الهديل

الجيش وقائده فوق كل اعتبار

 

 

كتب عوني الكعكي:

عانى الجيش اللبناني وقيادته الأمرّين بسبب منعه من بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وكان ذلك منذ توقيع «اتفاق القاهرة» الذي أعطى الحق للمقاومة الفلسطينية بالدفاع عن المخيمات الفلسطينية. هذا أولاً… والسماح للمقاومة بالقيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل وهذا ثانياً…

ونتيجة ذلك احتلت اسرائيل جنوب لبنان بالكامل، وطردت الفلسطينيين والجيش الذي كان موجوداً مع الإبقاء على جيش انطوان لحد، الذي كان تابعاً لها، وكان ذلك عام 1978، ونتيجة الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان وإقامة دولة سعد حداد أصبح الجيش خارج الجنوب ومعه الفلسطينيون.

لم تكتفِ اسرائيل بذلك، بل قامت بعملية عسكرية واسعة امتدت الى مشارف العاصمة بيروت، وبقيت العاصمة محاصرة 100 يوم من البحر، ومن بعبدا، ومن الجو، والجيش الاسرائيلي، كما ذكرنا، حاصر بيروت وأعلن انه لن يوقف الحرب حتى تخرج المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها قائدها الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وجيشه… وبالفعل تم الاتفاق على خروج المقاومة من بيروت ومن لبنان في ذلك العام، ودخلت اسرائيل الى بيروت وارتكبت أكبر مجزرة في تاريخها وفي التاريخ الحديث من مذابح مخيمات صبرا وشاتيلا.

بعد خروج المقاومة الفلسطينية واحتلال اسرائيل بدءاً من بيروت الى الجنوب نشأت المقاومة، وبالفعل أسرعت الدولة الاسلامية الايرانية لتبني هذه المقاومة، وأنشأت حزباً سمته «حزب الله». ومنذ عام 1983 قامت إيران بدعم الحزب الذي أنشأته، وأعطته السلاح والمال… كما يذكرنا دائماً الامين العام للحزب بأنّ سلاحه وأكله وشربه ورواتبه وصواريخه كلها تأتي من إيران…

بقيت الحال على كرّ وفرّ بين المقاومة وبين إسرائيل حتى العام 2000، حين أعلنت إسرائيل قرارها الانسحاب الكامل من لبنان، وكان ذلك في 25 أيار من العام المذكور، عندما خرجت اسرائيل من لبنان قررت الحكومة اللبنانية إرسال الجيش الى الجنوب.

يومذاك قامت الدنيا ولم تقعد على «رأس الشهيد الرئيس رفيق الحريري»، واعتبر خائناً… وهكذا اضطر أن لا يرسل الجيش الى الجنوب.

ظلت الأمور حتى العام 2006، أي الى قيام إسرائيل بحرب جديدة على لبنان بسبب صاحب شعار «لو كنت أعلم»… هذه الحرب التي كلفت لبنان 5000 قتيل وجريح و15 مليار دولار خسائر… ومن ثم تم الاتفاق على وقف الحرب، وبموجب هذا الاتفاق دخل الجيش الى الجنوب حيث كان ممنوعاً عليه بموجب القرار 1559، وانسحب الحزب الى شرقي الليطاني.

وهكذا، ولأول مرة، يسمح للجيش اللبناني بأن يبسط سلطته على جنوب لبنان، بل على لبنان كله، باستثناء المناطق التي يوجد فيها الحزب الذي رفض تسليم سلاحه بحجة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

وتتابعت الأيام الى يومنا هذا، حيث قام قائد الجيش العماد جوزاف عون قبل أيام بزيارة مكتب أمن الضاحية في ثكنة هنري شهاب في حضور مدير المخابرات العميد الركن طوني القهوجي وعدد من الضباط.

هذه الزيارة عكست بالفعل جرأة القائد… وهي تأتي في ظل صراع على لقب رئاسة الجمهورية بات منحصراً -حتى الآن- بين مرشح الممانعة الوزير السابق سليمان فرنجية، ومرشح ما يسمّى بالمعارضة (أو القوى الأخرى) الوزير السابق جهاد أزعور.

ويبدو المشهد مأساوياً بالنسبة للبنان… إذ أن أيّاً من الطرفين -على ما يبدو- لا يستطيع إيصال مرشحه الى سدّة الرئاسة… ما سيحتم -منطقياً- إيجاد مرشح ثالث مقبول من الطرفين- وهنا تبدو حظوظ قائد الجيش العماد جوزاف عون كبيرة بعد إنجازات القائد ونجاحه في مهامه في قيادة الجيش في أشد الظروف قساوة.

ومن هنا أيضاً، تأتي بعض التهجمات على قائد الجيش، وحتى على الجيش نفسه، إبعاداً له وسدّ الطريق أمامه من الوصول الى بعبدا.

وأختم هنا لأقول: إنّ الجيش صلب قوي، وقائده حازم وحاسم، لذا، فليعلم الجميع أنّ الجيش وقائده فوق كل اعتبار.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version