انكشف عجز وزارة التربية في تأمين مراقبين للامتحانات الرسمية في منطقة جبل لبنان وبيروت. وظهر الأمر للعلن بعد تسريب فيديو للقاء من بعد عقده مدير عام وزارة التربية ومدير مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر مع أمين عام المدارس الكاثوليكية ومدراء مدارس منها، مساء أمس الجمعة. بدا الأشقر حانقاً على المدارس الخاصة وراح يتوعد بنقل طلابها إلى مراكز امتحانات خارج مناطق كسروان وجبيل والمتن. وكشف عن عدم تسجيل أي أستاذ أسمه في مناطق كسروان وجبيل.
المدارس الكاثوليكية تؤمن مراقبين
كان الأشقر مُطاعاً من المدارس في هذا اللقاء الذي دان فيه عدم إقدام أساتذة التعليم الخاص إلى تسجيل أسمائهم للمشاركة بالامتحانات أسوة بأساتذة التعليم الرسمي، الذي سبق وكشفت عنه “المدن”. فقد أثمر الضغط الذي مارسه الأشقر إقدام الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية على الضغط على إدارات مدارسها. وعلى الفور راسلت رؤساء ومديرات المدارس بكتاب قالت فيه: “نظرًا للحاجة الماسة الى مراقبين للامتحانات الرسميّة، خصوصًا في منطقتي بيروت وجبل لبنان. وبما أنّ مدارسنا الكاثوليكيّة هي الأكثر حضورًا في هاتين المنطقتين، بحيث أنّ مشاركتنا في عملية مراقبة الامتحانات الرسميّة تشكّل خدمة لتلامذتنا بالدرجة الأولى وضمانة لإجراء هذه الامتحانات. لذا أخذنا على عاتقنا تأمين هذا الموضوع عبر مشاركة حوالي 20 معلّم ومعلّمة من كلّ مدرسة من مدارسنا الكاثوليكيّة في المنطقتين المذكورتين (بيروت وجبل لبنان) في عمليّة مراقبة الامتحانات الرسميّة”.
في المقابل مددت وزارة التربية مهلة تسجيل أسماء الأساتذة لغاية يوم الخميس 22 حزيران وتعهدت المدارس الكاثوليكية بسد حاجة الوزارة بـ120 مراقباً لمنطقة بيروت و100 مراقب لمنطقة بعبدا و385 مراقباً لمنطقة المتن و330 مراقباً لمنطقة كسروان و50 مراقباً لمنطقة جبيل.
الأشقر يطيع المدارس بالأقساط
في موضوع تأمين الأساتذة للمشاركة في الامتحانات بدا الأشقر أنه مُطاع من المدارس الخاصة، بخلاف موضوع الأقساط المدرسية، التي يشكو منها غالبية أهالي الطلاب. ففي هذا الشأن لطالما كان الأشقر طيّعاً. فرغم المأساة التي ستخلفها الأقساط على قسم كبير من أهالي الطلاب لم يتحرك الأشقر، بصفته مدير مصلحة التعليم الخاص، لإلزام إدارات المدارس بموجبات القانون الذي ينظم عمل المدارس الخاصة ومنعها من تقاضي أقساطها بالدولار من خارج الموازنات المدرسية. علماً أن مصلحة التعليم الخاصة تستطيع بموجب القانون التدخل الفوري لمنع تقاضي الأقساط قبل وضع المدارس موازناتها وموافقة لجان الأهل عليها. لكنها مثلها مثل وزارة التربية لم تحرك ساكناً في هذا الشأن. بل سمحت للمدارس بفرض أقساط عشوائية أدت إلى إشكاليات بين إدارات المدارس وأهالي الطلاب.
انقسام الآراء حول الأشقر
تنقسم الآراء حول خطوة الأشقر مع المدارس الخاصة. البعض في لجان الأهل يعتبر أن تسريب الفيديو لم يكن عفوياً، لأن المقاطع المسربة هي للاجتماع مع المدارس الكاثوليكية التي تُعرف بالصرامة ولا يمكن لأي من المجتمعين الإقدام على هكذا أمر. ما يضع علامات استفهام حول التسريب الذي يظهر الأشقر بأنه ممسك بزمام الأمور وأنه كان يتلو أوامر اليوم على الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية وشخص رئيسها الأب يوسف نصر. بينما الوقائع على الأرض منذ سنوات تثبت أن الأشقر يطيع المدارس الخاصة.
أما البعض الآخر فيثني على خطوة الأشقر حيال تمادي المدارس الخاصة الذي لم يقتصر على فرض أقساط عشوائية بل عدم إلزام أساتذتها للمشاركة بالامتحانات. بل تريد التنعم بنتائج الامتحانات على حساب المدارس الرسمية التي لم يتعلم طلابها.
وتضيف هذه المصادر أن الأشقر، المتخوف على مصير الامتحانات الرسمية، شعر بخيبة أمل كبيرة من المدارس الخاصة، التي غضّت وزارة التربية طوال السنوات الفائتة النظر عنها بموضوع الأقساط، خصوصاً أنها تضم أكثر من سبعين بالمئة من طلاب لبنان. لكن بفعل انهيار التعليم الرسمي والتخوف من تسرب الطلاب إلى الشارع العام المقبل لم يعد أمام وزارة التربية خيارات كثيرة (تخفي وزارة التربية الأرقام للسنة الثانية على التوالي لأنها كارثية. وفي أحد الاجتماعات المغلقة مع المنظمات الدولية رفضت الاعتراف بأن النسبة في العام الحالي تجاوزت العشرين بالمئة). ففي حال استمرار اضطراب التعليم الرسمي وحيال غلاء الأقساط فإن التسرب من المدارس الرسمية ومن المدارس المجانية إلى الشارع محتم.
قرار قريب بشأن الأقساط؟
وإذ أثنت المصادر على تعامل الأشقر بالشدة مع المدارس بموضوع الامتحانات، لفتت إلى أن وزارة التربية بصدد إصدار قرار مطلع الأسبوع المقبل من شأنه وقف تعسف إدارات المدارس الخاصة بموضوع الأقساط. وإذ رفضت المصادر الكشف عن تفاصيل القرار، أكدت أن وزير التربية شخصياً سيتدخل بهذا الشأن لضبط أمور الأقساط إلى حين الاتفاق على مشروع قانون يقر بالمجلس النيابي.
في المقابل أكدت مصادر من المدارس الخاصة حضرت اجتماع عقد يوم الاثنين المنصرم بين وزير التربية وأصحاب مدارس خاصة ولجان الأهل، أنه تقرر تشكيل لجنة لمتابعة موضوع الأقساط. لكن لم ينته الاجتماع إلى أي قرار، بل جرى التداول بضرورة تعديل القانون 515 وذلك بعد بحثه في اللجنة. ما يعني أنه لا يمكن للوزارة التفرد في اتخاذ قرار من جانب واحد.
مصادر أخرى حضرت الاجتماع أكدت أن الأشقر تعامل بشدة مع أصحاب المدارس وسيتخذ قرار بشأن الأقساط. وهذا ما دفع المدارس الخاصة إلى الضغط على أساتذتها للمشاركة في الامتحانات لكسب ود الأشقر. لكن الأمور لم تعد تقتصر على الامتحانات بل على مصير العام الدراسي المقبل. فحتى المدارس الخاصة تتخوف من انفلات الوضع بعد رحيل حاكم مصرف لبنان. وفي حال لم تصل القوى السياسية إلى حلول بشأن إعادة انتظام عمل المؤسسات سينتهي الأمر بعجز جزء كبير من اللبنانيين عن تعليم أبنائهم العام المقبل.