الهديل

مع الذكاء الاصطناعي.. إلى هنا وصلت تقنيات كشف ما نفكر فيه

قفزات متسارعة تحققها تقنيات الذكاء الاصطناعي، باتت إحداها تهدد حق الإنسان في خصوصية وسرية أفكاره، وأن يصبح ما يفكر فيه بينه وبين نفسه عرضة للتجسس، بل وحتى ممارسة قرصنة إلكترونية عليها وتوجيهها من طرف آخر.

هذا الأمر كشفه تحذير من هيئة مراقبة البيانات البريطانية من وجود مساعٍ لتمكين الشركات من استخدام تقنية لقراءة الدماغ في مراقبة العمال أو توظيفهم، مع ما قد يترتب على ذلك من انتهاكات، إن لم يتم استخدامها بشكل صحيح، فهل حقا يمكن أن يحدث هذا قريبا؟

ما تم حتى الآن

الدكتور أحمد رسلان، أستاذ جراحات المخ الوظيفية وجراحة الأعصاب بجامعة أوريغون الأميركية، يوضح لـ”سكاي نيوز عربية” حقيقة المدى الذي وصلت إليه التكنولوجيا في قراءة أفكار الإنسان، وما تم استخدامه فيها بالفعل، أو ما يمكن أن تصل إليه:

حاليا يمكن التنبؤ بالمحتوي الفكري للإنسان عن طريق تحليل الموجات الصادرة عن الدماغ، لكن ليس بشكل محدد، بمعنى أنه يمكن التنبؤ بأن الإنسان يريد أن يأكل، ولكن ليس ممكنا التنبؤ بماذا يفكر أن يأكل.
من الممكن أيضًا التنبؤ بأن الشخص يفكر في الماضي، أو يحرك أحد ذراعيه، لكن كل هذا يستلزم وضع مستقبلات على سطح الجمجمة أو في المخ نفسه.
هذه المستقبلات لابد أن يكون هناك اتصالا قويا بينها وبين الدماغ للتمكن من قراءة الأفكار.
يمكن كذلك الآن التنبؤ بسلوك الشخص، ليس عن طريق قراءة الأفكار والموجات الصادرة عن الدماغ، ولكن عن طريق السلوك، كما يحدث من خلال الشركات التي تحلل سلوك المستخدمين على الإنترنت، لمعرفة المنتجات الأنسب لهم.
العقل يحتوي على حوالي 2 مليار خلية، وعلى مجموعة كبيرة جدا من الاتصالات التي تسمى “الوصلات العصبية” التي قد تفوق عدد الخلايا العصبية بألف مرة، وقراءة كل المحتوى الكهربائي والنشاط المسجل في جميع خلايا المخ أمر مستحيل حاليا.
بالطبع، يمكن قراءة بعض الأنشطة الكهربائية لبعض الأماكن؛ وهو ما يساعد في التنبوء بالمحتوى الفكري، لكن ذلك يستلزم زراعة أجهزة داخل المخ، وزراعة هذه الأجهزة حتى الآن لا تتم إلا بغرض تعديل نشاط المخ من أجل علاج مشكلة؛ ولذلك فإن الحديث عن قراءة الشركات لعقول الموظفين أمر مستبعد؛ لأن الشركات لا تستطيع إجبارهم على زراعة الأجهزة.
كل ذلك يطرح تساؤلات بشأن إمكانية تعديل السلوك عن طريق التنبيه الكهربائي بالمخ، الإجابة نعم يمكن ذلك، لكن فقط في الحالات المرضية المستعصية لتعديل سلوك غير سوي.
على سبيل المثال، يمكن زراعة جهاز لمرضى الوسواس القهري لتغيير الإحساس بالرغبة في عمل شيء ما، ولكن يبقى هذا التغيير ليس تغيير مباشرا للإرادة الحرة.
أيضًا يمكن معالجة الاكتئاب، لكن ليس عن طريق التغيير المباشر للشخصية، وكل هذا يتم تحت أطر أخلاقية واضحة، وعن طريق توعية المريض وأهله بأهمية ودواعي هذا العلاج.
ضرورة التقنين

النقطة الأهم، وفق رسلان، هي أن التكنولوجيا دائما تسبق التقنين، مثل التقنية القادمة التي تتعلق بقراءة المخ بزرع وسائط فيه فيه كما تخطط شركة “نيورالينك” أو غيرها.

وسط هذه القفزات، لابد من وجود أخلاقيات وقوانين تحدد من يمتلك المعلومات التي تصدر عن المخ، ومن يمتلك حق الدخول على الجهاز المزروع، وماهي إجراءات الأمان حتى لايتم تهكير هذه الجهاز، وكيف يمكن حفظ هذه المعلومة وطريقة تحليلها.

إن لم يحدث هذا، سيكون عقل الإنسان عرضة لشركات التنصت؛ ما يناقض حق من حقوق الإنسان، وهو حق ملكية الأفكار وخصوصيتها.

 

Exit mobile version