الهديل

شاطئ صيدا غير صالح للسباحة… ما تحتويه المياه سيصدمكم!

 

تدفّق المياه الآسنة ومجاري الصرف الصحّي إلى البحر في صيدا، أعاد التلوّث إليه مجدداً. وقد تضافرت أسباب عدّة لذلك، ومنها تعطّل جزء من محطة تكرير الصرف الصحّي في منطقة سينيق جنوب المدينة نتيجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية، إضافة الى رمي النفايات وتساقط كميّات كبيرة من جبل النفايات والعوادم قرب معمل المعالجة الحديث.

قبل أيام قليلة، تفاجأ الصيّادون في حرم الميناء بنفوق أرطال من الأسماك، نتيجة تسرّب المياه الآسنة، وهي ليست المرة الأولى التي يشكو فيها الصيّادون من نفوق الأسماك، وخاصة الصغيرة منها. دقَّ نقيبهم نزيه سنبل جرس الإنذار من خطورة التلوّث المستمرّ، داعياً إلى المعالجة سريعاً. وحذّرت الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة تمارا الزين من أنّ «مياه بحر صيدا غير صالحة للسباحة»، مشيرة الى أن المقارنة بين دراستين أجريتا خلال سنتين على مياهه أظهرت ارتفاع عدد «المستعمرات البرازية» من 343 في كل 100 مليلتر، وهو ما كان يعتبر مقبولاً، إلى 505، ما يعني بحسب تصنيف منظمة الصحّة العالمية أننا وصلنا إلى مياه غير صالحة للسباحة».

وفي الإجتماع التشاوري الثاني حول توصيف الواقع البيئي واعتماد المؤشرات البيئية للمدينة الذي عقد في بلدية صيدا، فاجأت الزين المشاركين بمدى استفحال مشكلة النفايات في لبنان، حيث أفادت بأن دراسة جديدة للمجلس الوطني على عيّنات من الفضلات على الشاطئ ضمن مساحة مائة متر، أُخذت مرّتين في الشتاء والربيع، أظهرت تزايد كميّاتها، وخاصة البلاستيك بشكل كبير، علماً أن التوجّه العالمي هو نحو تقليص البلاستيك.

وإذ شدّدت الزين على أهمية معالجة مشكلة النفايات باعتماد الفرز من المصدر، وخاصة بموضوع البلاستيك، وتشجيع المبادرات الإبتكارية للشركات الناشئة لإيجاد حلول لهذا الموضوع، قالت: «من المهم جدّاً أن نلحظ وندخل الواقع البيئي والمعطيات المحلية في كلّ المؤشرات التي نعمل عليها، واعتبرت أنه لم يعد مقبولاً في بلد مثل لبنان، ونحن في العام 2023، أن لا تكون لدينا شبكة وطنية لقياس جودة الهواء تكون صيدا جزءاً منها». وشدّدت على «أهمية أن يكون هناك مسح لقابلية الطاقة المتجدّدة في المدينة، أو ما يسمّى «أطلس الطاقة المتجددة»، مشيرة إلى أنّ المجلس يعمل على تحقيقه.

ورغم مشكلاتها البيئية وتراكم النفايات وتلوّث مياه الشاطئ، لم تستسلم صيدا للأمر الواقع، وهي التي تفاخرت بأنها أول من أنشأت معملاً حديثاً لمعالجة النفايات الصلبة وأزالت الجبل وحوّلته حديقة عامة. لم يدم إنجازها البيئي طويلاً حتى عادت إلى المربّع الأول، والسبب الأزمة الاقتصادية وعدم قبض البلدية مستحقاتها المالية وقبلها عجز الوزارات المعنية، وخاصة البيئة، عن معالجة المشكلات سريعاً.

وبخلاف التعثّر، تخطّط المدينة للسير قدماً في خارطة طريق صيدا نحو مدينة مستدامة بيئيّاً، التي يتمّ تطويرها بالشراكة بين مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة «UNEP»، ووزارة البيئة وبلدية صيدا وبالتعاون مع المؤسسات العامة والخاصة والأهلية والأكاديمية والمنظمات الدولية. وتهدف إلى تحفيز التحوّل الأخضر في صيدا للتكيّف مع تغيّر المناخ من خلال المواءمة والتزام الأطر العالمية والمؤشرات العلمية للعمل من أجل المناخ. ويتبنّى المشروع نهجاً تشاركياً مع المؤسسات والخبراء والمجتمعات المحلية ينطلق من تشخيص الواقع البيئي للمدينة ضمن 7 قطاعات رئيسية هي «البيئة المبنية، الطاقة، الهواء، النفايات، المياه، التنوّع البيولوجي، الأرض».

ورأى رئيس البلدية المهندس محمد السعودي أنّ «ما شهده لبنان من أزمات تسبّب في تعثّر العمل البيئي كما البلدي. وقال إنّ «الموضوع البيئي نستطيع أن نحكي فيه بصوت عالٍ، لأننا نعرف ما هي مشكلتنا، لكن الوضع في لبنان عموماً يجعل الواحد لا يستطيع أن يحقّق كل ما يتمنّاه».

بينما اعتبرت النائبة السابقة بهية الحريري أن «خارطة الطريق التي نريد الوصول اليها هي عملية تشاركية. قد يقول البعض إننا نحكي عن آفاق متقدمة، بينما نعاني واقعاً بيئياً مأزوماً، لذلك فكلّ ثقافتنا بعملية المعالجة يجب أن تتغيّر ولا ينبغي أن تبقى كما هي، وإذا لم يكن هناك تعاون بين الجميع فلا يمكن الوصول إلى حلّ».

 

Exit mobile version