامنية والجيش اللبنانيّ الامر الذي لن يسمح لأي فريق لبناني بالتعدي على فريق آخر”.
وإذ طمأن اللّبنانيين عن جهوزية الجيش في ضبط الأوضاع رغم ما شهدناه من مناورات لأطراف عديدة، رأى جعجع أنّ “المشكلة تكمن في وجود بعض الأطراف في البلد “يلي ما بتستحي”، فهناك حزب وضع ثقله في المناطق اللبنانيّة كافة ولم يتمكن من إيصال نائب واحد إلى البرلمان إلا أنه يقوم بالمناورات ويعتزم قتال إسرائيل”.
ولم يستبعد جعجع أن تكون الجلسة الـ12 “أنزع” من سابقاتها من خلال تعطيل النصاب في الدورة الأولى أو عدم حضور الجلسة من الأساس.
وأضاف، “هذه المرّة “رح نلحق الكذاب على باب دارو” ولا سيما أنّ الظروف متوافرة ولا داعي للمقاطعة ونحن أمام مرشّحين واضحي المعالم، يتمتّعان بالشروط المطلوبة ويحظيان بتأييد بعض الكتل، من هنا ضرورة التوجّه نحو جلسات إنتخابية مفتوحة حتى الوصول إلى النتيجة المرجوّة”.
واذ شدّد على أنّه ليس مطلوبًا أي أمر من الشركاء العرب والأجانب في الإستحقاق الرئاسي لأنّ هناك 128 نائباً تقع على عاتقهم مسؤوليّة إنجاز الإستحقاق الرئاسي، مؤكّدًا “أننا لسنا في صدد تنفيذ مشاريع بحاجة لإستثمارات ورؤوس أموال حيث نلجأ إلى أصدقائنا”.
وحمّل كلّ نائب في البرلمان مسؤوليّة الموقف الذي سيتّخذه من الآن حتى الأربعاء المقبل بمعنى أنه لم يعد يجوز التلطي تارة خلف الورقة البيضاء وتارةً أخرى بشعارات وأسماء غير جديّة.
ونفى جعجع ما يُشاع حول ان البعض ينتظر “كلمة السر” من الخارج باعتبار أن هذا الامر خطأ يجب تصحيحه، في هذه الدورة قبل غيرها.
وردًا على سؤال، اعتبر جعجع أنّ “منطق التوازن بين القوى يمكن تحقيقه عبر إرادة وطنيّة صلبة وصافية بامتياز، لأن الحل لا يكمن وفق “داوني بالتي كانت هي الداء”، فهل المطلوب اذا “حزب الله” يستعين بإيران مثلا أن نستعين بفرنسا؟ علمًا أن هذه المرّة انقلبت الأمور وقد استعان “الحزب” بإيران وفرنسا وحاول مع المملكة العربيّة السعوديّة، في وقت اننا نواجه هذه الظاهرة بإرادة وطنيّة صافية فقط”.
وعن بعض النواب الذين ينتظرون تدخلا من “المملكة” لمواجهة مرشّح “الثنائي”، أجاب: “القوات” من أكثر الأفرقاء الحاضرين في الأوساط العربيّة، لذا ثق بأنّ هذه الأوساط تنتظر إشارة منا بما يجب القيام به في لبنان، و”المملكة” أكّدت مرارًا أنها لا تريد التدخل في التفاصيل و”الزواريب الداخليّة”.
واشار الى أنّ “فرنسا لم تعد مندفعة كالسابق بدعم مرشّح الممانعة على أثر الزيارة التي قام بها غبطة البطريرك إلى باريس، ولن تقوم بأي خطوة في محاولة لتزكية ترشيحه، ناهيك عن وطأة إجماع المعارضة، الذي يضم إجماعًا مسيحيًا قلّ نظيره، من الأحزاب المسيحية وأكثريّة المستقلين باستثناء “الفرسان الأربعة”.
وكشف أنّ “البطريرك الراعي حمل معه الى الفاتيكان وفرنسا موقف الأكثريّة باعتبار أنّه وقبل سفره كان قد تبلّغ منا ومن “التيار” و”الكتائب” و”الأحرار” والنواب المستقلّين أنّ النائب ميشال معوّض أو النائب نعمت افرام أو الآخرين موقفهم الجديد”.
اما عما إذا كانت أبواب العالم العربي ستفتح امام لبنان في حال انتخاب أزعور، فرأى ان “الأمور ليست مرتبطة فقط بانتخابه إنما هناك خطوات اخرى اضافية كتشكيل الحكومة، ولكن يمكن اعتبار أننا بانتخابه رئيسا نكون قد سلكنا الطريق الصحيح”.
وحذّر جعجع من “الذهاب إلى هزّة أمنيّة “شو ما صار يصير” لانها لن تؤدي إلى حل، ولكن عندها يجب أن نعيد النظر بكل ما هو قائم، وأعني فيه ما أعنيه، وأنا لا اقصد هنا التفكير بصيغة لبنان الموحّد بل بصيغته من ضمن الوحدة، وهذا الأمر الطبيعي”.
وعن تأثير الفراغ الرئاسي على المواقع المسيحيّة التي ستصبح شاغرة، اعتبر أنّ “الأمر ليس مقتصراً على هذه المواقع فقط، إنما على المواقع كافة، فبالأمس طرح منصب مدير عام الأمن العام واليوم حاكميّة مصرف لبنان”.
وأسف جعجع لطريقة تعاطي “الثلاثي الحاكم”، “حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار”، مع هذه المسألة ولو تلطّى خلف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفي الغد سيأتي دور قوى الأمن الداخلي ومن بعدها قيادة الجيش. اذا هذه مسألة عامة تتعلق بالبلد ككل، ولا حل لهذا الموضوع الا من خلال انجاز الاستحقاق الرئاسي