الهديل

خاص الهديل: لودريان – العلولا – وموفد إيراني: أذرع الحل اللبناني الفولاذي..

خاص الهديل:

يصل غداً إلى بيروت الموفد الفرنسي لودريان في أول زيارة له للبنان بعد تعيينه موفداً للرئيس ماكرون بشأن ملفي لبنان والسودان.

..ما يميز لودريان هو علاقته القديمة بالدول الخليجية، وذلك عندما كان وزيراً للدفاع. وداخل فرنسا يسجل للودريان أنه آنذاك نجح في بيع أضخم صفقات الأسلحة الفرنسية لدول الخليج وبخاصة للسعودية، أما داخل منطقة الخليج فيسجل للودريان أنه مدافع قوي في فرنسا وأوروبا عن وجهة نظر السعودية بخصوص أزمات المنطقة.. 

ويراهن ماكرون على علاقة لودريان الشخصية بدول الخليج، وبالذات بالسعودية، وذلك من أجل إنشاء ثنائية فرنسية سعودية بشأن لبنان؛ ويتوقع مراقبون أن ينشأ خلال الفترة المنظورة ما يطلقون عليه حراك الموفدين المميزين المخضرمين في لبنان، وقوامه لودريان كموفد مميز عن ماكرون ونزار العلولا كموفد مميز من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. 

ووفق ما تسرب عن برنامج زيارة لودريان إلى لبنان؛ فإن الرجل قرر أن يبدأ بجولة استكشافية وليس بجولة تحمل مبادرة فرنسية لحل الأزمة الفرنسية. ويمكن بخصوص هذه النقطة تسجيل عدة ملاحظات:

الأولى أن لودريان يعتبر أن كل الجهد الفرنسي السابق تجاه حل الأزمة اللبنانية، لم يكن موفقاً وهو بحاجة إلى تغيير، سواء على مستوى تكتيكات التعاطي مع اللبنانيين أو على مستوى الأفكار المطلوب طرحها للحل..

وبخصوص تكتيكات التعاطي، فإن لودريان سيجتمع في قصر الصنوبر مع زعماء الكتل النيابية والأحزاب على انفراد، بدل أن يجمعهم حول طاولة واحدة كما فعل ماكرون. 

ويشي هذا الأسلوب أن لودريان سيتجه لإنشاء صفقة لحل أزمة الشغور الرئاسي تتكون من عدة صفقات.. بمعنى أن لودريان سيبني حلاً يقوم على جمع جزئيات مصالح الحد الأدنى لأطراف النزاع الرئاسي، وتركيبها لتشكل صورة واحدة.. 

وتقول معلومات ان لورديان سيعتمد المقاربة التالية: 

أ- استكشاف مصلحة كل طرف، ضمن مفهوم إعطاء كل طرف الحد الأدنى الذي يريده وإسقاط الحد الأعلى الذي يطلبه. 

ويراهن لودريان على أنه بهذه الطريقة يمكن تركيب صيغة حل مكونة من مطالب الحد الأدنى للأطراف، ولا تتضمن شروط الحد الأعلى المستفزة لبعضهم البعض. 

والتطبيقات العملية لهذه النظرية تقول أن جبران باسيل – مثلاً – يقبل بالحد الأدنى بجعله ناخباً كبيراً؛ ويرفض بالحد الأعلى انتخاب فرنجية؛ فيما حزب الله يقبل بالحد الأدنى الحوار مع باسيل؛ ويرفض بالحد الأعلى شرط إخراج فرنجية من حلبة التنافس. والنقطة المشتركة بين باسيل والحزب هو أن كليهما يستطيعان الاتفاق على مطلبي الحد الأدنى لديهما، وهو بالنسبة للحزب الحوار مع باسيل، وبالنسبة للأخير الحوار معه كناخب كبير.. أما مطلبا الحد الأعلى للطرفين فيمكن إسقاطهما وهما بالنسبة لباسيل التمسك بشرط مسبق للحوار وهو إخراج فرنجية من السباق الرئاسي، وبالنسبة للحزب التمسك برفض إسقاط ترشيح فرنجية كشرط مسبق للحوار.. 

إن الفكرة مع لودريان قد تقوم على وساطة تجمع أطراف النزاع الرئاسي لبدء الأمر المهم وهو الحوار بدل القطيعة.. ولكن الحوار الذي لا يمكن أن يبدأ إلا على أساس تبني الجميع مطالب الحد الأدنى لديهم، وقيام الجميع بإسقاط مطالب الحدود العليا التي يتمسكون بها في هذه المرحلة. 

الملاحظة الثانية تتعلق بإمكانية أن يعتمد لودريان في مسعاه اللبناني على شراكة مع السعودية؛ بحث يصبح الحل في لبنان له ثلاثة أضلع فاعلة: 

– الذراع التنفيذي الفرنسي الذي يقوم به لودريان الموفد الموثوق من قبل الخليجيين والمحترم داخل الوسط السياسي الفرنسي.. 

– الذراع القوي داخل لبنان وهو السعودية ممثلاً بموفد له مصداقية داخل الوسط اللبناني وهو نزار العلولا.. 

– الذراع الإيراني الفولاذي لكون له دالة على عقدة الحل والمشكلة في لبنان، أي حزب الله. 

والواقع أن قوة لودريان في مسعاه اللبناني ستقاس ليس انطلاقاً من قوة الدور الفرنسي دولياً وعربياً ولبنانياً؛ بل من قدرة لودريان على إثبات أنه قادر على إضافة لمسة إبداعية تنقذ المسعى الفرنسي من المراوحة في الصمغ اللبناني.. 

..ولا يستطيع لودريان إضافة لمسته هذه على مسعاه اللبناني، إلا إذا اتبع أسلوب جمع أطراف النزاع على مطالب الحد الأدنى لديهم؛ وهو أمر لا يمكن حصوله إلا إذا “استعان لودريان بصديق سعودي موثوق به”، ويتوقع أن يكون هذا الصديق السعودي هو نزار العلولا الذي يحظى بثقة ولي العهد والذي يعتبره اللبنانيون متمرساً بالوضع اللبناني؛ ويمكن أن تستكمل صورة القوة الكافية لمسعى لودريان المدعوم من موفد سعودي موثوق لجهة كفاءته وثقة الأمير بن سلمان به، في حال تم دعم مسعاهما من الطرف الإيراني، وذلك من خلال تدخل طهران لتليين موقف حزب الله، وجعله يتعامل بجدية مع لودريان كونه يحمل مبادرة فرنسية مدعومة سعودياً ولا تعارضها طهران..

والسؤال الأساس هنا هو: هل يستطيع لودريان جعل مسعاه يحمل كل هذه الدلالات الفرنسية والسعودية والايرانية؟؟..

Exit mobile version