الهديل

خاص الهديل: باريس تغير أحصنة سياستها اللبنانية.. فهل بدلت موقفها من فرنجية؟؟..

خاص الهديل:

 

 

سفيرة فرنسا في لبنان “آن غريو” حملت أمس لوزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب خبرين إثنين؛ الأول أن الموفد الفرنسي الوزير جان ايف لودريان لن يصل إلى بيروت قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم الأربعاء؛ والخبر الثاني أن هناك سفيراً جديداً سيتم تعيينه في لبنان بدلاً منها، وهو سفير باريس الحالي في أنقرة هيرفيه ماغرو.. 

 

تريد “غريو” القول بلسان الاليزية لأبو حبيب ومن خلاله لبيروت وللقوى السياسبة اللبنانية، أن الرئيس الفرنسي ماكرون يعتزم تغيير “عدة عمله” في لبنان، ابتداء من الموفد الفرنسي وصولاً إلى السفير الفرنسي.

 

وتريد أخبار “غريو” هذه الإعلان عن أن ماكرون يستعد لوثبة جديدة في دبلوماسيته تجاه لبنان؛ ذلك أن قيامه بتغيير عدة العمل المكلفة بتنفيذ سياسة الاليزية تجاه الأزمة اللبنانية، يعني أن الرئيس ماكرون غيّر أيضاً من موقفه الراهن تجاه كيفية التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي، وغيّر أيضاً خطة عمله لحل الأزمة اللبنانية.  

 

ولكن حتى هذه اللحظة يظل هذا التقدير عن أن ماكرون ذاهب لاتباع مواقف ومقاربات لبنانية جديدة، بدليل استبداله السفيرة غريو بالسفير ماغرو، واستبدال موفده القديم بموفد جديد مخضرم هو لودريان؛ هو مجرد استنتاج لا يوجد عليه دلائل عملية.

 

والواقع أن هناك قراءتين اثنتين للأسباب الكامنة وراء حملة التغييرات التي أجراها ماكرون خلال الأيام الأخيرة على “عدة عمله” في لبنان: 

 

..القراءة الأولى تقول أن الرئيس الفرنسي يريد إحداث صدمة نفسية للقوى السياسية اللبنانية عبر الإيحاء لها بأن باريس غيّرت أحصنة سياستها اللبنانية لتجعل أدوات عملها متناسبة مع مستجدات طرأت لصالح امتلاكها القدرة لممارسة سياسة ذات فعالية أكبر في لبنان وتجاه لبنان.

 

وأصحاب هذه القراءة يقولون أن ماكرون بمواجهة تتالي مشاهد عدم نجاحه في لبنان، يريد بأية طريقة تحفيز الدور الفرنسي في هذه المرحلة، ليصبح له معنى المبادرة، وذلك بعد أن أصبح – أي الدور الفرنسي في لبنان – مستهلكاً، ويمر بحالة “ما دون المبادرة”، وواقع الترنح داخل توصيف أنه دور تجريبي يكرر فشله، وذلك في وقت بدأت تحل مكان، أو تسبقه أدوار أخرى، كالدور القطري الذي يقترب من مرحلة تحوله من تحرك استطلاعي إلى “مبادرة قطرية عربية أميركية” تجاه لبنان… 

 

وليس خافياً في هذا المجال أن ماكرون خسر عدة أوراق في سياسته اللبنانية خلال الأسابيع الأخيرة، كان أبرزها نقل مكان اجتماع الخماسية الدولية من أجل لبنان من باريس إلى الدوحة..

 

..أما القراءة الثانية فتؤكد أن ماكرون فعلياً بصدد انتهاج دبلوماسية أكثر فعالية تجاه لبنان؛ وهو يعتمد في ذلك على عدة معطيات: 

 

المعطى الأول يتعلق بتغيير مقاربة العمل الفرنسي في لبنان؛ وانتقاله على مستوى الاستحقاق الفرنسي من التمترس عند خيار فرنجية إلى إضافة خيار آخر هو زياد بارود.. 

 

المعطى الثاني الانتقال في العلاقة الفرنسية من مرحلة التأثر بتفكير حارة حريك إلى مرحلة التأثير على حارة حريك.. وهذه النقلة في التعامل مع حزب الله، هي التي حتمت اتخاذ ماكرون قرار الاستعانة بأحد مواهب الخارجية الفرنسية لودريان ليكون موفد الاليزية إلى متاهات الأزمة اللبنانية الشائكة.

 

وتجدر الإشارة بخصوص هذه الجزئية أن ماكرون متهم داخل أوساط الخارجية الفرنسية، بأنه في عهده أصبحت السياسة الفرنسية في لبنان متأثرة برؤية حزب الله للوضع اللبناني؛ فيما المطلوب أن تكون باريس (الأم الحنون) في لبنان هي المؤثرة وليست المتأثرة. 

 

المعطى الثالث الذي تتسلح به وثبة ماكرون الدبلوماسية الجديدة تجاه لبنان، يتمثل بأن باريس أبلغت الثنائي الشيعي قبل فترة أنه في حال لم يتم انتخاب فرنجية حتى موعد منتصف حزيران؛ فإن الاليزية ستكون معنية بالبحث عن خيار ثالث غير فرنجية.

وعلى الطريقة اللبنانية يمكن القول أن الخبر اليقين حول ما إذا كان ماكرون بدّل أحصنة سياسته في لبنان لأسباب معنوية ونفسية وإيحائية، أم نتيجة امتلاكه فعلياً معطيات مادية جديدة، سوف تظهر ما بعد يوم الأربعاء، حينما يأتي موفده الجديد إلى بيروت (لودريان) ويعرض ما لديه من أفكار!!.

Exit mobile version