الهديل

المطران عودة: ماذا يؤخّرُ انتخـاب رئـيـس لـو صفت النيّـات وصدقت الأفـواه؟

 

 

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأورثوذكس المطران الياس عودة خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس – بيروت، وألقى عظة بعد قراءة الإنجيل المقدس، سأل فيها “ماذا يؤخِّرُ انتخـابَ رئـيـسٍ لـو صَفَتْ النيّـاتُ وصَدَقَتْ الأفـواه؟”.

أضاف: “ألـيـسَ ضَـروريـاً وجـودُ رئـيـسٍ لـديـه رؤيـةٌ واضـحـةٌ لإنـقـاذِ مـا تَـبَـقّـى مِـنْ هـذا الـبـلـد؟ ألا يَـمـنـعُ وجـودُ رئـيـسٍ وحـكـومةٍ مـسـؤولـةٍ اتـخـاذَ قـراراتٍ مُتَسَرِّعـةٍ وأحـيـانـاً مُـسـيـئـةٍ، خـاصةً إذا كـانـتْ تـطـالُ مـجـالَ الـتـربـيـةِ الـذي تَـراجَـعَ فـي الـسـنـواتِ الأخـيـرةِ وهو بـحـاجـةٍ إلـى إصـلاحٍ جَذريّ وقَراراتٍ حكـيـمـة؟”.

يـا أَحِبَّـة، نَحْـنُ نَفْتَقِـرُ فـي بَلَـدِنـا إلـى العُيونِ البَسـيطَة، بَدْءًا مِن المَسؤولـيـن، وُصـولًا إلـى بَعْـضِ فِئـاتِ المُجْتَمَـع. فالمسؤولون عُيـونُهُـم شـاخِصَـةٌ إلـى أمـاكِـنَ عَـديـدَةٍ مـا عَـدا الـوَطَـن. عُيـونُهُـم فَقَـدَتْ بَسـاطَتَهـا مُـذْ قَـرَّروا النَّظَـرَ إلـى مَصـالِحِهِـم الشَّخْصِيَّـةِ، وإلـى زُعَمـاءِ طَـوائِفِهِـم وأَحْـزابِهِـم وجَمـاعـاتِهِـم، ورَذَلـوا الأَهَـمَّ، أَي خَلاصَ الـوطـنِ وأَبنائِـه. كـذلك، كَثيـرونَ مِنَ الـمواطِـنـين قَـرَّروا أَنْ يَفقُـدوا بَسـاطَةَ عُيونِهِـم، وأَنْ يَنظُـروا إلى جُيـوبِهِـم عَلـى حِسـابِ إِفقـارِ أَخيهِـم فـي الإِنسـانِيَّـةِ والـوَطَـن. حَبَّـذا لَـو يَكـونُ اللهُ والـوَطَـنُ الهَـدَفَيْـنِ الأَسـاسِيَّيْـنِ أَمـامَ عُيـونِ المَسـؤوليـنَ والشَّعـب، لكـانوا تَـخَـلّـوا عَـنْ أنانـيـاتِـهـم وكِـبـرِيائهـم وقـاموا بواجـباتِهم، ولَكُنَّـا نَـعيشُ فـي جَنَّةِ الفردوس.

بِسِياسـاتِهِم المُلْتَـوِيَـة وَوُعـودِهِـم غـيـرِ الـصـادِقةِ دَفَعَ المَسـؤولـونَ الشَّعـبَ إلى الإهتمامِ بِتَـأميـنِ المَـأكَـلِ والمَشْـرَبِ والألْبِسَةِ والأَدوِيَةِ فـقـط، ما حَـدَّ مِـنْ تَطَلُّـعـاتِ الـشعبِ وتَـقَـدُّمِـه، وأَصـابَـه بضَياعٍ شَـديـدٍ أَبْعَـدَهُ عَـنِ الهَـدَفِ الأَسمـى، أي خَـلاصِ النَّفـسِ والاقْتِـرابِ مِـنَ الله. مـا الـذي يَمنعُ الـمـسـؤولـيـن مِنَ الإقـدامِ علـى إصـلاحِ مـا فَسُدَ؟ ماذا يؤخِّرُ انتخـابَ رئـيـسٍ لـو صَفَتْ النيّـاتُ وصَدَقَتْ الأفـواه؟ ما الـذي يَـمـنـعُ إنـقـاذَ هـذا الـبـلـدِ لو كـانـتْ الـعُيـونُ بـسـيـطـةً والـعُقولُ نَيِّرةً والـقلـوبُ مُنفَـتِـحـةً؟ مُشكلتُنـا الـكـبـرى هـي نَقْصُ الـمـحـبّـةِ وقِلَّةُ الـمـسـؤولـيـةِ وغِيـابُ الـقـرار. ألـيـسَ ضَـروريـاً وجـودُ رئـيـسٍ لـديـه رؤيـةٌ واضـحـةٌ لإنـقـاذِ مـا تَـبَـقّـى مِـنْ هـذا الـبـلـد؟ ألا يَـمـنـعُ وجـودُ رئـيـسٍ وحـكـومةٍ مـسـؤولـةٍ اتـخـاذَ قـراراتٍ مُتَسَرِّعـةٍ وأحـيـانـاً مُـسـيـئـةٍ، خـاصةً إذا كـانـتْ تـطـالُ مـجـالَ الـتـربـيـةِ الـذي تَـراجَـعَ فـي الـسـنـواتِ الأخـيـرةِ وهو بـحـاجـةٍ إلـى إصـلاحٍ جَذريّ وقَراراتٍ حكـيـمـة؟ فَبـعدَ تَقزيـمِ الـمِـنـهـجِ التَعليمـيّ يـأتـي إلـغـاءُ الـشَـهـادةِ وإعطـاءُ الإفاداتِ كَضَـربَـةٍ قـاضِـيَـةٍ عـلـى مـا تَبَقّـى مِـنْ مُـسـتـوى الـتعـلـيـمِ الـذي كـان مَـفْـخَـرَةَ لـبـنـان.

الأنـانـيّـةُ المُسـيطِرَةُ عـلى النُفوسِ، والـتَـعَـنُّتُ والـمَصْـلَـحـةُ أفـسَـدَتْ عـلاقـاتِ الـبـشـرِ وحـيـاتَـهـم وأفْقَدَتْـهـم روحَ الـتَضحـيةِ وأعمَـتْهـم عـن رؤيَـةِ الـحـقـيـقـة. لـذلـك دَعـوَتُنـا اليَـوْمَ أَنْ نَعـودَ إلـى الـرَّبِّ خـالِقِنـا بـتَـوبـةٍ صـادِقـة، ونُلْقِـي عَلَيْهِ كُـلَّ هُمـومِنـا، لأَنَّـهُ الـوَحيـدُ القـادرُ عـلى انتشالِنـا مِنْ أَحْلَكِ الظُلُمات. عَلَيْنـا أَنْ نُـؤمِـنَ بِـهِ وَحْـدَهُ، ونَثِـقَ بِـأَنَّـهُ سَيُقيمُنـا مِـنَ الظـلامِ الَّـذي أَوْصَلَنا إِلَيْـهِ أَبْنـاءُ جِنْسِنـا، ويَـمـلأُ قـلـوبَـنـا نوراً وفَـرَحـاً، وهُـوَ الَّـذي صُلِـبَ مِـنْ أَجْـلِـنـا لـيُقـيـمَنـا مَعَـهُ إلـى حَيـاةٍ أَبَـدِيَّـةٍ لا تَـزول، آميـن”.

Exit mobile version