خاص الهديل:
كان كمال جنبلاط حينما يحتدم الصراع بين الكتل النيابية والسياسية على تسمية رئيس للحكومة، أو على إعطاء الثقة للحكومة؛ يحزم أمتعته ويسافر إلى الهند، تحت عنوان أنه سيغيب هناك في رحلة طويلة غير معروف موعد نهايتها، وذلك لممارسة رياضة التأمل “اليوغا”.
وكان ينتج عن سفر كمال بك هذا، توقف كل العملية السياسية عن الحيوية، ووقوع البلد في حالة انتظار عودة كمال جنبلاط إلى لبنان غير معروفة التاريخ، لأنه من دون معرفة موقف المختارة الوازن من الأزمة المطروحة، يظل حلها ناقصاً وغير مكتمل.
..والواقع أن سفر وليد جنبلاط اليوم إلى الخارج، في هذه اللحظات التي تسبق عقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في ١٤ حزيران الجاري، فيه محاكاة من قبله “لسلوك السفر الهندي” الذي كان يمارسه والده خلال الأزمات المشابهة: فأبو تيمور ذهب في رحلته غير الضرورية للخارج، في وقت أن الداخل يريد بإلحاح معرفة ماهية قراره بخصوص ما إذا كان سيصطف إلى جانب جهاد أزعور المدعوم من المعارضة أو من “تقاطع المعارضات” كما يسميها نبيه بري(؟؟)؛ أم أنه سيختار في هذه اللحظة الاستراتيجية لتيمور، الاصطفاف مع صديقه بري وبشكل غير مباشر مع “حليف صديقه” السيد حسن نصر الله(؟؟)؛ أم أنه سيذهب “لخيار الورقة البيضاء” تعبيراً عن أنه سينأى بنفسه عن كل هذه المواجهة السياسية الداخلية التي تجري في الوقت الضائع، بحسب وجهة نظر موجودة في المختارة(؟؟).
وثمة في هذه اللحظة “انتظار حار” لعودة وليد جنبلاط إلى بيروت، سواء في عين التينة أو في ميرنا الشالوحي أو حتى في معراب.. وكل واحدة من هذه العناوين السياسية تنتظر عودة جنبلاط لسبب سياسي يختلف عن الأخرى.. فالرئيس نبيه بري – ومعه حزب الله – يريد معرفة موقف وليد جنبلاط في جلسة ١٤ حزيران، انطلاقاً من كون موقفه من أزعور أو من فرنجية سيتم احتسابه ليس عددياً بل ميثاقياً.
وبحسب وجهة نظر الثنائي الشيعي، فإنه إذا اقترع جنبلاط مع فرنجية فإن ذلك سيعني أن ترشيح فرنجية بات إلى جانبه “صوتين ميثاقيين اثنين”، هما كل الشيعة و٩٩ بالمئة من الدروز.. أما إذا صوّت جنبلاط بورقة بيضاء فهذا سيكون معنوياً لصالح فرنجية أكثر منه لصالح أزعور، لأن هذا النوع من التصويت سيعني أن جنبلاط غير مقتنع “بطبخة المعارضة الأزعورية”، وأنه مع إنضاج تسوية أخرى يرضى عنها الشيعية ولا تستبعد رأيهم.. أما اذا صوّت جنبلاط لصالح أزعور فسيعد تصويته هذا من وجهة نظر عين التينة بخاصة وحارة حريك، بأنه مشاركة من قبل المختارة بعزل الشيعة وفرض رئيس جمهورية عليهم!!.
..أما في ميرنا الشالوحي فهم ينظرون إلى تصويت جنبلاط من زاويتين إثنتين:
الأولى تتعلق بحسابات مناورة باسيل الأزعورية (نسبة لأزعور) التي تعتبر أن من أهدافها ليس فقط ضرب فرص فرنجية، بل أيضاً إحداث ثغرات استراتيجية في جدارات هياكل علاقات بري السياسية الداخلية العميقة، التي يُعتبر جنبلاط أحدها..
..وينظر باسيل فإنه في حال اصطفت المختارة إلى جانب أزعور، فهذا سيعني أن بري يقف على أرض غير صلبة في معركته لصياغة العهد الرئاسي الجديد بواسطة فرنجية.. وأن بري أصبح في مرماه هدف باسيلي استراتيجي نظيف.. ومن هنا يمكن ملاحظة كيف أن بري تقصّد الحديث العلني مؤخراً عن أنه لا يتوقع أن يقف جنبلاط مع أزعور متناسياً مصالحه الاستراتيجية مع الثنائي الشيعي!!.
النظرة الثانية لميرنا الشالوحي بخصوص المختارة، تتعلق بأنها تريد رؤية جنبلاط يلتحق لأول مرة بخيار سياسي استراتيجي يعود الفضل في صياغته لباسيل..
والواقع هناك أهمية لموقف جنبلاط في جلسة ١٤ حزيران؛ لأن موقفه سيؤشر لموضوع “لمن سيدير الدروز ظهرهم، ولمن سيمد الدروز يدهم خلال الفترة المقبلة؟؟؟: للثنائية الشيعية أم لتقاطع المعارضات المسيحية؟؟”.