خاص الهديل:
بعد مضي اليوم الأول من زيارته الساعية لحل أزمة الشغور الرئاسي، تجمعت لدى “موقع الهديل” من مصادر متقاطعة خمسة معطيات حول حقيقة طبيعة مهمته، وحول المنهجية التي يعتمدها لنجاح خطته، وحول الاقتراح الذي حمله لحزب الله..
وفيما يلي تفاصيل عن هذه المعطيات الخمسة التي تشكل مجتمعة ما يمكن تسميته بخطة لودريان لحل أزمة الشغور الرئاسي توصلاً لوضع لبنان على سكة الحل الشامل:
المعطى الأول يتعلق بمواصفات شخصية رئيس الجمهورية، حيث أضاف لودريان صفة رابعة على الصفات الثلاث التي كان سبق لبيان الثلاثية أن حددها مطالع هذا العام خلال اجتماع باريس..
والصفات الثلاث كانت تمثلت بأن لا يكون الرئيس عليه شبهة فساد وأن يكون إصلاحياً، ومقبول عربياً ودولياً.. أما الصفة الجديدة التي أضافها لودريان فهي أن يتم “انتقاء رئيس لا يؤدي انتخابه إلى انقسام سياسي عامودي في البلد”.
وواضح أن هذه الصفة تم إضافتها بالاستناد إلى العبر السياسية التي أنتجتها نتائج جلسة ٢٤ حزيران التي أثبتت أن المرشحين المتنافسين فرنجية وأزعور لا يملكان توافقاً لبنانياً عليهما؛ وأن كليهما يؤدي انتخابه إلى انقسام البلد عامودياً، في حين أن المطلوب أن يكون الاستحقاق الرئاسي مناسبة إلى توحيد البلد وليس انقسامه والى تحفيز الانطلاق نحو مرحلة جديدة.
المعطى الثاني مفاده أنه ليس صحيحاً أن لودريان يتبع أسلوب الاكتفاء بالاستماع إلى المسؤولين اللبنانيين في جلساته معهم، وذلك كما شاع قبيل زيارته؛ بل الصحيح أن لودريان يتبع تكتيك “طرح الأسئلة المركزة على محدثه؛ ومن ثم عدم قيامه بالتعليق المباشر على إجابات محدثه، بل استنباط سؤال جديد من خلال فحوى إجابات محدثه عن كل سؤال يطرحه لودريان عليه؛ وهكذا…
ويبدو واضحاً أن لودريان يريد من اتباع منهجية “المحقق” هذه أن يصل في نهاية زيارته إلى لملمة كل أجزاء المواقف اللبنانية المشتركة التي يمكن عبر تجميعها تركيب صورة للحل النهائي للأزمة اللبنانية من جهة، ورسم خارطة طريق لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي من جهة ثانية.
أما المعطى الثالث فهو ذات صلة بالمعطى الثاني، ويتعلق بمنهجية العمل التي يتبعها لودريان في سعيه لحل أزمة الشغور الرئاسي ومجمل الأزمة اللبنانية؛ وفحواها أنه – أي لودريان – يعتزم في نهاية زيارته للبنان كتابة تقرير عن تصوره النهائي للحل بحسبما استنتجه من محادثاته مع كل أطراف الأزمة اللبنانية، وسوف يرسله ليس فقط إلى الرئيس الفرنسي ماكرون؛ بل أيضاً إلى اللجنة الخماسية المعنية بحل الأزمة اللبنانية، والمشكّلة بالإضافة لباريس من واشنطن والرياض والقاهرة والدوحة.
ويريد لودريان من وراء إرسال تقريره عن الحل لكل هذه الجهات، جعل تصوره لا يعتبر فقط مجرد خارطة طريق فرنسية لحل أزمة الشغور الرئاسي، بل خارطة طريق دولية – عربية مشتركة لحل أزمة الشغور الرئاسي وأيضاً لحل الأزمة اللبنانية بمجملها.
ويراهن لودريان على أنه بعد ختام جولته في لبنان سوف يقوم برفع تقريره للجهات المشار إليها أعلاه؛ وعند موافقة هذه الجهات التي تتشكل منها اللجنة الخماسية، على تصوره للحل، فإنه حينها سيقوم بسلسلة زيارات مكثفة إلى لبنان مترافقة مع زيارات مكوكية لدول في المنطقة بهدف تنفيذ الحل الدولي العربي للأزمة اللبنانية وبضمنها لأزمة الشغور الرئاسي.
المعطى الرابع الذي تسربت أيضاً لـ”موقع الهديل” معلومات عنها يفيد التالي: أن لودريان سيلتقي حزب الله وسوف يعرض أمامه وجهة نظره التي تقول أن “المطلوب رئيس يوافق عليه حزب الله، وليس بالضرورة رئيس يسميه حزب الله”.. ويعني هذا الطرح نوعاً من التراجع الواضح من قبل باريس عن دعمها لترشيح فرنجية؛ ويعني أيضاً إقرار باريس بأن وقائع جلسة ١٤ حزيران أثبتت أنه يوجد خيار آخر غير فرنجية يمكن ترشيحه، ويمكن أن يحقق توافقاً لبنانياً عليه.
المعطى الخامس يفيد أن لودريان أصيب بالقلق أمس بعدما سمع مضمون تصريح السفيرة الأميركية شيا التي تقصدت أن تضمنه رؤية واشنطن لمواصفات رئيس الجمهورية، والتي أوردها تصريح شيا بصيغة أنها شروط أميركية تضعها على عملية انتقاء شخصية فخامة الرئيس..
وهذه المواصفات حسب بيان شيا هي ثلاث:
رئيس يضع مصلحة لبنان أولاً؛
رئيس لا شبهة فساد عليه؛
رئيس لا يخضع لتأثير خارجي..
والواقع أن سبب قلق لودريان لا ينبع فقط من مضمون البيان التي أدلت به شيا، بل من توقيت إصداره؛ حيث أن مجرد أن تعلن واشنطن أن لها شروطاً على مواصفات فخامة الرئيس، في نفس اليوم الذي يبدأ فيه لودريان مسعاه في لبنان، فإن هذا التصرف الأميركي لن يساعد مهمة لودريان، بل سيعيق عمله خاصة مع حزب الله الذي سيعتبر أن كلام شيا موجه ضده ما سيدفعه لتشدد بالتفاوض مع لودريان، وذلك تحت عنوان أن واشنطن تريد من وراء طرح شروطها بخصوص شخصية فخامة الرئيس، في نفس الوقت الذي يتفاوض فيه لودريان مع حارة حريك، هو الضغط على الأخيرة ومحاولة إخضاعها لمطالب واشنطن..
وهناك حول لودريان مَن تساءل ليل أمس عما إذا كانت إدارة بايدن تكرر نفس لعبة إدارة ترامب في تخريب المبادرة الفرنسية في لبنان؛ حيث كان ترامب يتقصد توقيت فرض عقوبات على شخصيات لبنانية فاعلة؛ كلما كان هناك حراك فرنسي في لبنان لحل أزمة تشكيل الحكومة؛ واليوم تتقصد خارجية إدارة بايدن جعل شيا توقت إصدار لائحة المواصفات المقبولة من واشنطن لرئيس الجمهورية، مع يوم وصول لودريان إلى بيروت وبدء مسعاه للتوسط بموضوع إنهاء الشغور الرئاسي!!. والهدف الأميركي من ذلك إرباك الموفد الفرنسي والقول للجميع أن قرار الحل والربط بخصوص أزمة لبنان موجود في واشنطن وليس في باريس..