خاص الهديل:
يمارس جبران باسيل لعبة ضرب طابات البلياردو الواحدة بالأخرى.. وهدفه من ذلك جعل خصومه يضربون بعضهم البعض كطابات البلياردو، وبالنهاية يسعى باسيل لجعل طابته لها صفة طابة الأمر الواقع؛ وهي الموجودة فقط على مسطح لعبة البلياردو.
صار واضحاً أن باسيل أسقط طابة ميشال معوض من خلال صدمها بطابة جهاد أزعور التي كان وليد جنبلاط أول من حذفها إلى داخل اللعبة.. وهو سيسعى يوم الأربعاء الانتخابي الكبير لإسقاط طابة سليمان فرنجية الخاصة بالرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله عبر صدمها بطابة أزعور التي صارت تمثل كل المسيحيين عدا فرنجية وتمثل كل الدروز ..
..وبعد ذلك سيسعى باسيل لإسقاط طابة أزعور ومعها القوات اللبنانية، عبر صدمها بطابة مرشح ثالث رابح، من سماته أن ترشيحه يلغي سمة التحدي عن معركة الرئاسة؛ ويكرس معادلة سحب أزعور مقابل سحب فرنجية؛ ويأخذ المعركة الرئاسية إلى نقطة إيجاد مرشح ثالث جدي وليس تكتيكياً (كزياد بارود أو لقائد الجيش)، حيث لا يكون عليه شوائب تحدي أو فساد..
إن اللعبة التي قام بها باسيل حتى الآن تقوم على صدم الطابات اللاعبة في استحقاق رئاسة الجمهورية، الواحدة بالأخرى من أجل تحييدها، توصلاً لجعل كل معادلة انتخابات رئاسة الجمهورية، تقع بالكامل في النهاية بين خيارين إثنين لا ثالث لهما؛ وهما “مرشح يريده باسيل” و”مرشح لا يريده حزب الله”. وباسيل سيستمر بلعبته هذه لغاية يوم الأربعاء الانتخابي الكبير، حيث بعد ذلك ستصبح كل طابات الترشيحات الحالية غير موجودة على مسطح لعبة البلياردو؛ وستبرز فوق المسطح طابة جديدة اسمها طابة المرشح الرابح الجديد الذي لا يستفز حارة حريك ولا يسميه الشيعي ولا يرفضه السنة أو التغييرين أو معظم المسيحيين.
ووسط كل هذه المناورات الباسيلية، وخلال الطريق إلى يوم الأربعاء، يبقى هناك سؤال هام يحتاج لعدم تأجيل الأجوبة عليه إلى ما بعد منازلة يوم ١٤ حزيران التي ستسفر عن ولادة “نتائج سياسية عميقة في العلاقات بين زعماء الطوائف”، وليس عن ولادة فخامة رئيس جديد للجمهورية:
..وهذا السؤال هو، هل فعلاً مناورة باسيل الجارية حالياً والذاهبة إلى محطتها الأولى يوم الأربعاء المقبل، ستؤدي فعلياً إلى عزل حزب الله داخل معادلة أحزاب الطوائف اللبنانية؟؟.
..وبكلام آخر، هل يشعر الثنائي الشيعي فعلياً أن لعب باسيل بورقة أزعور المؤيد ولو تكتيكياً من الميثاقيات المسيحية والدرزية، قلبت فوق رأسيهما طاولة امتيازات تفوقهما الداخلي، وجعلتهما يقفان وظهريهما للحائط؟…
الإجابة الأولى عن هذا السؤال لا بد أن تميز بين معنى مصطلح العزلة عند الطائفة الشيعية وبين نفس معنى هذا المصطلح عند المسيحيين أو الدروز.. فعند الشيعة ليس لهذا المصطلح نفس الوقع الضخم الذي يحدثه نفس معنى هذا المصطلح عند المسيحيين وبخاصة عند الموارنة، أو عند الدروز .. فهؤلاء الأخيرون تعني لهم العزلة الخطر والتهديد، فيما العزلة عند الشيعة لها معنى تاريخي لوجودهم الذي يعيش داخل فكرة مقاومة الحصار ..
وعليه فإن جملة الكلام الذي صدر مؤخراً عن “شيعة” بخصوص أن الشيعة يشعرون بوجود خطة لعزلهم”، إنما هو كلام يهدف من جهة إلى التهويل على كل الذين يصنعون معادلة رئاسية ضد معادلة فرنجية، ويهدف من جهة ثانية إلى شد العصب الشيعي..
أما الإجابة الثانية على نفس السؤال المطروح، فهي تتعلق بأن معركة التحدي الجارية حالياً، قد تكون أفضل مخرج حتى تنتهي جلسة عدم انتخاب أزعور يوم الأربعاء المقبل، بنتيجتين اثنتين:
النتيجة الأولى ستكون على شكل رسالة لسليمان فرنجية تقول له “كفى”.. وهنا يمكن لحزب الله أن ينزل عن شجرة ترشيح فرنجية من خلال أن يسبقه أبو طوني للنزول عنها.
والنتيجة الثانية ستكون على شكل رسالة موجهة لكل القوى السياسية للتلاقي على إسم ثالث لا يعتبره حزب الله تحدياً له من جهة، ويسميه من جهة ثانية المسيحيون أو الجزء الأكبر منهم..