الهديل

خاص الهديل: قراءة بالنتائج السياسية لجلسة ١٤ حزيران..

خاص الهديل:

 

 

انتهت جلسة ١٤ حزيران على النتائج السياسية الأساسية التالية: 

 

أولاً- يمكن وصف ما حدث خلال الجلسة على أنه “اشتباك” بين المرشحين أزعور وفرنجية، جرى بداخله حروب كبيرة بين عدة أطراف ومراجع سياسية: بين جبران باسيل وحزب الله، وأيضاً بين نبيه بري ووليد حنيلاط، وكذلك بين القوات اللبنانية وجزء من التغييريين، وأيضاً وأيضاً داخل الكتلة العونية النيابية وداخل كتلة التغيريين، الخ.. 

وقصارى القول بخصوص هذه الجزئية، أن الاشتباك الصغير، والذي كان معروف النتائج بشكل مسبق، جرى في جلسة ١٤ حزيران بين المرشحين أزعور وفرنجية؛ فيما الحروب الضارية ذات النتائج المستديمة أو طويلة الأمد، جرت بين مراجع سياسية كبيرة، وتفاعلت داخل الكتل البرلمانية الكبرى.. وعليه فإن كلاً من أزعور وفرنجية تحولا إلى مجرد ميدان لمعركة الكبار وكتلهم، ولم يكن سباقهما للرئاسة يعبر عن هدف جلسة ١٤ حزيران، بقدر ما كان السباق لإثبات الأحجام بين المراجع السياسية الكبرى، هو الهدف من عقد جلسة الأربعاء الانتخابية الكبير.

النتيجة السياسية الثانية التي أسفرت عنها جلسة ١٤ حزيران، تمثلت بإلحاق نوع من النكسة المعنوية بصورة “الإدارة السياسية الشيعية”، حيث انه لأول مرة ظهر أن بري غير قادر على جذب وليد جنبلاط ليأخذ خياراً يخدم استراتيجية الثنائي الشيعي الداخلية؛ كما أن حزب الله لأول مرة أيضاً فشل باحتواء حليفه جبران باسيل. 

ومن هنا فإن السؤال هو كيف سيتصرف جبران باسيل بعد ١٤ حزيران؛ هل سيعتبر أن عليه الذهاب لمتابعة الاشتباك السياسي مع حزب الله لثنينه عن ترشيح فرنجية لمصلحة مرشح ثالث، أم أنه سيعدل من خياره ومساره، ويعود مسلحاً بما حققه من أوراق رابحة في “جلسة الأربعاء الكبير”، ليعاود التفاوض مع حزب الله من موقع أفضل له… 

وبكل الأحوال فإن باسيل يوجد أمامه طريقان في هذه اللحظة؛ طريق العودة للتفاوض مع حزب الله، ولكن انطلاقاً من نقطة أن حارة حريك استوعبت قوة باسيل داخل الفعل السياسي المسيحي، وذلك بعد مناورته التي وحدت المسيحيين وراء ترشيحه لأزعور.. أما الطريق الثاني فهو الاندفاع قِدماً مع المعارضة المسيحية التي أصبحت موحدة، وذلك ضد استمرار الثنائي الشيعي بترشيح فرنجية!؟؟

ونفس هذا السؤال يمكن طرحه بشكل معاكس، وهو كيف سيتصرف حزب الله مع جبران باسيل بعد معركة يوم الأربعاء الكبير (؟؟): هل سيعتبر الحزب أن سقف ثقته بباسيل هبط إلى مستوى لم يعد يسمح لحارة حريك بالتعايش معه؛ أم أنه على الرغم من كل ما حصل بين باسيل والحزب، فإنه لا يزال هناك هامش من الثقة بباسيل لدى نصر الله(؟؟).

..كما برزت في جلسة ١٤ حزيران نتيجة سياسية ثالثة مهمة يجدر التوقف عندها وهي موقف كتلة الاعتدال الوطني التي تعبّر من أهدافها الوطنية عن الموقف السني الجديد الذي يعبّر بمناسبة الاستحقاق عن أن الطائفة السنية ليست في جيب هذا الفريق الشيعي ولا ذاك الفريق المسيحي، وأنها، كما قال أمس أحد النواب البارزين في هذه الكتلة محمد سليمان أن الكتلة ليست جزء من الاصطفافات الحزبية العامودية وأنها ستسمي (أي الكتلة) مرشحها في جلسة انتخاب الرئيس القادمة…    

أما النتيجة السياسية الرابعة التي أدت إليها جلسة ١٤ آذار، فقد تمثلت بظهور باسيل منتصراً على المستوى الداخلي، وذلك لأول مرة منذ العام ٢٠١٩.. لقد نجح باسيل أمس بتحقيق عدة نقاط:

النقطة الأولى هي أنه أوجد إجماع مسيحي على إسم مرشح (بغض النظر عن الأسباب الكامنة وراء فعلته هذه)، وبذلك أنهى التشرذم المسيحي الذي كان محل مآخذ لباريس على المعارضة التي لا تستطيع إنتاج وحدة جبهتها وراء مرشح واحد. وكان هذا الأمر هو السيب الرئيس الذي دفع فرنسا لتأييد فرنجية المرشح الذي يوجد خلفه كتلة صلبة تدعمه، بينما المعارضة غير موحدة وترشح عدداً من الشخصيات، وليست جدية في ترشيحاتها.. أما في جلسة ١٤ حزيران فإن مناورة باسيل بدعم ترشيح أزعور، أدت إلى جعل المسيحيين – ناقص فرنجية وبعض النواب المستقلين – متوحدين وراء مرشح واحد؛ وهذا الأمر سيقود باريس لاعتبار أن فرنجية لم يعد الخيار الوحيد القادر على خوض معركة انتخابية جدية، بل بات هناك خيارات أخرى. 

النقطة الثانية تتمثل بأن باسيل نجح ولو ولفترة مرحلية، في لملمة تكتله النيابي (كتلة لبنان القوي)، وجعله خلال استحقاق “يوم الأربعاء الكبير” يبدو موحداً تحت قيادته..  

والواقع أن كل هذه النتائج السياسية لجلسة أمس قد تكون عرضة لحصول انقلابات سياسية عليها أو ضدها في حال حصلت مفاجآت إقليمية غير متوقعة على شاكلة الاتفاق السعودي الإيراني الذي هبط على المنطقة من السماء الصينية!!.. بمعنى آخر لا تستبعد مصادر مطلعة أن تشهد المنطقة وبضمنها لبنان خلال هذا الصيف تحولات دولية وإقليمية كبيرة ومفاجئة في توقيتات حصولها، تؤدي إلى انفراجات من نوع إبرام أميركا وإيران اتفاقاً جزئياً يقود الأوضاع في لبنان والمنطقة إلى تسويات تهبط بالمظلة على الواقع السياسي المحلي.

 

Exit mobile version