عاد ملف فواتير الكهرباء في مخيمات النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلى واجهة الاهتمام مجدّداً، بعدما طرحه وزير الطاقة والمياه وليد فياض في جلسة الحكومة الأخيرة، معلناً أنه ليس المطلوب من اللبنانيين أن يغطّوا كلفتها وعلى كل طرف أن يغطي كلفة استهلاكه.الجلسة الحكومية استتبعت باجتماع في السراي الحكومي برئاسة نجيب ميقاتي، وضمّ الجهات المعنية: الوزير فياض، مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان دوروتي كلاوس، رئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني باسل الحسن، وعدداً من المستشارين وممثلي الأمم المتحدة بالشأن السوري. وخلصالاجتماع إلى الاتفاق على تشكيل لجنتين فنيتين، الأولى تعنى بموضوع مخيمات السوريين لدفع المستحقات المتوجبة عليهم، واللجنة الثانية تعنى بموضوع اللاجئين الفلسطينيين التي عقدت أول اجتماع لها في مؤسسة كهرباء لبنان. بينما قال الوزير فياض: «سنعالج الأمور، ولا نزال حتى الآن إيجابيين ولا يُمكننا إعطاء الكهرباء في حال عدم تغطية الكلفة». وكالة «الأونروا»، التي تعتبر المسؤولة المباشرة عن البنى التحتية والخدماتية في المخيّمات، من جمع النفايات حتى تأمين الكهرباء، أكّدت مشاركة مديرتها كلاوس بالاجتماع، واكتفت بالتعليق أنّه سيتمّ تشكيل لجنة فنّية تضمّ ممثلين عن وزارة الطاقة والمياه و»الأونروا» ولجنة الحوار من أجل إيجاد حلول عملية ومقبولة من جميع الأطراف المعنية.
وتعدّ هذه الخطوة الأولى من نوعها إذ ستطال 8 مخيمات من أصل 12، حيث تدفع أربعة منها وهي مار إلياس والضبية في بيروت، نهر البارد والبداوي في الشمال، بعدما كانت تتغذّى من كهرباء الدولة من دون أن يدفع أبناؤها رسوماً منذ ما يُقارب العقدين من الزمن، حيث كانت الدولة تحصّل الفاتورة بواسطة مندوبيها قبل ذلك.وأضافت «سبق وأبلغت لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني وأعضاء اللجنة الوزارية اللبنانية المعنية بمعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين، هيئة العمل المشترك الفلسطيني (التي تعتبر القيادة السياسية الموحدة والمعنية بمتابعة كل قضايا المخيمات السياسية والأمنية والخدماتية والحياتية)، خلال اجتماع عقد في السراي الحكومي (23 تشرين الثاني 2022)، وأنه في حال لم تدفع سوف يتم قطع الكهرباء عنها».
وأكّد أمين سر «اللجان الشعبية الفلسطينية» في لبنان عبد المنعم عوض لـ»نداء الوطن» الاستعداد للتعاون» مع أيّ آلية تراها الدولة اللبنانية مناسبة لاستيفاء الرسوم المتوجّبة على استهلاك الطاقة في المخيمات والتنسيق مع وزارة الطاقة لتطبيق أي قرار يصدر عنها»، و»على التزام الجانب الفلسطيني موجبات الاستقرار والمصالح الحيوية اللبنانية واحترام السيادة والقوانين والاستقرار اللبناني بكل مندرجاته».
بالمقابل، لا تخفي أوساط فلسطينية «صعوبة في تطبيق الجباية على أرض الواقع رغم كل التعاون والتنسيق، إن لجهة تركيب عدّاد عام لكّل مخيم، ومن سيدفع الفاتورة، وكالة «الأونروا» أو منظمة التحرير الفلسطينية؟ وإذا قُسمت على الناس بالتساوي سيكون فيها ظلم بين مستهلك وآخر، أو لجهة تركيب عدّاد لكل منزل، إذ إنّ بعض المخيّمات ما زالت محكومة بمعادلة الأمن بالتراضي ولا يمكن إلزام كل أبنائها». ويقول مسؤول «دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية» فتحي كليب لـ»نداء الوطن»: «من حيث المنطق لا مشكلة في أن تتحمّل المخيمات نفقات استهلاكها للكهرباء، لكنّ المشكلة ليست بالقرار السياسي أو بموافقة اللاجئ الفلسطيني، بل بالآليات التقنية والفنية التي سيتمّ اعتمادها، حتى هذه اللحظة لا أحد يعلم الطريقة التي سيتم فيها دفع ما تستهلكه المخيمات من التيار الكهربائي، هل عبر عدّادات سيتمّ تركيبها على مداخل المخيمات كما حكي سابقاً، أو من خلال مبلغ مقطوع سيدفع من قبل «الأونروا» التي سبق وأن قالت إنّ هذه المسألة ليست من صلاحيتها، إضافة إلى المشكلة المالية التي تشكو منها».وأضاف كليب: «لكن في مطلق الأحوال، الأمور إيجابية رغم بعض المواقف الاستفزازية التي تطلق بين الحين والآخر وتسعى لتصوير المخيمات كونها خارجة عن القانون، لأنّ موضوعاً كهذا لا يمكن حلّه بقرارات إدارية. لكن المواقف الفلسطينية جميعها إيجابية في التعاطي مع هذا الملفّ، لكن يبقى القرار السياسي اللبناني والآليات التقنية المعنية فيها أولاً وقبل كل شيء هي مؤسسة كهرباء لبنان».يذكر أنه لم يسبق أن دفعت وكالة «الأونروا» أو «المنظمة» رسوماً عن كهرباء المخيم شهرية كانت أو سنوية، وبقيت تغذية المخيّمات بالتيار الكهربائي في السنوات الأخيرة مجّاناً على نفقة الدولة جرّاء واقعها الخاص، وأُعتبرت مساهمة منها في تخفيف المعاناة عن أبناء المخيم الذين يدفعون رسوماً عن باقي الخدمات، باستثناء المياه إذ يتغذّون من آبار خاصة بهم تشرف عليها «الأونروا».